بعد 3 أيام على اغتيال القيادي البارز بـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني حسين صياد خدائي بقلب طهران، في ضربة أمنية وُصِفت بالأكبر منذ عام 2020 ويعتقد أن إسرائيل تقف وراءها، قُتل مهندس إيراني يدعى إحسان قدبيغي وأصيب آخر جراء حادث غامض، أمس، في منطقة بارشين، التي تضم مجمعاً عسكرياً يشتبه في أنه سبق لإيران أن أجرت فيه اختبارات تفجير قابلة للتطبيق في المجال النووي.

وأكدت وزارة الدفاع الإيرانية، دون الخوض في تفاصيل، وقوع «حادث صناعي» في أحد مراكز البحوث بالوزارة في «بارشين»، جنوب شرقي العاصمة طهران.

Ad

وقالت الوزارة، إن التحقيقات بدأت لمعرفة سبب وقوع الحادث بالمنطقة التي تشير تقارير غربية إلى أنها مكان لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ البالستية.

وأشارت تقارير إلى أن الحادث الجديد ناتج عن انفجار خلال تجربة بـمركز «بارشين» وهو محل خلاف بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ طالبت الأخيرة السلطات الإيرانية عدة مرات بالسماح لها بزيارة الموقع وسط اتهامات غربية لإيران بممارسة أنشطة نووية فيه، لكن طهران ظلت ترفض هذه الاتهامات وتعتبرها «مجرد مزاعم». وخلال السنوات الماضية، وقعت انفجارات في منطقة بارشين، كان آخرها يوم 26 يونيو 2020، ما أثار تساؤلات وتكهنات بشأن ما إذا كان الانفجار «عملاً تخريبياً»، لكن وزارة الدفاع الإيرانية عزته إلى انفجار مخزن للغاز، مشيرة إلى أنه لم يخلف ضحايا.

وتعرضت منشآت إيرانية أخرى، وخاصة النووية منها، إلى حوادث غامضة وعمليات تخريبية خلال السنوات الأخيرة، في مقدمتها منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم التي تعرضت لعدة عمليات تخريبية.

تسريب وغضب

وفي وقت تحتدم فيه الخلافات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة والغرب بشأن شروط استئناف العمل بالاتفاق النووي المقيد لطموحات طهران الذرية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، تسبب تسريب نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أمس الأول، عن إبلاغ إسرائيل واشنطن مسؤوليتها بشأن اغتيال خدائي الاثنين الماضي في إغضاب الأوساط السياسية والأمنية العبرية.

وبعد إقرار مسؤولين مطلعين بوقوف إسرائيل خلف اغتيال العقيد المسؤول عن برنامج تسليح الفصائل الموالية لطهران في سورية ولبنان وغزة بالمسيرات، سرت أجواء من الاستياء في تل أبيب، من التسريب الأميركي الذي جاء بعد ساعات من تسريب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت لاتخاذ الرئيس الديمقراطي جو بايدن قرارا بإغلاق نافذة رفع «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية.

وأوضح مسؤولون إسرائيليون للأميركيين، أن الغرض من الاغتيال كان تحذير إيران من أنشطة مجموعة سرية ضمن «فيلق القدس» المسؤول عن العمليات الخارجية لـ «الحرس الثوري»، والمعروفة باسم «الوحدة 840».

وفي أول رد فعل رسمي إسرائيلي، شدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في «الكنيست» رام بن باراك، على أن التسريب الأميركي قد يضر بالثقة مع الولايات المتحدة، داعيا واشنطن إلى التحقيق في التصريحات التي نسبتها «نيويورك تايمز» إلى مسؤولين أميركيين.

ونفى بن باراك ما ورد في التقرير الأميركي عن إعلان تل أبيب مسؤوليتها عن الاغتيال، لما لذلك من احتمالات على تأجيج التصعيد وردود الأفعال. يشار إلى أن تلك الوحدة التي يرأسها، سردار باقري، ظلت سرّية لسنوات طويلة قبل أن تبدأ بعض التقارير الإسرائيلية في الإشارة إليها.

جدية نووية

في المقابل، جدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، تأكيد بلاده أنها جادة في «الوصول إلى اتفاق نووي قوي ومستدام»، مشيراً إلى أنهم سيبقون باب الدبلوماسية مفتوحاً».

وأضاف عبداللهيان: «طرحنا مبادرة جديدة مؤخراً لإحياء الاتفاق النووي، وعلى الرئيس الأميركي جو بايدن وقف سياسة الضغوط القصوى».

وتابع: «العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مرتبط بعودتنا إلى الأنشطة الاقتصادية الدولية. يجب إظهار الاختلاف بين إدارتي بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب»، مشيراً إلى أن «سياسة الضغوط القصوى لا تزال قائمة».

محادثات السعودية

على صعيد آخر، وصف الوزير عبد اللهيان، أمس، التقدم الحاصل بالمباحثات الثنائية بين بلاده والسعودية بأنه «ضئيل، لكنه جيد»، مضيفاً أنه قد يلتقي نظيره السعودي فيصل بن فرحان قريباً في دولة ثالثة.

مصادر وتحذير

في هذه الأثناء، عادت تحركات واشنطن لمصادرة النفط الإيراني للظهور بعد أن خفتت منذ عام بالتزامن مع انطلاق محادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي.

وذكرت ثلاثة مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة صادرت شحنة نفط إيرانية منقولة على متن سفينة تديرها روسيا قرب اليونان، مضيفة أن الشحنة سترسل إلى واشنطن على متن سفينة أخرى.

في المقابل، حذرت طهران، اثينا من تسليم ناقلة النفط المحتجزة إلى واشنطن.

وقال مسؤول إيراني، إن تسليم النفط إلى أميركا مرفوض وستكون له عواقب، مؤكدا أن «عمل اليونان قرصنة ويتعارض مع القانون الدولي، لأن الشحنة كانت مشروعة ولا تخضع لعقوبات دولية». واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية، القائم بأعمال السفارة اليونانية لديها، لإبلاغه احتجاجها على مصادرة الحمولة.

احتجاجات جديدة

على صعيد آخر، تظاهر المئات من أهالي عبادان جنوب غربي إيران، ليل الأربعاء ـ الخميس، ورددوا شعارات مناهضة للنظام، ومقاول مشروع بناء متروبول المنهار.

وردد المتظاهرون في عبادان هتافات مثل «ارحل أيها الملا» و«عدونا هنا يكذبون ليست أميركا» و«کذب کذب عبد الباقي لم يمت» و«عبدالباقي يرتكب الجرائم والمسؤولون يدعمونه»، في إشارة إلى المقاول المسؤول عن الفاجعة التي أدت لوفاة 16 شخصا وفقدان نحو 50 تحت الأنقاض. کما هتف المحتجون ضد المرشد الإيراني علي خامنئي: «عفوا يا سيد خامنئي، حان وقت رحيلك» و«الموت للديكتاتور».