تناولت الجمعية الاقتصادية، في بيان صحافي، أزمة التضخم المستمرة، وقالت: منذ فترة والحكومة تواجه موجة غلاء الأسعار (نظرياً على أقل تقدير)، فقد بدأ التضخم فعلياً في أسعار الكثير من السلع والخدمات خلال فترة طفرة النفط، وتحديداً حدث في العقار منذ بداية تلك الطفرة النفطية عام 2003، وانتهت عام 2014، فأصبح حينها حدوث صفقات مليونية لمنازل السكن الخاص أمراً طبيعياً. وانتقلت العدوى للسكن الخاص المؤجر، والتي وصلت إلى أسعار خيالية قد تصل إلى نصف راتب الموظف.

وأضافت "الاقتصادية"، في بيان: نعي أنه مع تداعيات الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا التي تلقي بظلالها سلباً على كثير من الدول العربية، فإنّ ارتباط النظام الاقتصادي العالمي ببعضه لا يترك أي دولة بمنأى عمّا يحدث، لكنّ معدلات التضخم في الكويت سجلت ارتفاعاً غير مسبوق بنهاية الربع الأول من هذا العام، مدفوعاً بغلاء الأسعار في الأسواق العالمية وتبعته القفزة الكبيرة في الأسعار، وهو ما انعكس على الشأن المحلي.

Ad

المؤشرات الاقتصادية

وأشارت "الاقتصادية" إلى بيانات الإدارة المركزية للإحصاء الحكومية، فقالت إنها أظهرت أخيراً ارتفاعاً في المؤشر الشهري لأسعار الاستهلاك بنسبة 4.36 في المئة خلال مارس الماضي على أساس سنوي، في صعود لم تشهده البلاد سابقا، إلا أنها سجلت خلال فترة الجائحة معدل تضخم عند نحو 3.2 بالمئة، أي أنه أقل مما وصله اليوم.

وتابعت: تذكر بيانات الإدارة المركزية للإحصاء أن معدل التضخم للمجموعة الأولى التي تشمل "الأغذية والمشروبات" قفز 7.2 بالمئة، مقارنة بالشهر ذاته من 2021. وهذا ما يجعلنا أولاً في ريبة مما اعتبره صندوق النقد الدولي أن الأسعار المرتفعة في معظم أنحاء المنطقة العربية التي بدأت في الظهور منذ أشهر جراء الإغلاق الاقتصادي ثم تداعيات الحرب في أوكرانيا، باتت تشكّل الآن اختبارا حقيقيا لقدرة البنوك المركزية في المنطقة العربية للسيطرة على انفلات التضخم.

كما أوضحت أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية دفع التضخم الإجمالي في الكويت إلى أعلى مستوى له في 3 سنوات، نتيجة لمزيج من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية، المرتبط جزئيًا بانخفاض الدولار، وإطالة أمد مشكلات سلسلة التوريد وارتفاع الأسعار من قبل تجار التجزئة المحليين أثناء تمريرهم لأسعار شراء أعلى، وفي المقابل لا نرى أي دور يُذكر من السلطة التنفيذية ولا التشريعية، والتي نعتقد أن النظرة المستقبلية لأسعار المواد الغذائية لا تزال غير معلومة لصناع القرار.

مقارنات لدول الخليج

وأضافت: اللافت في الأمر أن نلاحظ من بين دول مجلس التعاون، أن الكويت والسعودية شهدتا تضخمًا في أسعار المواد الغذائية مع بداية عام 2020 على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية، وفي المقابل شهدت دول مجلس التعاون المتبقية، في الغالب، أسعارًا ثابتة للمواد الغذائية، والمستغرب من تلك البيانات أن معدلات التضخم السنوي في الكويت لتلك الفترة هي الأعلى مقارنة بالدول الخليجية، على الرغم من الدعم الحكومي لبعض المواد الغذائية الأساسية!

وأكدت، في الوقت نفسه، أن تلك الدول، باستثناء الكويت، تحاول تقليل اعتمادها على الغذاء من خلال الاستثمار في الأراضي الزراعية والتكنولوجيا في بلادهم والدول الأجنبية، في حين أشارت دراسات كثيرة إلى أن الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني (سالك) استوردت أكثر من 350 ألف طن من القمح من أوكرانيا وكندا وأستراليا عام 2021، وهو ما يمثّل تقريباً 10 بالمئة من احتياجات البلاد.

وأردفت: وكذلك قامت "حصاد" (الذراع الزراعية لصندوق الثروة السيادي القطري) بشراء أراضٍ في السودان وأستراليا، ولديها خطط لاستثمار مئات الملايين من الدولارات في مشاريع زراعية بكينيا والبرازيل والأرجنتين وتركيا وأوكرانيا.

في الكويت

وذكرت "الاقتصادية": نسمع دائماً أن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية تعتزم الاستثمار في أراض زراعية بالخارج منذ سنوات، لكنها أصبحت كـ "الإسرائيليات لا نصدقها ولا نكذبها"، كما ذكر الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.

واستغربت صمت أهل العزم الذين اقتنعوا بمصلحة عامة، وآمنوا بطريق للإصلاح وتوكلوا وعقلوها من نواب مجلس الأمة بتفعيل دورهم التشريعي والانصياع للعبة الكراسي عن هموم الناس!

وما يجعلنا في حالة ريبة من أن الإجراءات الحكومية المحلية لن تجديَ نفعاً هو انكشاف الاقتصاد الكويتي الذي يلامس حدود 75 بالمئة، لتكون الكويت بذلك من أكثر الدول اعتماداً على الاستيراد في سد معظم احتياجاتها من السلع.

ونعتقد أنه يجب الذهاب لإجراءات أوسع تشمل مكافحة "ارتفاع تكاليف الموانئ وإجراءات التخليص الجمركي وتبعات النقص الكبير في مساحات المخازن والتخزين"، لذلك على الدولة تحمّل تكلفة أي زيادات مقبلة في أسعار السلع الأولية. فيما شهدنا في تقارير اطلعنا عليها أن العديد من السلع في الجمعيات التعاونية والأسواق ارتفعت بين 7.5 و28 بالمئة، وبات معها كل مواطن مطالباً بأن يدفع 28 ديناراً إضافياً على كل 100 دينار ينفقها.

شركة التموين

وحتى نكون في صفوف "أصحاب العزم"، فإننا نود أن تذهب الحكومة لما ذهب إليه رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية، وزير التجارة والصناعة الأسبق، فيصل المدلج، على أن تكون شركة التموين الكويتية هي محور الإجراءات الحكومية المتبعة لمحاربة الغلاء والتضخم.

لذا، أصبح من الضروري إعادة صياغة استراتيجية الأمن الغذائي والقومي فيما يخصّ التضخم ودخل الفرد، لأنّ ما يحدث هو مقبرة للطبقة المتوسطة، وهذه الشريحة هي العمود الفقري لأي اقتصاد محلي. وما نعانيه هو ترهُّل جهاز إداري لا تليق كفاءته بكفاءة المتغيرات الدولية التي تحدث في عالم الاقتصاد والسياسية والأمن الغذائي.

رسالة

وختمت "الاقتصادية" بيانها إلى كل وزير ونائب وضع مصلحة الكويت أمامه نقول: ليتنا نرفق بوطننا، فقد دفعنا ثمناً غالياً كشعب في اندفاعاتكم التي تحتاج إلى تروٍّ وحكمة أكثر.