استهل الائتمان المحلي العام الجديد بأداء قوي للغاية، إذ ارتفع بنسبة 3.2 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الأول من عام 2022، فيما يعد أسرع وتيرة نمو يشهدها منذ 10 سنوات على الأقل، مما ساهم في وصول معدل النمو على أساس سنوي إلى 8.7 في المئة في مارس الماضي، وشهد الائتمان المقدم لقطاع الأعمال نمواً قوياً، بينما ظل الإقراض الشخصي قوياً رغم تراجع معدل النمو.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، تحسن أداء الائتمان المقدم لقطاع الأعمال بنسبة 3.7 في المئة في الربع الأول من عام 2022، فيما يعد أسرع وتيرة نمو يسجلها منذ 10 سنوات على الأقل، مما ساهم في وصول معدل النمو على أساس سنوي إلى 4.5 في المئة في مارس.

Ad

وساهم في تعزيز الائتمان المقدم لقطاع الاعمال عدد من العوامل من ضمنها تعافي الأنشطة الاقتصادية مع رفع القيود المتعلقة باحتواء الجائحة، والطلب المكبوت على الإنفاق الرأسمالي نظراً لخفض الشركات نفقاتها الرأسمالية منذ تفشي الجائحة، إلى جانب تحسن البيئة التشغيلية بصفة عامة.

وسجلت أغلبية القطاعات نمواً قوياً، إلا أن قطاعات الانشاء والتجارة والنفط/ الغاز شهدت أداءً مميزاً بصفة خاصة، وشكلت مجتمعة نحو ثلثي معدل نمو الإقراض المقدم لقطاع الاعمال في الربع الأول من عام 2022.

أما بالنسبة للائتمان الممنوح للقطاع العقاري، والذي يعد أكبر عناصر الائتمان المقدم لقطاع الاعمال، فقد شهد نمواً ملحوظاً مسجلاً أعلى معدلات النمو منذ أكثر من عامين. وعلى أساس سنوي، احتفظ قطاعي النفط/ الغاز (+ 15.4 في المئة) والصناعة (+ 12.4 في المئة) بالصدارة.

الائتمان الشخصي

من جهة أخرى، تراجع نمو الائتمان الشخصي مقارنة بمستويات العام الماضي، إلا انه حافظ على زخمه وسجل أعلى معدل نمو على أساس سنوي منذ عدة سنوات بنسبة 14 في المئة في مارس. ويعزى هذا النمو القوي إلى تحسن وتيرة القروض الاستهلاكية والقروض السكنية، والتي نمت بنحو 15 و14 في المئة على أساس سنوي على التوالي.

وكان هناك عدد من العوامل الجوهرية التي ساهمت في النمو القياسي الذي شهده الإقراض الشخصي، من ضمنها استمرار الطلب القوي/ التقييمات المرتفعة لقطاع العقارات السكنية، وتأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض في فترة سابقة، واستمرار زخم الإنفاق الاستهلاكي، والحملات المختلفة (أحياناً بتقديم قروض بفائدة صفرية) التي أطلقتها العديد من البنوك لجذب عملاء التجزئة.

بالإضافة إلى ذلك، تعزز نمو الائتمان في الربع الأول من عام 2022 على خلفية تزايد نمو الائتمان لشراء الأوراق المالية، مما أدى إلى ارتفاع معدل النمو على أساس سنوي إلى 12 في المئة، فيما يعد أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ نحو ست سنوات.

وفيما يخص النظرة المستقبلية، من المرجح استمرار نمو الائتمان مع تلقي الدعم من خلال تعافي الأنشطة الاقتصادية، ورفع كل القيود المرتبطة بالجائحة، وارتفاع أسعار النفط ما يعزز مستويات الثقة، والتحسن المحتمل في وتيرة اسناد المشاريع، والطلب المكبوت فيما يتعلق بالنفقات الرأسمالية للشركات.

إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة، بالنظر إلى المسار المتوقع للمعدلات القياسية على المستويين العالمي والمحلي، قد يؤدي إلى اضعاف وتيرة النمو هامشياً فقط، إلا اننا نتوقع أن العوامل الداعمة النمو، كما أسلفنا الذكر، سيكون لها تأثيراً أعمق. إلا ان نمو الائتمان المقدم لقطاع الاعمال قد يتراجع في النصف الثاني من العام كما اعتدنا تاريخياً.

تعافي ودائع القطاع الخاص

في ذات الوقت، انتعش نمو الودائع المحلية بقوة في الربع الأول من عام 2022، مما أدى إلى تسارع معدل النمو على أساس سنوي ليصل إلى 4.8 في المئة في مارس، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى نمو ودائع القطاع الخاص في الربع الأول من عام 2022 بأسرع وتيرة منذ الربع الثاني من العام 2020، ما ساهم في رفع معدل النمو إلى 6 في المئة على أساس سنوي. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط، إلا ان الودائع الحكومية تراجعت في الربع الأول من عام 2020 وانخفضت بنحو 1 في المئة على أساس سنوي.

وبالنظر إلى توزيع ودائع القطاع الخاص بالدينار الكويتي، نلحظ نمو الودائع تحت الطلب وودائع الادخار بمعدل مماثل (بنحو 4 في المئة) في الربع الأول من عام 2022 للودائع لأجل الاكثر تكلفة.

وجاء نمو الودائع لأجل بعد ثلاث سنوات متتالية من التراجع المطرد، مما أدى إلى انخفاض تراكمي بنسبة 17 في المئة خلال الفترة الممتدة من نهاية عام 2018 إلى نهاية عام 2021. ومستقبلياً، فإنه نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، من المرجح أن يتراجع نمو الودائع تحت الطلب وودائع الادخار مقارنة بمعدل نمو الودائع لأجل، ما يعكس الاتجاه الذي كان سائداً خلال السنوات الثلاث الماضية.

وأدى انتعاش الودائع المحلية في الربع الأول من عام 2022 إلى استقرار نسبة القروض إلى الودائع عند نحو 95 في المئة بعد ارتفاعها من مستوى 88 في المئة الذي بلغته بنهاية عام 2020.

استمرار ارتفاع أسعار الفائدة

وتتبع بنك الكويت المركزي خطى الاحتياطي الفدرالي الأميركي في مارس ورفع سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس، إلا انه اتجه إلى تبني زيادة أصغر (25 نقطة أساس) عندما قام الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مايو.

ووفقاً لذلك، بدأ متوسط سعر الفائدة المرجح على القروض بالدينار الكويتي في الارتفاع في مارس كما يتضح من الرسم البياني رقم (5).

ونظراً لأن الاحتياطي الفدرالي سيواصل رفع أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام، فمن المفترض أن يستمر رفع سعر الخصم في الكويت، إلا انه ليس بالضرورة أن يتبع «المركزي» الكويتي رفع معدلات الفائدة الاميركية خطوة بخطوة.