يتوجّه الناخبون في لبنان، اليوم، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية التي تجرى كل 4 سنوات لاختيار 128 نائبا يشكّلون البرلمان اللبناني، في استحقاق يأتي وسط أسوأ أزمة اقتصادية بتاريخ لبنان الحديث، ووسط أزمة سياسية متعددة العناوين، بين التغيير ضد الطبقة الحاكمة، والتصدي لهيمنة حزب الله الذي يملك مع حلفائه الغالبية في البرلمان المنتهية ولايته على الحياة السياسية.

وقالت وزارة الداخلية اللبنانية، في بيان، إن مجموع الناخبين يبلغ 3 ملايين و746 ألفا و483 ناخبا موزعين في أنحاء البلاد التي جرى تقسيمها الى 15 دائرة انتخابية تضم نحو 7 آلاف مركز اقتراع.

Ad

ويتنافس في الانتخابات التي ستجرى ليوم واحد في كل المناطق اللبنانية 719 مرشحا مسجلين في 103 لوائح، وفق بيانات إحصائية.

وتتوزع الدوائر على المحافظات، حيث تضم محافظة بيروت دائرتين؛ الأولى 8 مقاعد وبيروت الثانية 11 مقعدا، ومحافظة لبنان الجنوبي وتضم 3 دوائر؛ بينها الجنوب الأولى 5 مقاعد، والجنوب الثانية 7، والجنوب الثالثة 11، ومحافظة البقاع التي تضم دوائر البقاع الأولى 7 مقاعد، والثانية 6، والثالثة 10، أما محافظة الشمال فتضم دوائر الشمال الأولى 7 مقاعد والثانية 11، والثالثة 10.

وتضم محافظة جبل لبنان أكبر عدد من الدوائر، حيث تضم 4 دوائر، بينها جبل لبنان؛ الأولى 8 مقاعد والثانية 8، والثالثة 6 والرابعة 13 مقعدا.

وكانت المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية اللبنانية قد أجريت يومي السادس والثامن الجاري للمغتربين اللبنانيين في 58 دولة حول العالم، وبلغت نسبة الاقتراع 60 بالمئة من 225 ألف ناخب مسجلين للمشاركة.

وفعلت دعوات المشايخ والأئمة في المساجد فعلها قبل يومين من الانتخابات النيابية. فقد تفاعل اللبنانيون وأبناء الطائفة السنّية تحديداً مع هذه الدعوات بشكل إيجابي، لجهة الذهاب إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم.

وقبل صلاة الجمعة وإطلاق هذه المواقف، كانت المؤشرات واضحة في حماسة اللبنانيين للذهاب إلى صناديق الاقتراع، بدءاً من النسب المرتفعة في انتخابات المغتربين، وصولاً إلى النسبة المرتفعة في انتخابات الموظفين والتي تخطّت الـ 80 بالمئة، نسبة عالية جداً شهدتها أيضاً أبرز المدن السنيّة من العاصمة بيروت إلى طرابلس وصيدا، إذ تجاوزت نسبة المشاركة أيضاً الـ 80 بالمئة، وهذا رقم مرتفع، مما يعني أنه لا توجد أي قناعة سنّية بالمقاطعة.

ويفترض بالوضع أن يتحسّن أكثر بعد صلاة الجمعة ومواقف المشايخ الذي حفزوا اللبنانيين على ضرورة المشاركة، في تكامل إسلامي - مسيحي عنوانه دار الفتوى والبطريركية المارونية، خصوصاً من خلال الإيضاح للبنانيين بأن هذه الانتخابات ستحدد ملامح المرحلة المقبلة، وهو قرار سيتخذه اللبنانيون ويتحملون مسؤوليته وتداعياته لـ 4 سنوات جديدة، ستشهد فيها البلاد الكثير من الاستحقاقات والتطورات، وستقف عند محطات متعددة، أبرزها كيفية إعادة إنتاج التوازن السياسي، وكيفية تشكيل الحكومات، وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا يمكن للسنّة أن يكونوا خارج الفعالية أو التأثير في كل هذه الاستحقاقات، وهو أمر يعلمونه جيدا، فيما كل التقديرات تشير إلى أن نسبة المقتنعين بالمقاطعة قد تراجعت إلى حدود بعيدة، وتشير بعض التقديرات والاستطلاعات إلى إمكانية انتظار مفاجآت كثيرة في مختلف الدوائر ذات الثقل السنّي، وثمة من يتوقع أن يشهد لبنان تسونامي سنّي لجهة التصويت. وهذا بحال حصل سيكون قادراً على تغيير موازين القوى السياسية بشكل كامل على مختلف الجغرافيا اللبنانية.

الراعي

وفي موازاة المواقف السنيّة برز موقف جديد للبطريرك الماروني بشارة الراعي دعا فيه اللبنانيين إلى كثافة الاقتراع قائلاً: «نتمنى أن يُطِلَّ على لبنان أملٌ جديدٌ بعدَ الانتخاباتِ النيابيّةِ التي ستجرى غدًا (اليوم)، فيَشعُر المواطنون والمواطنات أن ما بَعد 15 أيّار مختلفٌ عمّا قبله. لكن هذا التمنّي يَبقى رهنَ كثافةِ الاقتراعِ، وحُسنِ الاختيارِ، واحترامِ الديموقراطية والدستور بعد الانتخابات، وتأليفِ حكومةٍ جديدةٍ سريعًا لئلّا تَطولَ فترةُ تصريفِ الأعمال، وتَنعكسَ سلبًا على الاستحقاقاتِ اللاحقة.

تبقى بيروت أم المعارك، وسط استمرار المراهنة لدى حزب الله والتيار الوطني الحرّ وجمعية المشاريع الخيرية (الأحباش) على مقاطعة السنّة، لأنها تتيح لهذا التحالف أن يعزز وضعه ويحصل على أكبر عدد من المقاعد، فيما أصبح السنّة على علم ويقين بأن رفع نسبة التصويت وحده هو الكفيل بردّ الهجمة وتوفير مقومات الحماية، وهذه مواقف أصبحت تضج بها كل الصالونات والزواريب البيروتية خصوصاً، واللبنانية عموماً.

تقديرات أولية

تفيد المؤشرات بأن استعادة التوازن السياسي في المجلس النيابي أصبحت أمراً ممكناً من خلال عدم تحصيل حزب الله للأكثرية النيابية، وهذا يرتبط بحجم التصويت السنّي، ووفق آخر التقديرات، فإن المجلس النيابي سيكون مقسماً إلى 3 كتل، كتلة حزب الله وحلفائه التي لا تحوز الأكثرية، وكتلة خصوم الحزب المؤلفة من القوات اللبنانية وكتلة الرئيس فؤاد السنيورة والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب ومستقلين مؤيدين لخط 14 آذار. وكتلة ثالثة وسطية سيكون قوامها من بعض المجتمع المدني والشخصيات المستقلة أو التغييرية.

وتفيد التقديرات بأن القوات اللبنانية تعمل لأن تحصل على الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان والكتلة المسيحية الأكبر؛ في توقعات قد تصل إلى حدود الـ 20 نائباً، تليها كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري بين 16 و17 نائباً، بينما يحصل التيار الوطني الحرّ على حوالي 15 نائباً، فيما ينجح الرئيس السنيورة بتشكيل كتلة سنيّة من حوالى 10 نواب، إضافة إلى نواب سنّة آخرين معارضين لحزب الله، بينما يحتفظ الحزب بكتلة سنية حليفة له من حوالي 7 نواب، أما حزب الله فتكون كتلته النيابية من حوالي 13 نائباً، ويحصل الحزب التقدمي الاشتراكي على كتلة بين 8 أو 9 نواب.

منير الربيع