قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن عائدات السندات السيادية العالمية متوسطة الأجل ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات بالربع الأول من عام 2022، إذ قام المستثمرون بتسعير استمرار ارتفاع معدلات التضخم وتوقعات تشديد السياسات النقدية بنحو متزايد.

وحسب التقرير، بلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة أعلى مستوياته في أربعة عقود بوصوله إلى 8.5 في المئة على أساس سنوي في مارس بدعم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وتزايد توقعات رفع أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 200 نقطة أساس أو أكثر خلال عام 2022. ومن العوامل التي ساهمت في ذلك الارتفاع أيضاً، قيام الاحتياطي الفدرالي في مارس الماضي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أول زيادة منذ عام 2018، إضافة إلى تقليص برنامج مشتريات الأصول الفدرالية غير المسبوق (الذي انتهى في مارس) وقيام المستثمرين بالتخلص من السندات بحثاً عن عوائد حقيقية إيجابية.

Ad

في التفاصيل، استحوذت الصكوك السيادية السعودية على النصيب الأكبر من الإصدارات الإقليمية في الربع الأول من عام 2022 بإصدارها صكوكاً سيادية في يناير بقيمة 7 مليارات دولار والمقسمة على شريحتين الأولى لأجل 8 سنوات والثانية لأجل 12 سنة، كجزء من برنامج إصدار الصكوك الخاص بالمركز الوطني لإدارة الدين. ووفقاً للمركز، تعتبر تلك الصفقة جزءاً من مبادرة لتوحيد الإصدارات المحلية للمملكة في إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي، التي تضمنت الاسترداد المبكر للسندات والصكوك التي تزيد قيمتها على 25 مليار ريال سعودي (6.6 مليارات دولار).

من جهة أخرى، بلغت قيمة إصدارات السندات السيادية وشبه السيادية الإماراتية 3.6 مليارات دولار، منها سندات بقيمة 1.5 مليار دولار أصدرتها شركة المعمورة المتنوعة العالمية القابضة في مارس.

إضافة لذلك، أصدرت البحرين في مارس أيضاً، سندات بقيمة 400 مليون دولار لأجل 3 سنوات من شريحة واحدة.

في حين قد تبقى إصدارات أدوات الدين الكويتية متوقفة نظراً إلى قانون الدين الذي ما يزال معلقاً وسيسمح له بالاستفادة من أسواق الدين الدولية والمحلية في حال صدوره، على الرغم من أنه من غير المحتمل في المستقبل القريب نظراً في ظل استقالة الحكومة خلال الآونة الأخيرة.

وارتفعت عائدات السندات السيادية الخليجية على خُطا نظيراتها العالمية على الرغم من انخفاض مستوى المخاطر بفضل ارتفاع أسعار النفط وتحسن الأوضاع المالية.

وواصلت العائدات ارتفاعاتها حتى منتصف أبريل، وقد تحافظ على الاتجاه الصعودي على المدى القريب بافتراض استمرار ارتفاع معدلات التضخم وإبقاء الاحتياطي الفدرالي على سياساته النقدية المتشددة.

من جهة أخرى، هناك دلالات تشير إلى أن معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بدأ يتباطأ بشكل ملموس مما قد يخفف من موقف الاحتياطي الفدرالي تجاه رفع سعر الفائدة ويحد من الضغوط المتزايدة على عائدات السندات خلال الأشهر المقبلة.

وفي نفس الوقت، تراجعت إصدارات أدوات الدين الخليجية لتصل قيمتها إلى 11 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022 مقابل نحو 20 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2021، وصدر معظمها من السعودية. ومستقبلاً، من المقرر أن تتباطأ وتيرة إصدارات أدوات الدين الخليجية في عام 2022 بعد وصولها إلى مستوى قياسي في عام 2021 (105 مليارات دولار) نظراً لانخفاض الاحتياجات التمويلية للموازنات العامة (بفضل ارتفاع أسعار النفط) وتزايد تكاليف الاقتراض.

كانت تحركات عائدات السندات القياسية إيجابية بصفة عامة في الربع الأول من عام 2022 على خلفية الارتفاع الشديد لمعدلات التضخم وتوقعات رفع أسعار الفائدة.

وجاءت سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات في الصدارة بنمو عائداتها بمقدار 83 نقطة أساس على أساس ربع سنوي إلى 2.3 في المئة قبل أن ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 3 سنوات عند مستوى 2.92 في المئة (19 أبريل).

وارتفعت عائدات السندات الألمانية والسندات البريطانية بمقدار 73 و64 نقطة أساس، على التوالي.

أما السندات اليابانية، التي تمثل نموذجاً لاستقرار العوائد لم تكن بمنأى من الضغوط التي تعرضت لها عائدات السندات العالمية، إذ ارتفعت بمقدار 14 نقطة أساس على أساس ربع سنوي لتصل إلى 0.24 في المئة، فيما يعد أعلى معدل نمو منذ تدخل بنك اليابان دفاعاً عن المستوى الصفري المستهدف عام 2016، مما دفع البنك إلى فرض سقف بنسبة 0.25 في المئة على عائدات السندات في مارس وأثر بالتالي على أداء الين الياباني.

وتواصل آفاق النمو الاقتصادي وسياسات الاحتياطي الفدرالي وتوقعات التضخم تحريك عائدات السندات خلال الفترة القادمة.

ويتوقع ارتفاع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أكثر من نظرائه وسط احتمال رفع أسعار الفائدة عدة مرات ووقف التيسير الكمي في مارس والبداية شبه المؤكدة للتشديد الكمي في مايو.

وستكون هناك إمكانية أكبر لارتفاع عائدات السندات في حال استمرار التضخم فوق المستوى المستهدف الذي حدده الاحتياطي الفدرالي، إضافة إلى تأكيد النمو الاقتصادي لمرونته، مما سيدفع الاحتياطي الفدرالي لاتخاذ موقف أكثر تشدداً.

من جهة أخرى، قد يكون نمو عائدات السندات محدوداً استجابة لتراجع معدل التضخم (في ظل وجود إشارات على اقتراب التضخم الأساسي من ذروته)، وقلة مرونة النمو، إضافة إلى تقلبات الأصول ذات المخاطر المرتفعة نسبياً كالأسهم، واحتمال تفاقم الأوضاع على خلفية زيادة حالات الإصابة بالفيروس، مما قد يحد من ارتفاع العائدات.

ارتفاع عائدات السندات الخليجية متأثرة بنظيرتها العالمية

تسارعت وتيرة نمو عائدات السندات السيادية متوسطة الأجل في دول مجلس التعاون الخليجي في الربع الأول من عام 2022، متأثرة بارتفاع عائدات السندات العالمية، ونظراً لقيام معظم البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي برفع أسعار الفائدة تماشياً مع سياسات الاحتياطي الفدرالي في مارس.

وجاءت السندات القطرية والسعودية في الصدارة بزيادة عائداتها على أساس ربع سنوي بمقدار 108 و107 نقاط أساس على التوالي، تليها الكويت وأبوظبي بنمو قدره 95 و87 نقطة أساس، على التوالي.

وفي نفس الوقت، شهدت عائدات سندات سلطنة عمان زيادة متواضعة نسبياً بمقدار 42 نقطة أساس، على أساس ربع سنوي، وقد يعزى ذلك إلى تحسن العديد من المؤشرات المالية الرئيسية، مما أدى إلى رفع النظرة المستقبلية لتصنيفها الائتماني منذ أكتوبر عدة مرات وكان آخرها قيام وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز في أبريل برفع التصنيف الائتماني للسلطنة إلى BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة.