يقف لبنان على مسار جهنّمي جديد؛ كأنما تحول إلى زورق يغرق. تقول القاعدة إن المصائب لا تأتي فرادى، فمن فاجعة قارب الموت في طرابلس، إلى إطلاق صواريخ مجهولة من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، إلى دعوات لتظاهرات واعتصامات اليوم على مداخل المجلس النيابي في محاولة لمنع النواب من الدخول وإقرار قانون «الكابيتال كنترول»، والوجع يقود اللبنانيين للتعبير عن معاناتهم اليومية.

في طرابلس المأساة أكبر من أن تحتمل، وهي المدينة الأفقر على البحر الأبيض المتوسط، يتقلّب أبناؤها على نار الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية، فلا يجدون أمامهم سوى الاستدعاءات الأمنية أو عمليات التهريب الممنهجة لالتحاقهم بتنظيمات متطرفة بشكل منظم وبدون أي إجراءات جدية لمنعهم من ذلك، أو لا يجدون أمامهم سوى البحر هرباً من جحيم لبناني قائم ويتمدد.

Ad

ووسط مساعٍ لكبح التوتر وعدم تحول «غضبة قوارب الموت» إلى مواجهة أمنية مع استمرار إطلاق النار العشوائي، تبدي مصادر أمنية خشيتها من أن تتوسع عمليات الهجرة غير الشرعية من طرابلس في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن هناك جهات عديدة تعمل على تنظيم مثل هذه الهجرات، لا يكون فيها الهاربون من الجحيم القائم على علم أو يقين بمصيرهم، ولا ضمان حول وجهة وصولهم.

وتضيف المصادر الأمنية، أن الخشية تبقى في أن تتحول مأساة الزورق وردة الفعل الغاضبة إلى مناسبة لتفعيل عمليات الهجرة غير الشرعية مع تخفيف الرقابة؛ فتصبح الكارثة أكبر.

وتؤكد مصادر عسكرية أن الجيش اللبناني يجري تحقيقاً جدياً وشفافاً لكشف ملابسات الحادث، في ضوء تضارب المعلومات والروايات.

وبالانتقال من شمال لبنان إلى جنوبه حيث شهد عملية إطلاق صواريخ مجهولة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في التفاصيل، بحسب ما تشير مصادر أمنية، تم إطلاق صاروخين ليل الأحد ـ الاثنين من سهل بلدة القليلة في جنوب مدينة صور باتجاه منطقة الجليل، وعملت القوات الإسرائيلية على الردّ على مصادر إطلاق الصاروخين.

لا أسباب واضحة لدى الأجهزة الأمنية حول خلفية إطلاق الصواريخ، علماً أنها ليست المرّة الأولى التي يشهد فيها الجنوب مثل هذه العمليات، مع ترجيحات بأن ذلك قد يرتبط بسياق التضامن مع التحركات التي يقوم بها الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني بوجه إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً أنه قبل حوالي سبعة أشهر تم إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي المحتلة تضامناً مع حي الشيخ جراح وتضامناً مع غزّة خلال معركة سيف القدس.

وقد يكون لعملية إطلاق الصواريخ غاية أخرى تتعلق بالحرب الأمنية والاستخبارية المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل.

وما بين الشمال والجنوب، ستكون بيروت هي واجهة الأحداث اليوم، خصوصاً في ضوء الدعوات إلى التظاهر في وسط المدينة رفضاً لمناقشة المجلس النيابي مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، الذي يعتبره الداعون إلى التظاهر بأنه مخالف للدستور، ويمثّل إبادة جماعية بحق المودعين وعملية تدمير ممنهج للاقتصاد.

من غير المعروف ما إذا كانت هذه التحركات بمنزلة كرة ثلج قابلة للتدحرج أكثر، بالتالي توسع إطار التظاهرات والتحركات الاحتجاجية؛ ما قد يؤدي إلى توتير الوضع الأمني وتشكيل ذريعة لتأجيل الانتخابات النيابية.

وسط كل هذه الأحداث، تنطلق مساء اليوم أيضاً فعاليات الصندوق السعودي - الفرنسي المشترك لدعم ومساعدة الشعب اللبناني، في احتفال رسمي سيشهد توقيع مذكرة التفاهم الإطارية بين السعودية وفرنسا لإطلاق العمل بهذا الصندوق، الذي يشمل مساعدات ستة قطاعات أساسية تتعلق بالقطاعات، الإنسانية، والغذائية والطبية، والزراعية، والتعليمية والأمنية.

● بيروت - منير الربيع