حقق يوسف شعبان انتشاره الفني في سينما الستينيات، وقدم خلالها أهم أدواره على الشاشة، ونال ثناء النقاد والجمهور، وانطلق إلى آفاق العالمية بدور مميز في الفيلم الأميركي «Cairo» (القاهرة)، وتألق أمام كبار النجوم، وقام ببطولة أفلام قليلة، وتتابعت رحلة النجم الاستثنائي في فضاء الفن السابع.

وجذبت السينما التركية بعض النجوم المصريين، في وقت تراجع الإنتاج السينمائي فترة قصيرة، عقب نكسة يونيو 1967، وطار يوسف إلى إسطنبول، ليشارك النجم فريد شوقي ومرات سويدان وإيفا بندر في بطولة فيلم "Eyvah” (1970)، إنتاج تركي مصري مشترك، وسيناريو عبدالحي أديب، وإخراج متين أركسان.

Ad

وفي نفس العام، قدّم شعبان ستة أفلام أخرى، منها فيلم "الوادي الأصفر” تأليف وإخراج ممدوح شكري، وبطولة شكري سرحان ومريم فخرالدين ومحمود المليجي ومحمود العراقي، ودارت أحداثه في أجواء خيالية حول ساحرة عجوز تسيطر على مقاليد الأمور داخل إحدى المناطق الصحراوية، ويواجه سكانها أزمة جفاف، ويرى الآباء ضرورة البقاء، بينما يقرِّر اﻷبناء الهجرة إلى مكان آخر، وفيما يلي تفاصيل الحلقة الثالثة:

دخل شعبان اختباراً صعباً، حين شارك النجم فريد شوقي وسهير المرشدي وزيزي البدراوي بطولة فيلم "هروب” إخراج حسن رضا وسيناريو سامي أمين، وقصة هذا العمل مقتبسة من الفيلم الأمريكي الشهير "حطمت قيودي” (1958) للنجمين سيدني بواتيه وتوني كيرتس، وهناك تطابق كبير بين مصلقي الفيلمين. كما التقي شعبان النجمتين نبيلة عبيد وشمس البارودي في فيلم "الساعات الرهيبة” تأليف سمير نوار وإخراج عبدالحميد الشاذلي، وبطولة أحمد رمزي ونوال أبوالفتوح وعبدالخالق صالح، ويتناول قصة شاب تتخلى عنه خطيبته بعد سجن والده، وتتصاعد الأحداث.

وعاد يوسف إلى أدوار البطولة مع النجمة نجلاء فتحي في فيلم "أوهام الحب” للمخرج ممدوح شكري ومشاركة مجموعة من النجوم منهم يوسف وهبي ومحسن سرحان وزوز ماضي وصفاء أبوالسعود ويوسف فخرالدين، ويحكي العمل قصة الزوج "سمير” الذي يخفي عن زوجته إصابته بمرض خطير.

وفي فيلم "واحد في المليون” للمخرج أشرف فهمي، جسّد يوسف شعبان شخصية المحامي الانتهازي "عادل فرغلي”، وشاركة البطولة النجمة نبيلة عبيد وأمين الهنيدي والضيف أحمد وجورج سيدهم وسمير غانم، ويروي الفيلم في إطار كوميدي حكاية موظف يتعرض لضغوط نفسية في العمل، وتختلط في عينيه الحقيقة والخيال.

عالم الشهرة

تتابعت رحلة صعود النجم يوسف شعبان، وقدَّم ستة أفلام خلال عام 1971، منها الفيلم اللبناني "عالم الشهرة” إخراج محمد سلمان، وبطولة النجمة نادية الجندي وشمس البارودي ويوسف وهبي ويحيى الشغري وسمير شمص، وقام شعبان بدور شاب مصري فقير يعيش في لبنان، ويتعرف على الثري إبراهيم بعد إنقاذ صديقته الممثلة زيزي من الغرق. وتتوسط له ليعمل بشركة إبراهيم، ويجتهد في عمله حتى يصل لمركز مدير الشركة.

وجسّد يوسف شخصية الشاب الريفي "غريب عبدون” في فيلم "حادثة شرف” قصة يوسف إدريس وإخراج شفيق شامية، وبطولة شكري سرحان وزبيدة ثروت ومحسنة توفيق وزوزو ماضي وحمدي أحمد، وتدور أحداث الفيلم حول فتاة ريفية تعيش مع أخيها وزوجته، وتقدم لها شاب من أهل القرية لخطبتها برغم رفض أمه لهذا الزواج ويظهر في حياة الفتاة شاب مستهتر يحاول النيل منها، مما أدى فسخ خطوبتها.

وطار شعبان مرة أخرى إلى بيروت، للمشاركة في فيلم "قطط شارع الحمرا” للمخرج سمير الغصيني، وبطولة مديحة كامل ومحمود جبر ونوال أبو الفتوح ويتناول حياة مجموعة من الشباب المستهترين، ولكل منهم ماض يطارده.

وكان الفنان على موعد مع الشحرورة صباح في فيلم "باريس والحب” إخراج محمد سلمان، وبطولة صلاح ذوالفقار ومحمد رضا وأكرم الأحمر وسميرة بارودي، وتدور أحداث الفيلم حول مطربة تنتمي لأسرة متوسطة الحال، وتتعرف على مليونير شاب عائد من باريس، ويطلب منها الزواج، لكنها ترفض إتمام الزيجة بسبب تفاوت المستوى الاجتماعي.

وفي "شباب في عاصفة” للمخرج عادل صادق التقى شعبان بكوكبة من النجوم منهم عادل إمام ونور الشريف ونيللي وسهير رمزي ومحمود المليجي وبوسي وتوفيق الدقن، وتدور القصة حول فتاة من أسرة متوسطة الحال، تعمل في إحدى الشركات لمعاونة أسرتها وأبيها المتقاعد، وتحظى بتقدير رؤسائها وزملائها، ولكن مع الوقت تحوم حولها شائعات مغرضة، وتتتابع الأحداث.

واختتم شعبان أفلامه السينمائية في عام 1971، بفيلم "عصابة الشيطان” تأليف فيصل ندا وإخراج حسام الدين مصطفى، وجسد شخصية ضابط شرطة أمام النجم فريد شوقي ونيللي ومحمود المليجي وتوفيق الدقن وإبراهيم خان، ويدور الفيلم حول "سحر” التي تكتشف بعد وفاة زوجها أنه عضو في عصابة استولى أعضاؤها على مبلغ 100 ألف جنيه، وأن المبلغ كان بحوزته لتبدأ العصابة في مطاردتها.

مشهد يتحول إلى مشادة عنيفة مع رغدة
دارت في كواليس أعمال الفنان يوسف شعبان، الكثير من المواقف الطريفة، ومن أبرزها موقف روته الفنانة رغدة عن تعرضها لصفعة حقيقية على وجهها من شعبان أثناء تصوير مشهد في أحد المسلسلات، فعضَّت يده بأسنانها لشعورها بالألم الشديد من الصفعة.

وكان من المفترض أن تتلقى رغدة تلك الصفعة، وطلبت من المخرج تغيير هذا المشهد، ولكنه أصر على تصويره، وفي اليوم التالي، ذهبت إلى الاستوديو مبكراً، وانتابتها حالة عصبية بسبب تخيُّل ذلك المشهد العنيف، إلا أن المخرج هدأ من روعها وأخبرها أن يوسف شعبان لن يصفعها.

ودارت الكاميرا لتصوير المشهد، وشعرت رغدة بنية غدر من المخرج ويوسف شعبان، ومن شدة التوتر أعيد تصوير المشهد عدة مرات، وحدث ما توقعته أثناء الإعادة فوجئت بشعبان يصفعها بقوة، ومن شدة الألم عضت يده، وبعدها لم يتم تصوير مشهد الصفعة بشكل حقيقي، ولكنها تلقتها بالفعل!

يصادف في بعض الأعمال أن تتضمن مشهد اعتداء على المرأة إما بشدها من شعرها أو صفعها على وجهها ويتم المشهد بشكل حقيقي في كثير من الأحيان، بينما في بعض المواقف يرفض المخرج إتمام المشهد بصفعة حقيقية على الوجه، ويلجأ إلى استخدام الحِيل، ويخرج المشهد كأنه حقيقي.

«لحظات خوف»

وقدّم شعبان خمسة أفلام في عام 1972، وقام بدور "لطفي عبدالسلام” أمام النجم فريد شوقي في فيلم الأكشن "لحظات خوف” إخراج حسن رضا وبطولة النجمة ميرفت أمين وعبدالمنعم إبراهيم وتوفيق الدقن، ودارت الأحداث حول الموظف "فتحي” المحكوم عليه بالسجن سبع سنوات في قضية اختلاس وحقيقة الأمر أن رئيسه في العمل "لطفي” هو السارق الحقيقي، ويحاول المتهم إثبات براءته.

والتقى شعبان مرة أخرى المخرج حسن رضا في "المدينة الهادئة” وتتشابه أحداثه مع فيلمهما السابق، حول قضية ملفقة لشخص برئ، وشارك في بطولة هذا الفيلم ماجدة الخطيب وإبرهيم خان وظهور مميز للمطرب السوري الكبير صباح فخري.

ودارت الكاميرا في فيلم "رغبات ممنوعة” للمخرج أشرف فهمي، وجسّد شعبان شخصية "رجل المولد” أمام النجمة شادية وحسين فهمي وكريمة مختار ومحمود المليجي، وفي "الورطة” منحه المخرج إبراهيم الشقنقيري دور البطولة مع مديحة كامل، ولعب دور الأستاذ الجامعي "منير” المتخصص في علوم الجريمة، ويقوم بالعمل على كتاب جديد.

واستمرت لعبة الأقنعة، وأثبت شعبان أنه "جوكر تمثيل” وقادر على أداء شخصيات متباينة، ولا يكترث بمساحة الدور، وحقق حضوره المميز في "زهرة البنفسج” تأليف إبراهيم الموجي وإخراج عبدالرحمن الخميسي، حين أبدع في دور "فايز” أمام النجم عادل إمام وزبيدة ثروت ومحسن سرحان، ودارت أحداث الفيلم في إطار درامي حول مأساة شاب يعاني مرضاً خطيراً.

«شمس وضباب»

استمرت رحلة شعبان السينمائية بين القاهرة وبيروت وإسطنبول، وحفل أرشيفه الفني بعدد كبير من الأدوار المتميزة، وكان راضيا عن مجمل أعماله الفنية، ويرى أن الممثل الجيد عليه أن يكشف عن طاقاته الإبداعية، ولا يحصر نفسه في دائرة مغلقة، ويغير المفاهيم الخاطئة عن النجومية، فكل ممثل نجم في دوره، ويستطيع أن يبقى في ذاكرة المتفرج حتى لو ظهر على الشاشة في مشهد واحد فقط.

وقام شعبان ببطولة فيلم "شمس وضباب” 1973 للمخرج شفيق شامية، وجسد شخصية الطيار الشاب "شكري” أمام النجمة زبيدة ثروت ومحمود المليجي وأشرف عبد الغفور، وتدور أحداث الفيلم في قالب درامي رومانسي حول كاتبة روائية "عايدة” تفتقر كتاباتها إلى الواقعية، وتبحث عن واقع ملائم لروايتها الجديدة ، وتجد غايتها في شخص الطيار، وتحاول تغيير طباعه، ليطابق شخصية بطل قصتها الخيالي.

وتحمس "جوكر التمثيل” لأداء دور "عباس” في فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي” 1974 بعد أن رفضه كثير من النجوم، لاسيما في عمل سينمائي يتناول انتصار أكتوبر 1973، وجسد تلك الشخصية الشريرة ببراعة، والفيلم مأخوذ عن قصة للأديب إحسان عبد القدوس، وإخراج حسام الدين مصطفى، وشارك في بطولته محمود ياسين وحسين فهمي ونجوى ابراهيم وسعيد صالح.

ولاحقت شعبان أدوار الشر في فيلم "العمالقة” للمخرج حسام الدين مصطفى وجسد شخصية "باهر” رئيس عصابة أمام أحمد رمزي وناهد شريف وبوسي وسيد زيان، ويدور الفيلم حول ثلاثة أصدقاء يتشاجرون ويدخلون السجن، ويحاول كل منهم أن يسلك طريقًا جديًّا بعد الخروج منه.

وارتاد شعبان فضاء الرومانسية في فيلم "وكان الحب” للمخرج حلمي رفلة، وجسد شخصية الدكتور مراد الذي يبحث عن فتاة أحلامه للزواج منها، وشارك في البطولة عدد كبير من النجوم منهم نبيلة عبيد وشمس البارودي وحسن يوسف ومريم فخرالدين وعماد حمدي وعبد المنعم ابراهيم.

وطاردت شعبان أدوار الشر في عام 1975، وجسد في فيلم "زائر الفجر” شخصية "الدكتور فريد” الذي يقوم بأعمال منافية لشرف المهنة، وشارك في بطولته مع عزت العلايلي وماجدة الخطيب وتحية كاريوكا، واصطدم هذا الفيلم بالرقابة، وظل ممنوعا من العرض عامين، وأصيب مخرجه ممدوح شكري باكتئاب شديد، ورحل في عام 1973 قبل أن يراه على شاشة السينما.

وتكرر الصدام مع الرقابة في فيلم "المذنبون” قصة الأديب نجيب محفوظ وإخراج سعيد مرزوق، ويتناول الفيلم مجموعة من الشخصيات تقوم بانحرافات خطيرة في أعمالها، وينتهي بهم الحال خلف القضبان، وجسد شعبان شخصية الموظف الانتهازي أمام عدد كبير من النجوم، منهم سهير رمزي وحسين فهمي وعادل أدهم وكمال الشناوي وعماد حمدي وتوفيق الدقن.

والتقى شعبان لأول مرة مع المطربة نجاة الصغيرة في فيلم "جفت الدموع” قصة الأديب يوسف السباعي وإخراج حلمي رفلة، وشارك في البطولة محمود ياسين ومحمود المليجي وفي فيلم "صابرين” جسد شخصية الشاب الشرير "عبده” أمام نجلاء فتحي ونور الشريف وعادل إمام، وهذا العمل انتقل من الإذاعة إلى السينما، وأخرجه حسام الدين مصطفى بعد نجاح المسلسل الذي قامت ببطولته الفنانة شادية وصلاح قابيل وعماد حمدي.

7 أعمال في قائمة أفضل 100 فيلم مصري
قدَّم الفنان الراحل يوسف شعبان 133 فيلماً، واختير منها 7 أفلام ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، حسب استفتاء للنقاد أجري عام 1996، وأولها فيلم "في بيتنا رجل” (1961)، بطولة عمر الشريف ورشدي أباظة وحسن يوسف وزبيدة ثروت وزهرة العلا، عن قصة للكاتب إحسان عبدالقدوس، وإخراج هنري بركات.

واختير فيلم "أم العروسة” (1963) ضمن القائمة، وشارك شعبان في بطولته أمام سميرة أحمد وتحية كاريوكا وعماد حمدي، قصة الأديب عبدالحميد جودة السحَّار، وسيناريو وحوار عبدالحي أديب، إخراج عاطف سالم.

وفي عام 1966، شارك يوسف شعبان في فيلم "مراتي مدير عام” أمام شادية وصلاح ذوالفقار وتوفيق الدقن، وقصة عبدالحميد جودة السحار، سيناريو وحوار سعدالدين وهبة، إخراج فطين عبدالوهاب، وهو أيضاً ضمن القائمة، ومعه كذلك فيلم "ميرامار” (1969) الذي قدم فيه شعبان دوره المميز أمام شادية ويوسف وهبي، وعماد حمدي وعبدالمنعم إبراهيم وسهير رمزي، عن رواية نجيب محفوظ، وإخراج كمال الشيخ.

وشارك شعبان في فيلم "زائر الفجر” (1973) أمام ماجدة الخطيب، وعزت العلايلي وشكري سرحان، سيناريو وحوار رفيق الصبان، إخراج ممدوح شكري، وجسد شخصية طبيب يخالف أخلاقيات وأعراف المهنة.

وجاء فيلم "المذنبون” كأحد أفضل الأفلام المصرية، وأثار جدلاً حين عُرِض في دور السينما عام 1975، وشارك شعبان في بطولته أمام سهير رمزي وحسين فهمي وكمال الشناوي، قصة نجيب محفوظ، وسيناريو وإخراج سعيد مرزوق.

وهناك العديد من الأدوار المهمة، قدمها الفنان الراحل خلال مسيرته السينمائية، مثل دوره في فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي” (1974)، قصة إحسان عبدالقدوس وإخراج حسام الدين مصطفي، وكذلك نال ثناء النقاد والجمهور على دوره المتميز في فيلم "كشف المستور” (1994) تأليف وحيد حامد وإخراج عاطف الطيب.

أحمد الجمَّال