بعض التشريعات الكويتية المتعلقة بالجنسية غريبة في نصوصها، فالمادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1959، تنص على أنه «يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي»، دون التطرق لمادة الجنسية التي حصل عليها الأب، في حين لا يوجد ذكر للأم الكويتية بالتأسيس، فأي كويتي متجنس يسمح له قانون الجنسية أن يتزوج من امرأة غير كويتية، ليحصل أبناؤه بالتبعية على الجنسية الكويتية، في حين الكويتية أباً عن جد، لا يسمح لأبنائها بالحصول على الجنسية إلا إذا انفصلت عن زوجها بالطلاق أو بوفاة الزوج، أما المادة الثالثة فإنها تنص على أنه «يكتسب الجنسية الكويتية كل من ولد في الكويت لأبوين مجهولين، ويعتبر اللقيط مولوداً فيها ما لم يثبت العكس، ويجوز منح الجنسية الكويتية لمن ولد في الكويت أو في الخارج من أم كويتية وكان مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً، ويجوز بقرار من وزير الداخلية معاملة القصر في هذه الحالة معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد».

حقيقة لا أدري كيف فكر المشرع في منح الجنسية الكويتية لأي لقيط بمجرد إثبات أنه مولود في الكويت، وليس مهماً عند الدولة بعد ذلك إن كان هذا اللقيط لأبوين غير كويتيين أو نتاج معاشرة غير شرعية بين اثنين من جنسية آسيوية أو غربية، وحتى لو أثبت اختبار الحمض النووي (DNA) بأن هذا اللقيط لا يمت بصلة لأي كويتي من طرف أبويه أو أجداده، في حين الأم الكويتية التي تحمل الجنسية الكويتية بالتأسيس يحرم أبناؤها الشرعيون من حق التجنس لمجرد أن أباه غير كويتي، حتى لو كان دم أبويه أزرق، أو كان مخترعاً أو عالماً أفاد الكويت بأعمال جليلة.

Ad

وفهمت من المادة الرابعة والخامسة من هذا القانون أنه يجوز منح الجنسية الكويتية لكل شخص عربي أقام في الكويت مدة خمس عشرة سنة متتالية، وأن يكون حسن السير غير محكوم عليه لجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يقوم بخدمات تحتاج اليها البلاد، أو أدى لدولة الكويت خدمات جليلة عادت على البلاد بنفع كبير، وأن يكون مسلما بالميلاد، ولكن ماذا بشأن أولاد الكويتية المولودين أصلاً في الكويت وتحمل أمهم الجنسية الكويتية بالتأسيس ثم صارت مطلقة أو أرملة؟ لماذا لا يمنح هؤلاء الجنسية الكويتية من فورهم بدلاً من مساواتهم بعرب آخرين تقدموا للحصول على الجنسية الكويتية ولم يولدوا في الكويت وأمهم غير كويتية؟

وإذا كانت المادة السابعة من هذا القانون تنص على أنه يجوز منح الجنسية الكويتية للراشدين من أبناء المتجنس «وقت» كسب والدهم الجنسية الكويتية، وكذا للراشدين من أحفاد المتجنس من أولاده الذكور، إذا توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في البند الثاني والثالث والخامس من المادة الرابعة من هذا القانون، وكانوا قد حافظوا على إقامتهم العادية في الكويت مدة لا تقل عن خمسة عشر عاما قبل تاريخ صدور مرسوم منحهم الجنسية، فلماذا لا تمنح الجنسية لأولاد الكويتية بالتأسيس، فور حدوث الطلاق البائن بين والديهم أو فور وفاة الأب؟

هذا غيض من فيض لمواد قانون الجنسية المذكور يحتاج من المشرعين نظرة فاحصة لتنقيحه وتعديله بما يحقق العدالة والمساواة ليس بين الرجل والمرأة فحسب، وإنما بين الكويتيين ككل.

يوسف عبدالكريم الزنكوي