يسعى مسؤول كبير من الأمم المتحدة، الأحد، في موسكو للتوصل إلى «وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية في أوكرانيا»، حيث انتشرت تقارير عن تجاوزات في حق مدنيين في منطقة كييف التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية، فيما سمعت سلسلة انفجارات في مدينة أوديسا الساحلية.

وأعلنت أوكرانيا أن القوات الروسية تنسحب من مدن أساسية في محيط العاصمة كييف وتشيرنيغيف في الشمال لإعادة الانتشار في الشرق والجنوب بهدف «الحفاظ على السيطرة» على المناطق التي تحتلها هناك.

Ad

وبعد أكثر من شهر على بدء الهجوم الروسي أعلنت مساعدة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار، السبت «تحرير إيربين وبوتشا وغوستوميل ومنطقة كييف بكاملها من الغزاة».

لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال، على «فيسبوك»، إن الروس بانسحابهم سواء «من تلقاء أنفسهم» أو بعد معارك يتركون خلفهم «خراباً كاملاً والكثير من المخاطر».

وحذر بأن «القصف يمكن أن يتواصل»، متهماً العسكريين الروس بـ «تلغيم الأراضي التي ينسحبون منها ومنازل وذخائر وحتى الجثث».

«مجزرة متعمدة»

في مدينة بوتشا بضواحي كييف شاهد صحافي في وكالة فرانس برس جثث حوالى عشرين رجلاً، أحدهم مصاب بجرح بالغ في الرأس في أحد الشوارع على مسافة مئات الأمتار.

وقال أناتولي فيدوروك رئيس بلدية المدينة التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية، لوكالة فرانس برس إن «كل هؤلاء الأشخاص أعدموا، قتلوا برصاصة في مؤخر الرأس»، مشيراً إلى دفن نحو 300 شخص «في مقابر جماعية».

وأضاف «في بعض الشوارع نرى 15 إلى 20 جثة على الأرض، لكن لا يسعني أن أقول كم من الجثث لا تزال في أفنية المنازل وخلف الأسيجة»، موضحاً أنه عُثر على عدة قتلى مكبلي الأيدي بواسطة شريط قماش أبيض يستخدم للإشارة إلى أنهم غير مسلحين.

واتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الأحد، روسيا بارتكاب «مجزرة متعمدة» في بوتشا، كما نددت نظيرته البريطانية ليز تراس، على «تويتر»، بـ «الفظاعات في بوتشا ومدن أخرى».

وقالت «يجب التحقيق في هجماتهم العشوائية على المدنيين الأبرياء، خلال الغزو الروسي غير القانوني وغير المبرر لأوكرانيا، باعتبارها جرائم حرب».

ونفت روسيا في السابق استهداف المدنيين ورفضت مزاعم ارتكاب جرائم حرب فيما تسميه «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا.

وشهدت بوتشا ومدينة إيربين المجاورة بعض أعنف المعارك منذ بدء الغزو في 24 فبراير فيما كانت القوات الروسية تحاول تطويق كييف، وتعرضتا لقصف مركز تسبب بدمار كامل.

وعلى مقربة من العاصمة عثر على جثة المصور والموثق الأوكراني المخضرم ماكس ليفين مقتولا بالرصاص بعد انسحاب القوات الروسية، على ما أعلنت السلطات الأوكرانية السبت، فيما أفادت النيابة العامة الأوكرانية أنه قتل «برصاصتين أطلقهما جنود روس».

موافقة «شفهية» روسية

ويزور مسؤول في الأمم المتحدة موسكو، الأحد، سعياً للتوصل إلى «وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية» في وقت أسفرت الحرب حتى الآن عن سقوط آلاف القتلى وشردت أكثر من 4,1 ملايين أوكراني خارج بلادهم.

وكانت روسيا حتى الآن ترفض أي زيارة لمسؤول كبير في الأمم المتحدة يكون موضوعها الرئيسي أوكرانيا.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، أن نائبه للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث «سيزور موسكو الأحد، ويتوجه بعدها إلى كييف»، مذكراً بأنه كلفه «السعي لوقف إطلاق نار إنساني في أوكرانيا».

من جهة أخرى، أكد كبير المفاوضين الأوكرانيين في مفاوضات السلام مع روسيا ديفيد أراخاميا، السبت، أن موسكو وافقت «شفهياً» على المقترحات الأوكرانية الرئيسية، باستثناء مسألة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، مضيفاً أن كييف تنتظر تأكيداً خطياً.

غير أن روسيا هددت، الجمعة، بتشديد موقفها في المفاوضات بعد ضربة على أراضيها اتهمت أوكرانيا بشنها بواسطة مروحيات.

وبعدما تعذر تنظيم عمليات إجلاء سكان على مدى أسابيع، بدأ إجلاء أعداد محدودة.

وأعلنت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك، مساء السبت، على تلغرام، أن حوالي 1263 شخصاً انتقلوا من ماريوبول وبيرديانسك إلى زابوريغيا بوسائلهم الخاصة، فيما انطلقت قافلة من عشر حافلات تقل 300 من سكان ماريوبول.

كما جرت عمليات إجلاء أخرى في شرق البلاد.

وفي أوديسا المدينة الاستراتيجية التي تؤمن منفذاً على البحر الأسود في جنوب غرب أوكرانيا، سمعت سلسلة انفجارات، صباح الأحد، وتصاعدت ثلاثة أعمدة من الدخان الأسود على الأقل وألسنة نار في منطقة صناعية على ما يبدو، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

وكتب مستشار وزير الداخلية أنطون غيراشتشنكو على «تلغرام» أن «أوديسا تعرضت لهجوم من الجو وأفيد عن حرائق في بعض المناطق، أسقطت الدفاعات الجوية قسما من الصواريخ»، موصياً السكان بـ «إغلاق النوافذ».

على صعيد آخر، لا تزال القوات الروسية تحاصر جزئياً مدينة خاركيف ثاني أكبر مدن أوكرانيا في الشرق، حيث تتعرض المناطق الصناعية والسكنية على السواء لقصف مدفعي، وفق هيئة أركان القوات الأوكرانية التي تشير رغم ذلك إلى تراجع في حدة القصف.

وكشف رئاسة الأركان أن روسيا تعتزم «تشكيل كتائب مؤلفة من مقيمين متطوعين في المناطق المحتلة مؤقتاً في أوكرانيا ومن مرتزقة».

واصطدمت جهود القوات الروسية لتعزيز مواقعها في جنوب أوكرانيا وشرقها حتى الآن بمقاومة شرسة من الأوكرانيين في ماريوبول، حيث قتل ما لا يقل من خمسة آلاف شخص فيما لا زال حوالي 160 ألفاً من السكان محاصرين، وفق السلطات المحلية.

والسيطرة على ماريوبول ستسمح لموسكو بتأمين تواصل جغرافي من القرم إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا في دونباس.

وقف استيراد الغاز

وفي خطوة تشدد الضغط على روسيا، أوقفت دول البلطيق استيراد الغاز الطبيعي الروسي وأعلن رئيس شركة «كونيكسوس بلطيق غريد» اللاتفية للتخزين أن الغاز الروسي «لم يعد ينقل إلى لاتفيا وإستونيا وليتوانيا منذ الأول من أبريل».

وباتت دول البلطيق تستمد الغاز من الاحتياطات المخزنة تحت الأرض في لاتفيا.

وكتب الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا في تغريدة «اعتباراً من هذا الشهر فصاعداً، لم يعد هناك غاز روسي في ليتوانيا».

وبحسب يوروستات كانت روسيا تؤمن 93% من واردات إستونيا من الغاز الطبيعي و100% من واردات لاتفيا و41,8% من واردات ليتوانيا.

وحظرت الولايات المتحدة استيراد النفط والغاز الروسيين بعد غزو أوكرانيا فيما لم يصدر قرار مماثل عن الاتحاد الأوروبي الذي كان يستورد حوالي 40% من حاجاته من روسيا عام 2021.