صدر حديثاً كتاب بعنوان "قضايا ورأي 2009- 2020" لرئيسة مجلس الإدارة التأسيسي لجامعة عبدالله السالم وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي سابقاً د. موضي الحمود.

وجاء هذا الكتاب في جزأين من القطع المتوسط، وذلك بعد أول إصدار لمقالاتها في كتاب بعنوان "ولنا رأي" قدمه لها أبناؤها هدية بمناسبة عيد الأم عام 2009.

Ad

ويحتوي الإصدار الجديد على سلسلة من المقالات نشرتها الحمود في صحيفة القبس خلال الفترة من عام 2009 إلى 2020.

ويُعد "قضايا ورأي" إضافة جديدة وثقت من خلاله الحمود مواقفها ونتاج فكرها ووجهات نظرها تجاه العديد من القضايا والأحداث الكويتية والعربية والعالمية، وصنفت توزيع مقالاتها في الجزأين من الكتاب في 12 قسماً، تضمن الأول منه ستة أقسام تشمل أعياد الوطن والأمة، وكورونيات 2020، ومحطات ووقفات، ومتابعات برلمانية، وتربية وتعليم، ومع المرأة.

واحتوى الجزء الثاني على ستة أقسام تتضمن، مع الحكومة، ونحن والعالم، والديموقراطية وممارساتها، وتنمويات وطنية، وتحديات، والكويت ومجتمع الشباب، وعتمة وضوء عربي.

وتستهل الحمود إصدارها بمقدمة تقول فيها: "محطـات مـر بـهـا الـوطـن وتفاعـل معهـا الـفكر والـقلم، بعضهـا مـفـرح، وبعضهـا مشـجع، وكثيـر منهـا محبـط، ولكنهـا فـي مجموعهـا شـكلت درب الحيـاة الطويـل لوطـن تـواق للحياة، ولمجتمـع يمـلؤه الحماس وإن كثرت تحدياتـه وتعـددت عثراتـه... مقـالات عكسـت خلاصـة عمـر أمضيتـه فـي الـعمـل الـعـام والخـاص السياسي والأكاديمي الشخصي والعائلي المحلي والعالمـي، ومـع أنـاس لـهـم خبـرة ومواطنيـن بسطاء، رجـالا ونسـاءً شـيبا وشـبابا، يتطلـعون إلـى الغـد الـذي بجهودهـم وحكمـة كبارهـم سيزدهر إن شاء الله".

وفي ختام كل جزء، استعرضت الحمود محطات من حياتها العملية في كل من جامعة الكويت، والجامعة العربية المفتوحة، وفي وزارات التخطيط والإسكان، والتربية والتعليم العالي، وما حفلت به من تكريم، وما حصلت عليه من شهادات تقدير وجوائز من العديد من الجهات والمؤسسات العربية والدولية في قسم خاص بعنوان: "محطات في حياتي"، إضافة الى إشادات عدد من الشخصيات الرسمية والأهلية بسيرتها ومسيرتها الوطنية والإنسانية بعنوان: "قالوا عني".

وعلى غلاف كِلا الجزأين من الكتاب دونت الحمود مقولة هي عبارة عن كلمات موجزة تحمل في طياتها حكمة ونصحا صادقا، تقول فيها: "لا تتنازل عن مبدئك تحت أيّ ظرف. خفّف من حدّة نشاطك إذا لزم الأمر، ولكن لا تتنازل أو تتلون وفق الظروف، لأنّك إن فعلت ذلك انتهيت. تمسك بمبدئك، فقد تُغضب البعض وقد يتخاصم معك نفر من الناس، ولكن من المؤكد أنهم سيحترمونك"

مقال مهيب

وتفتتح الحمود إصدارها بمقال مهيب عن سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الاحمد، تقول فيه: "كلنا راحلون عن هذه الدنيا الفانية، يرحل الجسد وتبقى الذكرى... إن كانت هزيلة يطويها الزمن في لحظات، وإن كانت عَطرة يحفرها التاريخ في صفحاته الخالدة، وبالأمس فقدنا الوالد العطوف الأمير الحاني على شعبه، المغفور له، بإذن الله، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، غادرنا إلى دار الحق لتبقى بيننا ذكراه، وأي ذكرى! فهو من سعى في الأرض جادّاً سنين طويلة؛ ليرفع اسم الكويت وسمعتها عاليين بين الأمم، هو من بادر وبارك قوافل الخير التي وصلت إلى أقصى بقاع الأرض، هو من عمّده العالم بأسره "قائداً للعمل الإنساني".

ولفتت إلى أنه هو من وقف مع أبنائه في أقسى المحن وضد هجمات الغدر والإرهاب الذي طال عدداً منهم، هو من حمل هم أمته وأشقائه في الخليج، فسعى لرأب الصدع بينهم، ولمِّ شملهم وتوحيد صفهم؛ لإيمانه بأن الأخوة أقوى من الخلاف، هو من تسامى ببلده عن جراح الغزو والنكران وأجزل البذل والعطاء، ودعا إلى إعادة إعمار جارٍ، تنكّر قائده لسيادة وطنه الكويت وآذاه... شيخنا وفقيدنا، ماذا نعدد من سخاء بَذْلك؟ وهل نستطيع أن نحصي كل جميل فعلك؟ أشك في ذلك! فهنيئا لك ولنا هذه الذكرى الطيبة العطرة لقائد كريم سيسجلها التاريخ في صُحفه.

وتابعت: "لا أستطيع أن أغفل في هذه الوقفة ما لمسته شخصياً ولمسه غيري من أبنائك وبناتك ممن خدموا في شتى مواقع الدولة وآخرها الوزارة من عظيم دعمك لنا... كنا ننشدك مرراً لنلتمس النصح والتوجيه... لم أشعر يوماً ونحن في حضرتك، بسطوة الحاكم ورهبة اللقاء؛ فقد كنت- رحمك الله- تستقبلنا بابتسامة، وتودعنا بمثلها مشفوعةً بالرأي والنصح والقرار المعين لنا في أعمالنا... كنت دائماً داعماً لي وللمرأة الكويتية في مسيرتها، نصيراً لها في حقوقها، واثقاً بقدراتها، ومبرزاً لجهودها في شتى المواقع وأعلى المناصب".

وتختم: "رحمك الله أيها الحاكم الإنسان، وأسكنك فسيح الجنان... ووفق خلفك الصالح أميرنا الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لما فيه خير البلاد والعباد... وحفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه... "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"، وعظَّم الله أجرك يا وطني".

منصة التعليم

وفي مقال آخر بعنوان "اشتقت إليك يا كويت"، تتحدث الحمود عن التعليم، قائلة: "كلما زادت أيام الحجر الطوعي في منازلنا ازداد الشوق والحنين للكويت وأهلها وللأصحاب والأحباب وللشوارع والأسواق ولكل شيء جميل في الكويت... أستمع إلى الفنان المبدع بشار الشطي وهو يردد (اشتقت لك يا كويت) ولا أستطيع منع دمعة تنحدر وتزداد كلما زاد الحنين... اللهم ارفع عنا البلاء وأعدنا للكويت التي نعشق وأعد الكويت لنا.

ولكن هل سيعود كل شيء كما كان؟ لا شك أن أشياء كثيرة تغيرت منها الإيجابي كهمة شبابنا، وزيادة وعينا الصحي، وينابيع التطوع والإنسانية التي تفجرت... ومنها السلبي كضعف النفوس والغش وكثير من مشاكلنا التي كشفتها الأزمة... وكأنما لم يكن لنا علم بها! أما تعليمنا فقد تأرجح بين الاستمرار والتوقف وبين الخاص والعام ومازلنا نبحث عن صيغة مناسبة لتعليم أبنائنا، وهنا سأقف عند هذا القطاع الذي أنتمي إليه، والذي تتغير فيه الأمور في كل يوم على مستوى العالم... وأستذكر موقفين مما عاصرته شخصياً في سنواتي الطويلة في مجال التعليم.

ففي التسعينيات، بادرت جامعة الكويت إلى تدشين منصة للتعليم عن بُعد وبعد سنوات توقفت، ولا تسألوني لماذا؟ فهذا حالنا في الكويت، واليوم يشتد النقاش في الجامعة بين معارض ومؤيد وما زالت الجامعة معطلة! وفي بدايات الألفين دشن المغفور له بإذن الله الأمير طلال بن عبدالعزيز الجامعة العربية المفتوحة كأول جامعة في الوطن العربي تتبع نمط التعليم عن بُعد واحتضنتها الكويت السباقة... لقد استشرف رحمه الله المستقبل وأعد له العدة... ولكنه عانى وعانيت كرئيسة لهذه الجامعة الأمرّين مع وزارات التعليم العالي في الدول العربية التي نعمل بها، لقبول هذا النمط الذي أصبح الآن هو المنقذ لتعليم أبنائنا في جميع المراحل الدراسية وليس الجامعات فقط.

واليوم وعلى مستوى العالم يشهد هذا القطاع تحولاً جذرياً... فها هي كبرى الجامعات العالمية وعلى رأسها هارفارد وMIT وستانفورد وغيرها... والجامعات الإنكليزية والأوروبية التي تتوقع أن تمتد الأزمة إلى ربيع 2021 تحول نظامها التقليدي إلى التعليم الإلكتروني وتفتح منصات التعليم عن بُعد لطلبتها عبر العالم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تراجع هياكلها الإدارية والمالية فتخفض رواتب قيادييها وأعضاء هيئة التدريس فيها والعاملين بنسب متفاوتة، وتؤجل التعيينات فيها إلى أجل غير مسمى (Hiring Freeze)... لانخفاض ميزانياتها، ولعدم حاجة هذا النظام التعليمي لأعداد القوى البشرية العاملة كما في نظامها السابق.

هذا التحول سيُجبر جامعاتنا المتخلفة عن الركب العلمي إلى بذل الجهد للحاق به، وستُجبر الأجهزة الرسمية على اعتماد هذا النمط التعليمي المتقدم الذي سيتيح للجميع من الآن فصاعداً التعليم الجامعي حتى وهم في دولهم ومنازلهم، وها هم طلبتنا المبتعثون يعودون إلى الكويت (قرت عين الكويت وأهلهم فيهم) لتحتضنهم وقت الأزمة وهم ما زالوا على تواصل مع جامعاتهم في الخارج.

تغير حتمي ستشهده الكويت في مناحٍ عديدة يحتاج بالطبع إلى همة عالية لمقابلة مشاكلنا، وتصحيح أوضاعنا، راجين ألا يفتر حماس مسؤولينا بانتهاء الأزمة كالعادة... نحن فعلاً اشتقنا لكويتنا الحبيبة مع التحسينات التي نأمل أن نشهدها مستقبلاً... والله الموفق".

الربيع العربي ورياح سموم

قالت الحمود في أحد مقالاتها التي واكبت الأحداث التي خلفها الربيع العربي، إن شعوب المنطقة هللت بهبوب نسمات "الربيع العربي"، التي استبشرنا بها خيراً، ولكنها انقلبت إلى رياح سموم، اقتلعت كل ما هو جميل... فمهّدت الطريق للقوى المتشددة والمتطرفة من بقاع العالم و"دواعشه"؛ لتدكّ أحلى مدن العرب، وتحيلها إلى خراب، وتشرّد أهلها في بقاع الأرض، بعد أن انتشر القتل على الهوية والدمار لكل ما هو مخالف... فترحّمْنا على أيام الاستعمار الذي لم يفعل ما فعله أبناء العرب في أوطانهم... وما زلنا نرقب تداعي الأحداث في مشاهد مرعبة وأحداث مأساوية. وأضافت: كأن ذلك كله لا يكفي... حتى ظهرت لنا قوى جديدة، تمددت على ما يوازي ربع الرقعة العربية، فمعظم سياسيي إيران شغلهم حلم الدولة الفارسية العظيمة فحصَّنوا وجودهم في العراق ولبنان وسورية واليمن... و"إردوغان تركيا" انتعش حلمه بالحكم العثماني التليد، فتدخل عسكريا في ليبيا ضمن اتفاقية، أدانها الشعب الليبي نفسه والجامعة العربية... ولكنها رغبة التوسّع الإيراني- التركي، (القديم- الجديد)، والتي أصبحت ظاهرة وحقيقة لبعض دول المشرق والمغرب العربي... ولسان حال الشعوب العربية المغلوبة على أمرها يردّد: "هل من نهاية لذلك الليل العربي الطويل؟ وهل من أمل ينعش نفوس أبنائه الذين يرقبون أحوال العالم تتبدل إلى الأفضل وأحوال العرب تتراجع إلى الأسوأ؟"... ولا نقول إلا ما يقوله المستعمر الجديد: "آمان ربي آمان" ومن الله نسأل الأمن والأمان.