غيب الموت أحد رموز الوطنية الزميل الغالي عبدالله محمد النيباري، حيث انتقل إلى جوار ربه يوم الاثنين 22/ 3 / 2022 بعد أسبوع من رحيل زميله في الكفاح والنضال د. أحمد الخطيب، رحمكما الله وأسكنكما فسيح جناته، وأنزلكما منزلة عنده أفضل من منزلتكما في هذه الحياة.

لقد كنتما من رموز الوطن، دافعتما عن حقوق الإنسان في وطنه، خصوصاً الحقوق السياسية والاقتصادية في زمن كان الكلام قي هذه الشؤون من المحرمات، ويعاقب من يتجرأ ويطالب بتلك الحقوق، حتى أصبح المجتمع الكويتي فريداً في دول الخليج حيث ينعم بالديموقراطية، بفضل جهودكما وجهود من آمن بتلك المبادئ.

Ad

وهكذا بدأت رموز الوطن تتهاوى، تلك الرموز التي ساهمت مساهمات فعالة في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي في بلادنا، فقد عرفت الفقيد أثناء الدراسة في القاهرة، حين التحقت بالدراسة في القاهرة 1957، وقد سبقني في الدراسة هناك، وعرفت أنه متخصص في دراسة الاقتصاد في الجامعة الأميركية، وكنا نلتقي في مقر اتحاد الطلبة الكويتيين، ومن خلال تلك اللقاءات أدركت أن الفقيد كان ملماً بالأوضاع العربية والدولية، ويجيد التحدث عنها، ويريد لفت نظرنا إلى أهميتها، ثم عرفنا أنه مع مجموعة من طلبة الاتحاد ينتمون إلى حركة القوميين العرب، وكان لهم السيطرة على الرابطة.

وكان عبدالناصر يرعى تلك الحركة، وسمي أتباعها فيما بعد بالناصريين، خصوصاً بعد الانشقاق الذي حدث فيها بعد هزيمة 1967، حيث انقسمت تلك الحركة إلى مجموعتين على مستوى الوطن العربي، مجموعة استمرت في تأييد زعامة عبدالناصر، ومن قيادات هذا الاتجاه في الكويت، المرحوم جاسم القطامي وعبدالمحسن الدويسان وفيصل الحجي، أما الأخرى فرأت أن عبدالناصر بعد تلك الهزيمة ارتكب خطأ فادحا، أدى إلى ظهور نتائج كارثية في حق الأمة، لذا فهو لا يستحق الاستمرار في الزعامة وأسرفوا في انتقاده، وكان الفقيد النيباري ود. أحمد الخطيب وسامي منيس، يمثلون قيادات هذا الرأي في الكويت، ويجب أن يترك للمؤرخين والمتخصصين الحكم على ذلك.

كتب الكثير من الكتاب يرثون الفقيد ويشيدون بمواقفه الشجاعة سواء داخل المجلس عندما كان نائبا أو خارجه، ولفت نظري مقال للفاضل مبارك الدويلة، حيث كتب مقالا عن وزير الإعلام، وأشار في السطرين الأخيرين من ذلك المقال إلى وفاة المرحوم، وأنه يشهد له في حرصه على الصلاة سواء في الكويت أو في السفر، وأخبرت الزميل أحمد باقر بما كتبه الفاضل مبارك الدويلة، فأجاب بأنه قال الصدق وأنا أشهد على ذلك، ثم تكلمت مع أصحاب المرحوم لما التقيت معهم قي عزاء الفقيد، فأجابوا إن المرحوم حريص على الصلاة والزكاة والحج، في حين كانت تهم الإلحاد توجه لهم أثناء حياتهم وأنهم جماعة لا دينية.

رحمك الله يا أبا محمد لقد صبرت على مرضك، وعفوت عمن اعتدى عليك وحاول اغتيالك، ودافعت عن حقوق وطنك، وحققت إنجازات كبيرة لوطنك، أكثر مما حققته لنفسك وأسرتك، نرجو أن نرى اسمك على شارع مهم من شوارع الكويت أنت ود. أحمد الخطيب وجاسم القطامي، كالشارع الذي يحمل اسم زميلكما سامي منيس.

د. عبدالمحسن حمادة