افتتح رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم جلسة اليوم العادية لمناقشة البنود المدرجة على جدول أعمالها وأبرزها النظر في الاستجواب المقدم إلى سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بصفته.

Ad

مرافعة مهند الساير

أكد النواب المستجوبون مهند الساير وخالد العتيبي والدكتور حسن جوهر أنهم سيتصدون لكل يحاول العبث بالدستور محملين سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء مسؤولية الفساد في الجهات الحكومية.

وقال عضو مجلس الأمة النائب مهند الساير في كلمته أنه سيتصدى مع زملائه النواب المستجوبين لمحاولات العبث بالدستور.

وأكد الساير أنه سيتصدى لأي شخص يعبث بالدستور، مضيفاً أن «الدستور يحمي مؤسسات الدولة والشعب الكويتي فالذي يعبث به مكانه خارج القاعة ولن نسمح لأي شخص يعبث به».

وقال إن «الفساد بدأ ينخر في كل مؤسسات الدولة وإن المسؤول عن ذلك هو سمو رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة».

ووجه حديثه إلى سمو رئيس الوزراء قائلاً «أنت المسؤول الأول عن المؤسسات وهذا الاستجواب باسم كل طفل وشاب ومسن وباسم كويت الماضي والحاضر والمستقبل وباسم الشهداء وتضحياتهم».

ورأى أن «سمو رئيس مجلس الوزراء لم يلتزم بالاتفاق حول إقرار سبعة قوانين تمخضت عن الاجتماع الذي عقده مع 16 نائباً في فبراير العام الماضي والتي كانت تمهد لفتح صفحة جديدة من التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة»، مشيراً إلى أن «كتلة الـ 16 نائباً فوجئوا برفع سمو رئيس مجلس الوزراء مشروع مرسوم إلى سمو أمير البلاد يقضي بتعطيل المجلس شهراً لعدم وجود اتفاق حكومي نيابي».

وأشار إلى ما حدث بشأن الجلسة الخاصة لمجلس الأمة بالموافقة على فتح اعتماد إضافي بقيمة 60 مليون دينار (نحو 197 مليون دولار) لمكافأة الصفوف الأمامية إضافة إلى إقرار 300 مليون دينار (نحو 992 مليون دولار) لزيادة رأسمال بنك الائتمان الكويتي لتغطية الطلبات الإسكانية.

وتساءل الساير «كيف لسمو الرئيس بأن يُقدم ثلاثة برامج لعمل الحكومة خلال ثلاث سنوات علماً بأن الخطة الانمائية للدولة لم يتم إقرار قانونها منذ سنة ونصف»، معتبراً أن برنامج عمل الحكومة الحالي «انشائي يعتمد على تغيير الألفاظ والمصطلحات».

ومن جهته، قال عضو مجلس الأمة النائب خالد العتيبي في كلمته إن ما وصفه بسوء الإدارة الحكومية «أشد فتكاً بالدولة من غيرها بسبب هدرها للمال العام وإفسادها للمؤسسات»، معبراً عن استغرابه لإطالة سمو رئيس مجلس الوزراء في تشكيل الحكومة «معرضاً مصالح الوطن والمواطنين إلى الضرر بسبب ذلك التأخير».

وانتقد قيام سمو رئيس الوزراء بعقد «مساومات سياسية مع نواب مجلس الأمة»، مشيراً إلى أن النهج الحالي هو تحويل النائب إلى «مندوب لتخليص معاملات انتخابية بدلاً من قيامه بدوره التشريعي والرقابي».

وذكر أنه قدّم 19 سؤالاً برلمانياً منذ تولي سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئاسة مجلس الوزراء «ولم يجب على 17 منها بحجة عدم دستورية السؤال».

وتساءل العتيبي عن دور سمو رئيس الوزراء في الحفاظ على ثروات الدولة واسترداد الأموال العامة منتقداً سياسة تعيين مستشارين بدرجة وزير.

وأشار إلى أن سمو رئيس مجلس الوزراء لم يستجب إلى الطلبات النيابية بشأن عقد الجلسات الخاصة لمناقشة قانون بسط يد القضاء على أمور الجنسية وقانون المسيء وقانون الحبس الاحتياطي وغيرها وذلك استناداً للمادة (72) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

وتساءل عن السند الدستوري الذي استند إليه سمو رئيس مجلس الوزراء بعدم حضور الحكومة للجلسات الخاصة مكتملة الأركان بعد توجيه الدعوة من قبل رئيس مجلس الأمة.

بدوره، قال عضو مجلس الأمة النائب الدكتور حسن جوهر إن أعضاء مجلس الأمة تدرجوا في استخدام أدواتهم الدستورية بدءاً من السؤال البرلماني وطلب جلسات خاصة وانتهاء بتقديم الاستجواب بهدف ممارسة دورهم التشريعي والرقابي وتحقيق مصالح الوطن والمواطنين.

وأشار جوهر إلى قيام النواب بتقديم 800 اقتراح بقانون إضافة إلى مطالبتهم بعقد عدد من الجلسات الخاصة لمعالجة الاختلالات في الدولة منذ انطلاق الفصل التشريعي الـ 16 في 15 ديسمبر 2020.

وأبدى استياءه من مقاطعة سمو رئيس الوزراء والوزراء لعدد من الجلسات الخاصة التي تم تحديدها لمعالجة هموم المواطنين وإقرار قوانين مهمة مثل بسط سلطة القضاء على الجنسية واسترداد الأموال العامة.

ولفت إلى تصنيف الكويت في مراكز «مخجلة» في مؤشرات مدركات الفساد السنوية بناءً على تقرير المنظمة العالمية لمكافحة الفساد.

وعبّر عن استغرابه من دور الحكومة في حل المشكلات المزمنة التي يعانيها المواطن كقضايا الاسكان والتعليم والصحة والتركيبة السكانية والتوظيف.

وأشار جوهر إلى «عدم مضي سمو رئيس الوزراء فيما أعلنه سابقاً بتعديل التركيبة السكانية للبلاد إذ تكون نسبة الكويتيين 70 في المئة من عدد السكان»، داعياً سمو رئيس الوزراء إلى تحمل المسؤولية عن تأخيره في تنفيذ الوعود التي قطعها ومعالجة التركيبة السكانية.

ورأى أن الحكومة تخلت عمّا أسماه بـ «مبادئ الشفافية» في انتخابات مجلس الأمة، مشيراً إلى أن «الحكومة تقدمت في نهاية الفصل التشريعي السابق بمشروع بقانون بإنشاء المفوضية العليا للانتخابات وبشكل مفاجئ تم سحب هذا القانون الذي قُدم للمجلس».

رئيس الوزراء يرد على محاور الاستجواب

ورداً على محاور الاستجواب، قال سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء إنه متمسك بالنظام الديمقراطي والدستور الذي أرسى دعائمه الآباء المؤسسون، مؤكداً عدم انزعاجه من الاستجواب المقدم له إذ يُعتبر حقاً دستورياً لأعضاء مجلس الأمة.

وأشار سموه إلى احترامه للدستور وتعهده بعدم إحالة الاستجواب للمحكمة الدستورية ولا إلى اللجنة التشريعية ولا طلب جلسة سرية ولا طلب أمد متى ما كان الاستجواب ضمن الضوابط الدستورية والمذكرة التفسيرية واللائحة الداخلية وقرارات المحكمة الدستورية.

وأوضح أنه بعد اطلاعه على صحيفة الاستجواب من ناحية الشكل والمضمون والتوقيت وجد أنه يتضمن من ناحية الشكل أربعة محاور فيما تنتهي صحيفة الاستجواب إلى ثلاثة محاور فقط إضافة إلى عدم انسجام الفقرات مع بعضها البعض.

أما من ناحية المضمون فعلى ماذا يستجوب سمو رئيس مجلس الوزراء إذ نص القرار التفسيري للمحكمة الدستورية على أن «ينحصر نطاق الاستجواب في حدود اختصاصات رئيس الوزراء وأن يكون في السياسة العامة للحكومة وشريطة أن تكون قائمة ومستمرة وعدم المساءلة عن أعمال تنفيذية تختص بها وزارات بعينها أو عمل لوزير بوزارته».

وذكر أن الشبهات الدستورية بهذا الاستجواب تتمحور حول خروج الاستجواب عن نطاق المسؤولية السياسية لرئيس الوزراء الذي رسمته المحكمة الدستورية وخلط الاستجواب بين مفهوم السياسة العامة للدولة والسياسة العامة للحكومة والتدخل في اختصاص السلطة التشريعية باستجواب رئيس الوزراء عن أعمال برلمانية ليست محلاً للمساءلة السياسية وخلط الاستجواب بين مفهوم السياسة العامة للحكومة والعمل التنفيذي إضافة إلى مخالفة الاستجواب في أن تكون المسؤولية عن السياسة العامة قائمة ومستمرة.

ومن ناحية التوقيت، أشار سمو رئيس مجلس الوزراء إلى رسالة سمو أمير البلاد التي أرسلها إلى مجلس الأمة بتاريخ 7 مارس الحالي بشأن التعاون بين الحكومة والمجلس والتي تقضي بأهمية التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نتيجة تداعيات المواجهة العسكرية في أوكرانيا، مستغرباً أنه بتاريخ 9 مارس الحالي بعد يومين من رسالة سمو الأمير قدم النواب الثلاثة هذا الاستجواب.

وحول محاور الاستجواب وتحديداً المحور الأول بشأن «الممارسات غير الدستورية لرئيس مجلس الوزراء»، أكد سموه أنه لم يكن يود الخوض في هذا الموضوع والجدل خاصة بعد دعوة حضرة صاحب السمو أمير البلاد للحوار الوطني، مشيراً إلى بنود الحوار وهي العفو والإشكاليات الدستورية والحكومة البرلمانية وبرنامج عمل الحكومة.

وفيما يخص الإشكاليات الدستورية، أوضح سموه أن هناك ملف كامل يتعلق بكل ما حدث بدور الانعقاد الماضي وهناك تفاصيل تتعلق بالأمور التي حدثت خلال الفترة من 15 ديسمبر 2020 حتى 1 يوليو 2021 بعد فض دور الانعقاد الماضي، مضيفاً «لكننا ارتأينا بعد ذلك طي الصفحة عن طريق تشكيل حكومة برلمانية مثلها أربعة نواب من مجلس الأمة الحالي».

وذكر أن «عدداً من نواب مجلس الأمة من بينهم النواب المستجوبين خالفوا اللائحة الداخلية لمجلس الأمة عبر تصويتهم العلني (الباركود) أثناء انتخاب رئيس مجلس الأمة بتاريخ 15 ديسمبر 2020».

وعبّر سموه عن استغرابه من تحميله وزر تطبيق مادة دستورية تحق له انتخاب رئيس مجلس الأمة كون الوزراء أعضاء في مجلس الأمة.

وأكد أن صدور مرسوم أميري بعام 2021 بتأجيل اجتماع مجلس الأمة بمدة لا تتجاوز شهر حق دستوري لسمو الأمير استناداً للمادة 106 من الدستور التي تنص على أن «للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة بمدة لا تتجاوز شهراً»، متسائلاً «لماذا يحمل النائب المستجوب الدكتور حسن جوهر سمو رئيس مجلس الوزراء مسؤولية هذا المرسوم».

وحول تقديم الحكومة لاستقالتها في عام 2021 بعد تقديم استجواب لسموه ومن ثم صدور الأمر الأميري بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء استناداً للمادة 56 من الدستور أبدى استغرابه لتقديم بعض أعضاء مجلس الأمة استجواباً آخر لسموه قبل أن يؤدي القسم الدستوري في مجلس الأمة.

وأكد سموه بشأن برنامج عمل الحكومة أنه من مسؤولية الحكومة، مشيراً إلى أن الدستور نص في إحدى مواده «على الحكومة أن تقدم برنامج عملها فور تشكيلها» وهذا ما التزمت به الحكومة.

وأشار إلى طرح النائب الدكتور حسن جوهر والنائب مهلهل المضف في جلسات الحوار الوطني برنامج عمل الحكومة كما تمت مناقشة الملامح الرئيسية للبرنامج والاتفاق على أخذ ما يتلاءم في هيكلة البرنامج، مستغرباً من تحويل موضوع برنامج عمل الحكومة إلى مادة من الاستجواب الموجه له بصفته.

وعن ما طرحه النواب المستجوبون الثلاثة في جلسة اليوم بشأن ما قالوا أنه «مساومات سياسية على حساب مصلحة الوطن والمواطنين» خصوصاً فيما يتعلق بزيادة رأسمال بنك الائتمان، أكد سموه أن تلك الجلسة كانت بناءً على طلب النائب الدكتور عبدالعزيز الصقعبي والنائب مهلهل المضف والنائب عبدالله المضف فكيف يتم اتهام رئيس الحكومة بمساومة النواب لإنقاذ نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السابق.

وبخصوص صدور مراسيم بتعيين مجلس الوزراء لمستشارين بدرجة وزير، أوضح سموه أن هذه المراسيم تصدر منذ عقود، مشيراً إلى أن أمناء مجلس الأمة السابقين صدرت بهم مراسيم بدرجة وزير كما أن رئيس ديوان المحاسبة يعين بمرسوم ويعامل معاملة الوزير من حيث الراتب والمزايا المالية ورئيس محكمة التمييز يتقاضى الراتب والبدلات المقررة للوزير.

وفيما أثاره النائب المستجوب خالد العتيبي في جلسة اليوم من أن سمو رئيس مجلس الوزراء لم يجب على 17 سؤالاً قدمها له، قال «هذا صحيح نظراً لعدم اختصاصه بشأن هذه الأسئلة».

وأشار إلى تلقي الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» 1714 بلاغاً منذ إنشائها حتى نهاية شهر فبراير الماضي كما رصدت الهيئة في نفس الفترة 120 واقعة فساد إذ تم تحويل 159 حالة إلى النيابة العامة وإحالة 28 حالة لجهات أخرى بداعي الاختصاص إضافة إلى 11 حالة منظورة في المحاكم في درجات التقاضي المختلفة.

وأكد تحسن نتيجة دولة الكويت في مؤشر مدركات الفساد لعام 2021 إذ حلت في المرتبة الـ 73 بعد أن كانت في المرتبة الـ 85 في عام 2019.

ودعا سموه مجلس الأمة إلى ضرورة التعجيل في إقرار القوانين تلبية لمتطلبات منظمة الشفافية الدولية، مشيراً إلى إحالة مجلس الوزراء مشروعات قوانين إلى مجلس الأمة بشأن المشروع بقانون بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء «توسيع نطاق مسؤولية الأشخاص عن جرائم الفساد وتجريم الرشوة في القطاع الخاص» والمشروع بقانون بإصدار قانون بشأن حظر تعارض المصالح.

وقال إن الحكومة أدت مسؤولياتها المناطة بها دون تقصير خلافاً لما أورده النواب المستجوبون إذ عملت الحكومة على رعاية المواطنين والمقيمين حتى في أسوأ فترات جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، مستذكراً توجيه سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عندما قال له «أرواح الناس أمانة برقبتك».

وأضاف أن الحكومة حرصت على إيجاد أفضل السبل لتقليص تبعات الجائحة بالتعاون مع الأخوة المواطنين والمقيمين الذين شمروا عن سواعدهم لاجتياز الجائحة.

واستند سموه في ختام كلمته على النطق السامي لسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال افتتاح دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الـ 16 الذي قال فيه سمو الأمير «لاشك أنكم تدركون ما يشهده العالم ومنطقتنا على وجه الخصوص من تطورات وأمامكم تحديات جسيمة وآمال يعلقها عليكم أهل الكويت فلم يعد هناك متسع لهدر المزيد من الجهد والوقت والإمكانات في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين وعقبة أمام أي انجاز وهي دعوة صادقة ونصيحة مخلصة احرصوا على أن تكون ممارسات قاعة عبدالله السالم ومداولاتها مدرسة لأبنائنا وأجيالنا القادمة وقدوة صالحة تجسد الايمان بالنهج الديمقراطي وجدواه وساحة للانجاز وصورة حضارية ناصعة لمجتمعنا الكويتي الأصيل».