دفع الهجوم العسكري الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا بالمسؤولين الأوروبيين إلى حافة الحرب، فباتوا يفكرون باحتمال أن يستعمل بوتين الأسلحة النووية لتحقيق أهدافه أو يشنّ هجوماً على إحدى الدول الحليفة للناتو.

في الأيام الأخيرة، زادت التوقعات التي تنذر بحصول هجوم نووي ضد أوكرانيا نتيجة خليط من البيانات الصادرة عن روسيا وبيلاروسيا، فقد اتّهم المسؤولون الروس أوكرانيا بتشغيل مختبرات بيولوجية تُجري تجارب مبنية على مسببات أمراض خطيرة قد تنتج أوبئة جديدة وقائمة على الانتماء العرقي لاستهداف روسيا، ويزعم الكرملين أيضاً أن الحملة العسكرية الأخيرة ضد أوكرانيا هي مجرّد عملية دفاعية لاستباق هجوم أوكراني على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا.

Ad

شارك الدكتاتور البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في تأجيج التوتر أيضاً خلال مقابلة أجراها مع صحافي ياباني الأسبوع الماضي، حيث قال لوكاشينكو، الذي سمح لبوتين بإطلاق الهجوم على كييف من أراضي بيلاروسيا، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجب أن يرضخ لمطالب بوتين قبل فوات الأوان.

أضاف لوكاشينكو: "إذا رفض زيلينسكي هذا الطلب، فسيضطر للتوقيع على اتفاقية استسلام خلال فترة قصيرة، فروسيا لن تخسر هذه الحرب... كيف تنتهي الحرب حين يفوز بها طرف واحد؟ اليابان تعرف الجواب أكثر مني".

هذا التعليق قابل للتأويل: هل يعني لوكاشينكو أن بوتين سيزيد ضغوطه لدفع أوكرانيا إلى الاستسلام بلا شروط، أم أن روسيا ستستعمل الأسلحة النووية لتحقيق هذا النصر، مثلما استعملت القوات الأميركية الأسلحة النووية ضد هيروشيما وناغازاكي لإنهاء الحرب العالمية الثانية؟

يقول مسؤول أوروبي بارز: "كل واحد من هذين الاحتمالَين وارد بنسبة 50%، فلوكاشينكو رجل يجيد رصد المؤشرات، وهو بارع في الكذب والخداع، لكنه يوجّه رسائل واضحة جداً أحياناً، لذا لا يمكن أن نستبعد رغبته في توجيه الرسالة التالية: "اليابان تعرف أكثر من غيرها معنى رفض الاستسلام".

حاول الرئيس الأميركي جو بايدن تقوية زيلينسكي للسماح له بمقاومة الاعتداءات الروسية، لكنه امتنع عن تقديم أي مساعدات قد تستفز روسيا وتدفعها إلى شنّ هجوم مضاد في مواقع حلف الناتو.

يُعتبر هذا الإصرار على عدم التورط في أوكرانيا نتيجة مباشرة للتحذيرات العابرة للأطلسي حول احتمال أن يستفز أي هجوم على الناتو جميع الحلفاء الغربيين، لكنّ هذا الخطاب الخالي من المجازفات قد يعطي موسكو الضوء الأخضر لاستعمال تكتيكات أكثر وحشية في أوكرانيا برأي كبار النقاد.

يقول مسؤول أوروبي بارز إن أحداً لا يعرف مدى استعداد أتباع بوتين لتنفيذ هذا النوع من الأوامر المتطرفة في حال وقوع هزيمة عسكرية تقليدية في أوكرانيا، وبرأيه، قد تنكسر هذه الدوامة في أعلى مراتب القيادة في مرحلة معينة لأن العامل الإنساني يبقى مؤثراً في جميع الحالات.

لكن تتعلق أكبر مشكلة يواجهها بوتين بالضربة الاقتصادية الموجعة التي سببتها العقوبات الغربية رداً على الهجوم الروسي ضد أوكرانيا، إذ من المتوقع أن تشلّ هذه التدابير روسيا خلال السنوات المقبلة إذا رفض المسؤولون الأميركيون والأوروبيون تخفيف ضغوطهم.

يضيف المسؤول نفسه: "ستضعف روسيا بدرجة هائلة، لكن لن يحصل ذلك بين ليلة وضحاها، فبعد مرور عشر سنوات، سيصبح الاقتصاد الروسي هشاً وأشك في أن تطرح روسيا تهديداً حقيقياً في تلك المرحلة، لكن يجب أن نتعايش مع الظروف خلال هذه السنوات العشر".

أخيراً يقول السفير الأميركي السابق في أوكرانيا، بيل تايلور: "يملك حلف الناتو الأسلحة النووية اللازمة لهزم العمليات التي يخشاها بعض الحلفاء خلال أي حرب خاطفة محتملة، وإذا هاجم بوتين الناتو عسكرياً، فلا مفر من حصول رد عسكري، وإذا هاجم الناتو بالأسلحة النووية، فلا مفر من حصول رد نووي، ومع أن روسيا تتفوق من حيث عدد الأسلحة النووية الصغيرة، وهذا أمر مؤكد، لكننا نملك أسلحة كافية أيضاً ويمكننا أن نردّ عليها عند الحاجة، أنا مقتنع بأننا نستطيع فعل ذلك".

● فورين أفيرز - جويل غيركي