وسط قلق إيراني من تأثير الحراك الإقليمي المتسارع لإيجاد مقاربة تنهي سنوات القطيعة الممتدة مع حكومة البلد الغارق بالأزمات منذ 2011، شدد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لدى استقباله في دمشق أمس، نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، على أن سورية حريصة على «إقامة أفضل العلاقات بين طهران والدول العربية لما فيه مصلحة المنطقة».

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن المقداد قوله، إن «المناقشات ستشمل الأمور التي تهم بلدينا والتطورات في المنطقة وما جرى من تطورات هائلة في العالم بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ومواقفنا المشتركة تجاه تلك الأحداث وما هو وراء ذلك».

Ad

ولفت المقداد إلى أن «الكثير من المياه، كما يقولون في الغرب، سارت تحت الجسور لذلك يجب أن نعود لنطلع من الوزير عبداللهيان على التطورات الأخيرة، وكي نؤكد مرة أخرى وقوفنا إلى جانب الجمهورية الإسلامية في تعاملها الذكي والمبدع مع الملف النووي».

خندق واحد

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن «إيران وسورية في خندق واحد». وأضاف قائلاً: «أنا سعيد لأن العلاقات بين طهران ودمشق في أفضل حالاتها، واليوم نتحدث عن العلاقة الاستراتيجية بين إيران وسورية».

وأضاف أن طهران ترحب بتطبيع العلاقات بين دمشق والدول العربية، مؤكداً:» نحن أقرب من أي وقت مضى لاتفاق نووي».

كما التقى الوزير الإيراني بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي أجرى زيارة إلى الإمارات، الجمعة الماضية، هي الأولى منذ عقد من انقطاع العلاقات بين دمشق وغالبية الدول العربية.

وفي وقت مثلت خطوة الأسد تمهيداً لعودة سورية إلى الحضن العربي بمساعدة أبوظبي، تنظر الأوساط الإيرانية إلى التحركات التي تسعى لفك تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية، على أنها ستخصم من حصة طهران أبرز حلفاء حكومة دمشق في حربها ضد الفصائل المعارضة منذ 11 عاماً.

وكان الوزير الإيراني زار سورية أغسطس الماضي، وأكد أن العلاقات بين طهران ودمشق استراتيجية، لافتاً إلى أن البلدين سيعملان معاً لمواجهة الإرهاب الاقتصادي المفروض عليهما من الغرب وتخفيف الضغوط عن شعبيهما.

تحوط وقلق

وفي وقت تأتي زيارة عبداللهيان إلى دمشق بعد أسبوعين من ضربة إسرائيلية، أودت بحياة عقيدين في «الحرس الثوري» الإيراني، ضد مواقع بمحيط العاصمة السورية، حذر قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي الدولة العبرية من «مغبة التمادي في الشرور والحسابات الخاطئة»، مشدداً على أن «إيران ستنتقم لشهدائها فوراً ولن تكتفي بإقامة مجالس تأبين لهم».

وأضاف: «بإمكان الأعداء أن يكرروا أخطاءهم مجدداً لكننا نقول لهم إن من لا يأخذ العبر والدروس من الأحداث سيجبر على خوض التجربة مرة أخرى، إذا أرادوا أن يذوقوا مرارة الانتقام مجدداً فليرتكبوا أخطاءهم مجدداً».

وجاء تحذير قائد «الحرس» بعد أسبوع على قيام عناصره بقصف مقر في شمال العراق قال إنه يعود لـ«الموساد» وأرجعه للرد على هجوم نسبه لإسرائيل على قاعدة طائرات مسيرة بإيران منتصف فبراير الماضي.

لكن سلامي، الذي تسعى بلاده للضغط على واشنطن من أجل إزالة المؤسسة التي يقودها من لائحتها للجماعات الإرهابية، ضمن شروطها لإحياء الاتفاق النووي، لم يشر لمصير وعيده السابق بالانتقام لمقتل القياديين الإيرانيين قرب دمشق.

وفي حين تسعى طهران للتحوط من أجل الحفاظ على نفوذها في دمشق وتفادي ضربات إسرائيلية تعكر مفاوضاتها المعقدة مع واشنطن، أفاد موقع «تايمز أوف إسرائيل» بأن القمة الثلاثية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد التي عقدت في شرم الشيخ أخيراً، ركزت على زيارة الرئيس السوري إلى الإمارات.

وقالت الصحيفة العبرية، إن بينيت، الذي ينظر مكتبه بقلق إلى عودة الأسد المطردة للقبول في العالم العربي، عبر عن موقف إسرائيل خلال الاجتماع في منتجع شرم الشيخ في سيناء.

لفتت إلى أن بينيت منفتح على احتمال أن تكون هناك نتائج إيجابية لإسرائيل والمنطقة من الزيارة، إذ أنها تشير إلى أن الإمارات وحلفاء إقليميين آخرين مهتمون بإقصاء إيران كواحدة من اللاعبين المهيمنين في البلاد.

وذكرت أن موضوع الدفاع الجوي كان موضوعاً رئيسياً خلال الاجتماع، حيث قدم بينيت رؤيته لشبكة دفاع جوي إقليمية، والتي من شأنها أن تشمل نظام دفاع جوي بالليزر للتصدي لهجمات إيران والجماعات الموالية لها.

مصير النووي

ووسط تباين بين واشنطن وتل أبيب بشأن التعاطي مع الملف الإيراني، أفادت تقارير ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، بأن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن سيزور الأراضي الفلسطينية وإسرائيل لبحث «مخاوف من تصعيد أمني في رمضان، وهواجس إسرائيل من عودة واشنطن للاتفاق النووي» الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

ومساء أمس الأول، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنّه بعد نحو سنة من المفاوضات في فيينا «المسؤولية تقع على طهران لاتخاذ قرارات قد تعتبرها صعبة»، مضيفاً «هناك عدد من المسائل الصعبة التي نحاول إيجاد حلول لها».

ولفت برايس إلى أنّ «اتفاقاً من هذا النوع ليس وشيكاً ولا مؤكداً، ولهذا السبب بالتحديد نحن نتحضّر خلال العام لأيّ احتمال طارئ».