قال تعالى: "إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..." (البقرة 271)، رحل منذ أيام في 13 مارس الجاري رجل الإحسان والخير المرحوم مرزوق عبدالوهاب داود المرزوق، الذي أخفى صدقاته وهباته وتبرعاته وكل ما قام به من أعمال الخير، رغبة منه أن يلقى ثوابها عند ربه، وخجلا منه أن يظهر ما يقوم به من أعمال الخير.

والحقيقة أن الآية الكريمة التي أشرنا لها في بداية المقال، توضح أن الدين الإسلامي أعطى حرية للإنسان في إخفاء الصدقة أو إظهارها، فجميعها ينظر إليها الدين الإسلامي على أنها من الأعمال المحمودة، وقد يتوقف ذلك على النية، فإذا كان الهدف من الإخفاء التستر على الفقراء وعدم إحراجهم، فهو من الأعمال المحمودة، أما إذا كان القصد من إظهار الصدقات فيه نوع من الرياء ليتباهى ويفتخر أمام الناس ليقال عنه إنه من المحسنين، فيكون إظهارها من الأعمال المذمومة.

Ad

غير أن هناك جوانب كثيرة أيضا، يكون فيها إظهار الصدقات أفضل من إخفائها، وذلك عندما يشجع إظهارها الطبقة الثرية على المساهمة في بناء المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وعندما نتجول في منطقة الصباح الصحية نشعر بالفخر والاعتزاز، لكل من ساهم في بناء تلك المستشفيات من رجال أفاضل ونساء فضليات، ساهموا جميعاً في تشييد تلك المستشفيات من أموالهم الخاصة، وليدفع هذا العمل غيرهم من الطبقة نفسها للقيام بأعمال مماثلة. وفي هذا العمل والمجال الطيب فليتنافس المتناقسون، ونرجو أن يؤدي إظهار الصدقات من الطبقة الثرية إلى إسكات بعض الألسن البذيئة التي تكاثر ظهورها في هذه الأيام، وبدأت تظهر حقد أصحابها وكراهيتهم على الطبقة الغنية، وتتهمهم بالبخل والجشع وامتصاص ثروات الدولة، وتتعامى عن كل ما قاموا به من أعمال الخير، سواء داخل الكويت أو خارجها.

هذه بعض الأسباب التي تجعل إظهار أعمال الخير أفضل من إخفائها، وقد يكون هناك أسباب أخرى لا أتذكرها، لذا أرجو من ورثة المرحوم حصر أعمال الخير التي قدمها فقيدهم ونشرها، ليكون قدوة لغيره، ولتتذكر الأجيال القادمة تلك الأعمال الطيبة وتفتخر بها.

● د. عبد المحسن حمادة