يستمر التفاعل السياسي اللبناني مع المبادرة الكويتية لإصلاح العلاقات بين لبنان ودول الخليج. في موازاة المواقف المتكررة التي تصدر عن الحكومة اللبنانية، جاء موقف واضح من البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارته لمصر ولقاءاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط. مواقف الراعي في غاية الأهمية خصوصاً أنها تصدر عن رأس الكنيسة المارونية، وهو يعلن انتماء لبنان العربي والتمسك بالحياد، وكأن هذا الشعار يرفعه المسيحيون في مواجهة تحالف الأقليات أو «التفرسنة» والالتحاق بالركب الإيراني.

يتزامن ذلك مع حركة دبلوماسية دولية وعربية تبدي الاهتمام بالملف اللبناني، بعد سلسلة اجتماعات فرنسية ـ سعودية بحثت في زيادة نسبة المساعدات الإنسانية التي سيتم تقديمها إلى الشعب اللبناني عبر المؤسسات الخيرية. وتكشف مصادر دبلوماسية متابعة أن جلسة جديدة ستعقد بين المسؤولين الفرنسيين والسعوديين الموكلين بمتابعة الملف اللبناني وتقديم المساعدات.

Ad

وبعد أن كشفت «الجريدة» الأسبوع الفائت أن الفرنسيين طلبوا من السعودية إعادة سفيرها إلى بيروت لمواكبة توزيع المساعدات، تشير المعلومات إلى أن الأمر لا يزال مدار بحث جدي في المملكة، وقد يكون له صدى إيجابي في المرحلة المقبلة، فصحيح أن المملكة تعتبر أن الأسباب التي دفعتها إلى سحب سفيرها لم تنتف لكن هناك جهودا حثيثة يتم العمل عليها وفق المبادرة الكويتية التي يعلن لبنان التزامه بها، وانطلاقاً من نتائج زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبوع الفائت لبيروت، وعلى ضوء مواقف البطريرك الراعي في القاهرة.

وتضيف المعلومات أن هناك سعيا لإعادة السفير السعودي الى بيروت للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية، والتي قد تبدأ بالوصول مع حلول شهر رمضان المبارك.

وهنا كان لافتاً ما قاله الراعي من مصر، حيث شكر السيسي على «وساطته الدائمة لصالح لبنان، وبخاصة لناحية عودة العلاقات الطبيعية مع السعودية وبلدان الخليج، ولمسنا لديه اهتماما خاصا بالقضية اللبنانية وبضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية».

وأشار إلى الدور الذى تلعبه الجامعة العربية باعتبارها مكاناً لوحدة العرب، معربا عن إعجابه بخريطة للوطن العربي داخل إحدى القاعات تظهر فيها الدول العربية بدون حدود. وشدد على ضرورة حيادية لبنان حتى يمكنه القيام بدور واستعادة مكانته، مؤكدا أن انعزال لبنان عن محيطيه الدولي والاقليمي لا يرضي أحدا.

في السياق نفسه، أعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها، مشدداً على أن الاتصال الذي جرى بينه وبين وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد الناصر يصب في هذا الاطار.

وقال ميقاتي في بيان: «أجدد التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التَّعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التَّعاون الخليجي»، مشددا على «ضرورة وقف كل الانشطة السياسية والعسكرية والامنية والاعلامية التي تمس سيادة السعودية ودول الخليج وأمنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان».

كما جدد الالتزام باتخاذ الإجراءات كافة لمنع تهريب الممنُوعات وخصوصا المخدرات إلى دول الخليج.

في موازاة ذلك، واصل رئيس الجمهورية ميشال عون زيارته للفاتيكان حيث التقى بالبابا فرنسيس وأمين سر دولة الفاتيكان، وأكد من هناك «اننا لا نريد للبنان أن يدفع اثمانا لما يحصل في المنطقة، وهو بفضل عنايتكم واصرار ابنائه على النهوض ليس متروكا لقدره».

في مجال آخر يوحي باستمرار التصعيد القضائي المصرفي، عاش اللبنانيون يوماً مالياً صعباً انعكس على ارتفاع سعر صرف الدولار بسبب إضراب المصارف وإقفال أبوابها. ولم يتمكن اللبنانيون من إتمام عمليات سحب الأموال بسبب المصارف، فيما استمرت القاضية غادة عون في إجراءاتها القضائية وملاحقة حاكم مصرف لبنان من خلال الادعاء عليه بتهمة الإثراء غير المشروع، الأمر الذي دفع سلامة إلى الردّ بأنه كلف شركات للتدقيق الجنائي، وأثبتت أن لا علاقة لثروته بعمله في مصرف لبنان، وعلى ما يبدو أن هذه المعركة ستبقى مستمرة ما لم يتم ايجاد صيغة تسوية تؤدي إلى سحب فتيل التفجير المالي.

منير الربيع