بشقاوة الطفولة، تَحتالُ خِلسةً لتختلس شيئاً ثميناً، بحثاً عن ركلة جزاء ضد الصف الدراسي المجاور، أو تملصاً من شغبٍ ما تسببت به، يأتيك القاضي الذي يفوقك غالباً في السن، طالباً منك الإدلاء بالحقيقة، ولا شيء سواها، تنشد البراءة وتخشى النار وعذاب القبر، يتفتق ذهنك عن حيلة تحقق الهدفين ضامنةً لك براءة الدنيا وجنة الآخرة في آنٍ واحد، تُتَمتِم ببعض العبارات السابقة أو اللاحقة، التي من شأنها تغيير معنى القسم، أو أن تُقسِم قائلاً "واللط" مخفِّفاً صوت الطاء، فلا أثر سمعيًّا لها، تُضَلِّل المتلقي وتتحاشى مخالفة الحنيف، فالشرع شعائر لا سرائر!

تمضي السنين، لنجد أن "بعض" أطفال الأمس قد أضحوا نواباً للأمة حاملين معهم أسلحتهم القديمة، متحايلين باحثين عن هدف هنا أو نجومية هناك، يتمتم مع قسمه الدستوري بما يَهِبه رخصة تجاوز ما يشاء انتقائياً، لا مانع من الخداع فهو مقبول من القواعد الانتخابية، لا قيمة لحريات الشعب والتي نص عليها القسم صراحةً إن كانت لا تُلائم قناعات ديوانية هنا أو فتوى هناك، لينزلق الولاء اللزج للوطن والأمير والدستور والقوانين إلى غيبيات متغيرة بحسب الأمزجة والمصالح، لا تختلف عن قسم الطفولة المخادع إلا بجرأتها وجهارتها وعقوقها لدستورنا الذي انتصر للحريات في 10 مواد صريحة قبل 60 عاماً، قبل أن تدور عقارب الساعة الكويتية عكس مسارها الطبيعي لادِغةً ثوابتنا الدستورية المضيئة.

Ad

عندما كنّا صغاراً، اعتقدنا بأن قسم "واللط" ليس ذا معنى، لكن الزمن وهو خير معلم علَّمنا عديد المعاني لتلك المفردة السحرية النابعة من الحاجة، بالفصحى كانت أم بالعامية، فقد يكون "اللط" اصطلاحاً حسب معجم المعاني "نفاقاً" بكتمان شيء وإظهار خلافه، وقد يكون بالعامية بمعنى "سَرَق"، وقد يكون في سياق آخر بمعنى "ضَرَبَ"، حسب سياق اللط وفقاً لموسوعة اللهجة الكويتية، بكل الأحوال يكون الفاعل سواءً كان منافقاً، أو سارقاً أو معتدياً ضميراً معروفاً، أما المفعول به فهو ضمير مستتر تقديره... وطن.

فيصل خاجة