على الرغم من أن المؤتمرات العلمية لا تزيد على بضعة أيام، فإن التحضير لها يستغرق شهوراً أو ربما سنوات، وقد تكون مكلفة أيضاً، فهل تستحق كل هذا؟

سؤال طرحته د. موزه الربان- رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي– في مقالتها المنشورة قبل 10 سنوات، والتي أجابت فيه عن السؤال: بنعم، وعللت ذلك بأن «فوائد تنظيم وحضور المؤتمرات يصعب حصرها وقياسها، فإذا كانت الحياة الكريمة وازدهار الحضارة لا يكون إلا من خلال مجتمع يضم مختلف الفئات البشرية التي تتبادل المنفعة وتقوم بالأدوار المختلفة، فكذلك ازدهار العلوم لا يكون إلا من خلال مجتمع علمي يضم مختلف الفئات والتخصصات العلمية، وإذا كانت الأسرة لبنة المجتمع فإن الجمعيات العلمية والمهنية هي لبنة المجتمع العلمي، وتكوين الجمعيات والشبكات العلمية يتم من خلال تعاون وتآلف بين الباحثين من ذوي التخصص المشترك ومن له علاقة به، فأين تجد مناسبة أفضل من حضور مؤتمر علمي لتجد فيها من يشترك معك في الفكر والقضية، وقد يكون لديه حل لمشكلة تواجهك.

Ad

لقد ثبت أن أكثر من 70% من حلول المشاكل العلمية والصناعية تنبثق عبر التفاعل المباشر أثناء المؤتمرات واللقاءات العلمية، وهي ليست فقط من خلال المحاضرات أو الأوراق التي تلقى، ولكن أيضاً من لقاءات غير مخطط لها، في المحادثات والنقاشات الجانبية في ردهات المؤتمر، لقد ثبت أيضاً ما هو معلوم بالطبيعة، أن لا شيء يعادل المقابلة وجهاً لوجه في بناء العلاقات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما افتقدناه في فترة الجائحة! فمن الكتب والمجلات العلمية يأخذ الباحث ويتعرف على غيره من العلماء، ولكنه غالباً لا يستطيع أن يقيم معهم تعاونا علميا ويبنيا معهم علاقات علمية واجتماعية إلا حين يقابلهم شخصياً في هذه المؤتمرات.

فخلال المؤتمرات تتولد علاقات علمية وعملية، اقتصادية واجتماعية، وتتكون شبكات علمية ومجموعات بحثية وتبادل للخبرة والمعلومات، وغالباً، عندما يتخرج الطالب ويدخل سوق العمل، يكون بعيداً عن البحث العلمي وآخر تطوراته، فخلال المؤتمر يتعرف على ما جدّ من بحوث في مختبرات الجامعات ويطور أداءه في عمله، ويتعرف العالم والباحث في الجامعة على المشاكل العملية وما يُحتاج إليه في أرض الواقع، وتبدأ حركة ايجابية بين الطرفين. ينكب العلماء على بحوثهم ويعملون بصمت، يجعل المجتمع الخارجي لا يعرف عنهم وعن أنشطتهم العلمية الشيء الكثير، فخلال المؤتمرات يحاولون ترتيب وإعداد عروض تبين تلك الأنشطة، يراها الحضور وتظهرها وسائل الإعلام للجمهور فيتعرف المجتمع على جامعاته وعلمائه، وينتشر العلم وثقافته في المجتمع.

إن الإعداد الجيد للمؤتمرات تنظيماً وحضوراً، وما يتضمن من اهتمام وتركيز على الاستفادة القصوى من المقابلات الشخصية والتعاون العلمي بين المشاركين، ينبغي أن يكون نصب عين المشارك في أي مؤتمر».

انتهى كلام د. موزه الربان الذي وضحت فيه فوائد المؤتمرات وشروط نجاحها التي نتفق عليها جميعاً، ولكن علينا أن نطرح عدة أسئلة للتعرف على مدى تطابق شروط النجاح على اللجان المشكّلة والمؤتمرات المنعقدة في الكويت، منها:

1 - هل تتم متابعة تنفيذ توصيات المؤتمرات التي عقدت في الكويت أو التي شاركت فيها وفود تمثل مؤسسات الدولة؟

2 - هل تكونت علاقات اقتصادية واجتماعية، وشبكات علمية ومجموعات بحثية لتبادل الخبرات والمعلومات؟

3 - هل تشكلت فرق عمل تضم الباحثين من ذوي التخصص المشترك لتقديم حلول مستدامة ذات تكلفة منخفضة لمشاكل البلد؟

4 - هل الهدف من عقد المؤتمرات وتشكيل اللجان هو لتنفيذ متطلبات رؤية مستقبلية وخطة استراتيجية؟

أما السؤال الرئيسي الذي يجب أن نطرحه باستمرار فهو: هل يتناسب العائد العلمي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي مع حجم الإنفاق على تشكيل اللجان وعقد المؤتمرات في الكويت؟

د. عبدالعزيز إبراهيم التركي