الجريدة - مالطا

Ad

أكد رئيس جمهورية مالطا جورج فيلا أن الحروب بشعة تجلب الفقر وتدمر الدول وتنتهك حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا تهدد الديموقراطية وتتهجم عليها وتهدد وحدة الأراضي والسلام دون أي اعتبار للمؤسسات الدولية، لافتاً إلى أن أوروبا تشهد هذه الأيام تهديداً لأمنها واستقرارها.

وأعرب فيلا، في كلمته خلال افتتاح أعمال المنتدى العالمي الثاني للسلام، الذي نظمته مؤسسة عبدالعزيز البابطين الثقافية في مالطا، صباح اليوم، بحضور رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وعدد من القيادات السياسية والفكرية العالمية، ومجموعة من رؤساء البرلمانات في العالم، عن شكره العميق لمؤسسة البابطين لاختيارها مالطا لعقد هذا المنتدى في هذه اللحظات الحاسمة التي يشهدها العالم، آملاً أن يعود من أسماهم الفرقاء إلى طاولة الحوار والمفاوضات.

وعبّر عن رفضه ما أسماه «المأساة الإنسانية» الذي تسببت فيها الحرب، مؤكداً «سنعمل على تحقيق الاستقرار ونشر السلام الذي يرتكز على العدالة، لأن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا تثبيت السلام والعدل الدائمين، والقضاء على العنف، وتحقيق الرفاهية للشعوب، والعمل مع المؤسسات الأممية من أجل نشر ثقافة السلام».

إنقاذ التراث الثقافي

ودعا رئيس مجلس أمناء مؤسسة البابطين العم عبدالعزيز البابطين إلى تشكيل لجنة من السياسيين والمفكرين لإنقاذ التراث العالمي الثقافي الذي يدمَّر جراء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والعمل من أجل الوساطة بين الدولتين.

وقال البابطين في كلمة ألقاها أمام الحضور «يُسعِدُني، في إِطارِ التَّعاونِ بينَ مُؤسسةِ عَبدِالعزيزِ سُعودِ البابطين الثقافيةِ ورئاسةِ جمهوريةِ مالطا أَنْ أتقدمَ بجزيلِ الشكرِ إلى الرئيسِ الدكتور جورج فيلا على استضافةِ المُنتدَى العَالَميِّ الثاني لثقافةِ السلامِ العادلِ، ورعايتِهِ وحضورِه. وهو ما يؤكدُ إيمانَهُ بتوجهاتِنَا والتزامَهُ والتزامَ دولةِ مالطا بالدفاعِ عن السلامِ العادل».

وتقدم بالشكر للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش على توجيه رسالة مرسلة إلى الحاضرين في هذا المنتدى دعما ومساندة، وكذلك إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة عبدالله شاهد الذي وافق على المجيء، ولكن تعذر عليه ذلك فأرسل إلينا كلمته مسجلة بالفيديو.

وأضاف Sإنه لَيطيبُ لي أيضاً أنْ أُرَحِّبَ بِكُمْ جَميعاً وأن أشكرَكُم على الحضورِ والمشاركةِ التي ستكونُ دونَ شكٍّ قِيمةً نوعيّةً، كما أنّني أعتذرُ للسادةِ الرؤساءِ الذين وافقوا على الحضورِ والتزمُوا بذلك، ولكنَّ جائحةَ كورونا والشروطَ الصحيَّة المُتّبَعةَ في السفرِ منعتهُم من ذلكَ، وهم فخامةُ رئيسِ مونتينيغرو مِيلُودوكانوفِيتشْ، وفخامةُ رئيسِ جمهوريةِ السودانِ الجنوبي سَالفا كير، وفخامةُ رئيسِ البرتغالِ مارسيلُو ريبَالُو دي سُوسَا الذي اعتذرَ في آخرِ لحظةٍ لأسبابٍ قاهرةٍ، وكذلك نائبُ رئيسِ كينيا وِليَامْ رُوتُو، وملكُ مملكةِ تورو أُويو نِيامْبا، إنّهم الغائبونَ الحاضرونَ بينَنا، فلهم مِنّا كلُّ التقدير"ِ.

وقال «إِنَّ جهودَنَا مستمرةٌ لتنفيذِ مُبَادَرَتِنَا حَولَ (ثقَافَةِ السَّلامِ العادلِ مِنْ أَجْلِ أَمْنِ أَجْيَالِ المُستَقبلِ)، وأذكرُ أننا قَدَّمْنَاهَا في جَلْسَتيْنِ مُتَتَالِيَتَينِ إلى الجَمْعِيَّةِ العَامَّةِ للأُممِ المُتحدَةِ في السَّابِعِ مِنْ سِبتَمبر عَامَ 2017 ثمَّ في الخَامِسِ مِنْ سِبتَمبَر 2018، بِهَدفِ تَدْريسِ مَبادِئِ ثَقافَةِ السَّلامِ العادلِ بينَ الطلَبَةِ مِنَ الحَضَانَةِ إلى الجَامِعَةِ وحظيتْ بموافقةِ واعتمادِ مكتبِ رئيسِ الجمعية العامة".

وتابع «كان المنتدى الأولُ في محكمةِ العدلِ الدوليةِ في لاهاي بهولندا خطوةً أولى حولَ تَدْريسِ ثقافَةِ السَّلامِ وحِمَايَةِ التُّرَاثِ الثقافِيِّ، ورَكَّزْنَا على العِرَاقِ واليَمَنِ مِنْ أَجْلِ حِمَايَةِ التُّرَاثِ الثقافِيِّ في هَذينِ البَلَدَينِ، وعلى جُمهورِيَّةِ إفرِيقيا الوُسْطَى لإحلالِ السلامِ داخلَها".

وقال «إنَّ لقاءَنا اليومَ الذي يتمُّ في مالطا في العاصمة فاليتا ضِمنَ المنتدى العالميِّ الثاني حولَ يكتسبُ رمزيتيْنِ خاصَّتيْنِ، الرمزيةُ الأولى هي رمزيةُ المكانِ، فجزيرةُ مالطا رمزُ التعايشِ بينَ الشعوبِ وهي فُسيفساءُ جميلةٌ مِن الثقافاتِ والحضارات: فينيقيّةٍ وقرطاجنيّةٍ ورومانيّةٍ وبيزنطيّةٍ وعربيّةٍ ونورمانيّةٍ وإسبانيّةٍ وفرنسيّةٍ وإنجليزيّةٍ، وتتعايشُ فيها كلُّ الأديانِ، إن لها هُويّةً جامعةً فريدةً ووحدةً وطنيةً متميّزةً، إذنْ هي مثالٌ يجبُ أن يُقتدى به»، مضيفاً «أما الرمزيةُ الثانية، فهي الإجماعُ على هدفٍ مشتركٍ واحدٍ وغايةٍ نبيلةٍ ساميةٍ: (السلامُ العادلُ) وهذا الجَمْعُ الطيِّبُ مِنَ الإخوةِ والأصدقاءِ، هو مِنْ حوالي ثلاثين دولة».

إرساء ثقافة السلام

وألقى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وزير خارجية مالطا كلمة أنطونيو غوتيرش المرسلة إلى المشاركين في المنتدى، والذي أكد فيها أن العالم يعيش حالة من الاضطرابات التي بدأت تخرج عن السيطرة، لافتاً إلى أن جائحة كورونا تسببت في وقوت الدمار في كل مكان فضلاً عن أزمة المناخ.

ودعا إلى ضرورة الاستجابة لهذه التحديات جميعها، وإرساء ثقافة السلام بتعاون الجميع.

ومن ناحيته، أكد رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة عبدالله شاهد، أن العالم يعيش حالة من عدم الاستقرار، داعياً إلى ضرورة الاحتفاظ على استقرار العالم. وعلى الأمم المتحدة العمل مع جميع الأطراف المعنية لتحديد التحديات وخاصة تحديد أجندة 2030 بشكل شامل، كما يجب بناء ثقافة السلام وفض النزاعات.

«دور قادة العالم»

وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان «دور قادة العالم» وأدارها الرئيس المالطي جورج فيلا، أكد رئيس جمهورية ألبانيا إلير ميتا، أن العالم يمر بفترة مؤلمة، مشدداً على أن الجميع عليه أن يعمل من أجل التسامح وحماية العالم، لأن القادة الحقيقيين هم من يعملون لحماية العالم.

وشدد على ضرورة الاستجابة لجهود حماية العالم، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن العالم يرى الكثير من القادة الذين يرغبون في إرجاع الانقسامات العرقية، وما يحدث في أوكرانيا مثال على ذلك.

وأكد ضرورة تعزيز السلام في أوكرانيا ودول البلقان وفعل المستحيل من أجل هذا السلام، معرباً عن سعادته بقرار مجلس الأمن بخصوص ما يحدث في أوكرانيا.

ومن جانبها، قالت رئيسة كوسوفو فيجوزا عثماني، إن القارة الأوروبية تعيش في خطر، والشعب الأوكراني يواجه الرعب وانتهاك حقوق الإنسان، وأوروبا تتزعزع، والديكتاتوريين منخرطون في أفعالهم.

وشددت على أنه يجب التفكير في حقيقة أساسية مفادها أنه إذا لم يسُد السلام في أوكرانيا فلن يسود في كل دول العالم، مضيفة أن «هناك حرباً بين القيم، ولكننا علينا أن نعمل من أجل قيم السلام والديموقراطية».

في غضون ذلك، قال رئيس كرواتيا السابق ستيبان ميسيتش «لا يمكن تحقيق السلام العادل باتفاق متساو بين المهتمين مع احترام احتياجات ومصالح الجميع، حيث يجب أن تخضع المصالح والاحتياجات الخاصة دائماً لمصلحة عامة واحدة وهي السلام».

واعتبر ميسيتش أن الهيمنة لأي طرف ليس لها مستقبل، لافتاً إلى أن العالم اليوم يفتقر إلى من لهم الحق في تسمية أنفسهم قادة.