دخلت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يومها الثالث، حيث تواصل القوات الروسية تقدمها على عدة محاور في إطار عمليتها الخاصة في أوكرانيا وسط تصعيد الغرب الضغط الاقتصادي والسياسي على موسكو مقابل جهود لبدء مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.

ومع بزوغ فجر اليوم، تعرَّضت العاصمة كييف لقصف روسي عنيف، في وقت تقترب الدبابات من المدينة من جميع الاتجاهات، حسب ما ذكرت وسائل إعلام غربية. 

Ad

ويحاول الجيش الروسي دخول كييف من الشمال والشمال الشرقي مع دخول قوات من بيلاروسيا المجاورة.

وتدور مواجهات في كييف بين قوات الجانبين من أجل السيطرة على العاصمة، وجرت معارك في جادة النصر، أحد الشرايين الرئيسية في كييف.

ومع الاستمرار في تأكيدها إنها «لا تستهدف المدن الأوكرانية وتتخذ كافة التدبير لتجنب سقوط ضحايا مدنيين»، أعلنت وزارة الدفاع الروسية فرض قواتها المسلحة في أوكرانيا سيطرة كاملة على مدينة ميليتوبول الصغيرة والتي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة في جنوب شرقي البلاد.

وإذا تم تأكيد ذلك، فسيكون ميليتوبول أول مركز سكاني كبير يسيطر عليه الروس.

وكانت الوزارة ذكرت في وقت سابق أن وحدات روسية هبطت في آزوف المطلة على بحر آزوف، ثم انطلقت واحتلت مليتوبول «من دون مقاومة».

وقال المتحدث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، في موسكو، أنه تم تدمير 821 منشأة عسكرية وإسقاط 7 طائرات و7 مروحيات و9 مسيرات في أوكرانيا.

أضاف، كما تم أيضاً تدمير 14 مطاراً عسكرياً و19 موقع قيادة و24 نظاماً صاروخياً مضاداً للطائرات طراز «S300» و48 محطة رادار، إضافة إلى ذلك، تم استهداف 8 زوارق تابعة للبحرية الأوكرانية.

ونفى كوناشينكوف صحة التقارير التي تحدثت عن «ضربة صاروخية روسية» أصابت مبنى سكنياً في كييف صباحاً، مشيراً إلى أن طبيعة الأضرار تدل على أنها ناجمة عن الإصابة بصاروخ مضاد للطائرات.

كانت وكالة الأنباء الأوكرانية «يوكرينفورم» نقلت في وقت سابق عن عمدة كييف، فيتالي كليتشكو وخدمة الطوارئ الأوكرانية، القول إن «صاروخاً أصاب مبنى سكنياً، مكوناً من عدة طوابق ما بين 17 و18 طابقاً، لم يتم الإبلاغ عن أي ضحايا حتى الآن، تجرى عملية الإجلاء».

إلى ذلك، أوضح كوناشينكوف إن «قوميين أوكرانيين» هاجموا قبل ظهر اليوم، مناطق من بينها مدينة ستاروبيلسك في إقليم لوغانسك.

وأضاف «في أعقاب ذلك اندلعت النيران في المدينة، وهناك مبان سكنية مدمرة وقتلى بين السكان المدنيين».

تجدر الإشارة إلى أن روسيا تصفف القوات المسلحة الأوكرانية في العادة بالقوميين والنازيين.

وتابع كوناشينكوف أن المقاتلين الانفصاليين من منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا تقدموا الآن لمسافة 30 كيلومتراً داخل منطقة كانت تسيطر عليها في السابق قوات الحكومة الأوكرانية، مشيراً إلى أن مقاتلي دونيتسك تمكنوا، بدعم روسي، من السيطرة على المزيد من الأراضي لمسافة تزيد عن 6 كيلومترات.

قوات دونيتسك

من ناحيته، قال إدوارد باسورين نائب قائد قوات دونيتسك الشعبية المعلنة من طرف واحد، إن قواته تمكّنت من تجاوز خطوط الدفاع التي قام الجيش الأوكراني بتشكيلها في دونباس، شرق أوكرانيا.

وأضاف «لقد استطعنا عملياً تجاوز خطوط الدفاع متعددة الطبقات الذي شكلته القوات المسلحة الأوكرانية، وبعد ذلك أخذنا نعزز هجومنا وسرعة تحرك قواتنا».

وأشار، إلى أن القوات المسلحة الأوكرانية شددت قصفها على المرافق الاجتماعية، وتركت الكثير من الناس من دون ماء وكهرباء وتدفئة.

وذكر باسورين، أن القصف الأوكراني أسفر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 15 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية.

أوكرانيا

وفي الجانب الآخر، أعلن وزير الصحة الأوكراني، أن 198 منهم 3 أطفال قتلوا جراء «العدوان الروسي»، ،أضاف أن 1115 أصيبوا بينهم 33 طفلاً.

كذلك، قتل عشرات الجنود فيما لم تعلن روسيا أي حصيلة، وتقول كييف إنها ألحقت خسائر فادحة بالجيش الروسي.

كما أوضح مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية، بأن الضربات الروسية أصابت 40 هدفاً للبنية التحتية، مشدّداً على أن روسيا تقصف أهدافاً مدنية.

في غضون ذلك، أفاد بيان للجيش الأوكراني أن قتالاً عنيفاً يدور في مناطق متفرقة من البلاد، حيث شنت مقاتلات روسية هجمات على سومي في الشمال الشرقي، وماريوبول في الجنوب، وبولتافا في الشرق، وأضاف البيان أنه تم أيضاً استهداف منشآت مدنية في العاصمة كييف.

وذكرت تقارير من مناطق بالعاصمة الأوكرانية بإندلاع قتال في الساعات المبكرة من صباح اليوم، وذلك بعدما حذر الرئيس فولوديمير زيلينسكي من أنه يتوقع أن يقتحم الجيش الروسي كييف خلال الليل.

وأعلنت القوات البرية الأوكرانية، أنها دمرت رتلاً روسياً من 5 آليات عسكرية بينها دبابة قرب محطة بيريستيسكا للمترو على جادة النصر في شمال غرب العاصمة.

وأفاد الجيش الأوكراني بمعارك «عنيفة» على مسافة 30 كيلومتراً إلى جنوب غربي كييف حيث قال إن الروس «يحاولون إنزال مظليين».

وقال الجيش إنه صد هجوماً للقوات الروسية على ثكناته في غرب كييف خلال الليل، على بعد 7 كيلومترات من وسط المدينة.

وأظهرت صور إندلاع نيران فوق موقع الاشتباكات، في حين سمع دوي إطلاق نار في مقاطع فيديو تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي وقت سابق من الليل، أفادت تقارير بأن القوات الروسية حاولت مهاجمة محطة تدفئة وتوليد مشتركة في أقصى شمال شرقي المدينة على الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، ووردت أنباء أيضاً عن قتال في منطقة أوبولون بشمال المدينة، ونقلت وكالة «إنترفاكس» اليوم عن وزارة الطاقة الأوكرانية إن القوات الأوكرانية سيطرت على محطة كييف للطاقة الكهرومائية شمال كييف.

وأعلن الجيش، أنه أسقط طائرة فوق كييف، وتسبب حطام الطائرة باشتعال مبنى سكني، مشيراً إلى «انفجارات وتبادل إطلاق نار في كييف»، من دون أن يوضح طرفيه.

كما أفاد حرس الحدود الأوكراني اليوم، إن ضربة صاروخية أصابت موقعاً حدودياً أوكرانياً في جنوب شرق البلاد، متسبِّبة بمقتل وإصابة عدد من الحراس، مشيراً إلى أن روسيا أغلقت الجانب الشمالي الغربي من البحر الأسود أمام حركة الملاحة.

وقال الحاكم المحلي لمنطقة كييف أوليكسي كوليبا، اليوم، إن القوات الروسية تعزز وجودها على الحدود في منطقة كييف.

بدوره، أكد عمدة كييف فيتالي كليتشكو، تشديد حظر التجول في المدينة، مشيراً إلى أنه سيُعتبر أي شخص في الشارع بعد الساعة الخامسة من بعد الظهر «عدواً».

وقال كليتشكو إنه ليس هناك حالياً وجود عسكري روسي كبير في كييف ولكنه أضاف أن هناك مجموعات تخريبية، وقال إن شبكة المترو لا تعمل الآن إلا كملجأ للناس وأن القطارات توقفت عن العمل.

تحذير المواطنين

وحذرت السلطات في كييف مواطنيها من القتال الدائر في شوارع العاصمة.

وجاء في بيان للسلطات «في شوارع مدينتنا تدور عمليات قتالية الآن، نطلب منكم التزام الهدوء والحذر لأقصى درجة».

وأوصى البيان المواطنين الموجودين في المخابئ بعدم مغادرتها، وقالت إنه في حال سماع إنذار بغارات جوية، يجب على أي شخص الإسراع إلى أقرب مخبأ، ونشرت المدينة خريطة في هذا الصدد.

ودعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا اليوم السبت، إلى عزل روسيا بالكامل، بما في ذلك فرض حظر على مبيعات النفط الخام الروسي وتدمير اقتصادها وطرد سفرائها.

بريطانيا

وفي لندن، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية اليوم، إن الجزء الأكبر من القوات الروسية التي تتقدم نحو كييف يبعد الآن 30 كيلومتراً عن قلب المدينة.

وأكدت بريطانيا، التي رفضت في وقت سابق التقارير الروسية بأن القوات الروسية استولت على مدينة ميليتوبول في جنوب شرق البلاد، إن الجيش الأوكراني يبدي مقاومة شرسة في جميع أنحاء البلاد.

وقالت وزارة الدفاع في تحديث لمعلومات المخابرات نُشر على «تويتر»، إن «القوات الروسية تواصل تقدمها نحو كييف والجزء الأكبر من هذه القوات يبعد الآن 30 كيلومتراً عن قلب المدينة».

وأضافت أن «روسيا لم تسيطر بعد على المجال الجوي فوق أوكرانيا مما يقلل بشكل كبير من فعالية سلاح الجو الروسي، ومن المرجح أن تكون الخسائر الروسية أكبر مما كان يتوقعه أو يعترف به الكرملين».

الكرملين

وفي موسكو، أعلن الكرملين، اليوم، أن «الرئيس بوتين أمر القوات الروسية أمس الجمعة بوقف تقدمها في أوكرانيا في ظل انتظار المفاوضات المحتملة مع كييف بوقف الهجوم مؤقتاً، لكن كييف رفضت التفاوض والهجوم استؤنف اليوم»، متهماً «أوكرانيا بأنها أحبطت إمكانية هدنة برفضها بدء مفاوضات».

نازحون

وفي وارسو، أعلن نائب وزير الداخلية البولندي باول سفيرناكر، اليوم، أن 100 ألف أوكراني عبروا الحدود البولندية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وبولندا التي كان 1,5 مليون أوكراني يقيمون على أراضيها قبل الغزو الروسي وعبرت عن الدعم الراسخ لأوكرانيا، استقبلت غالبية الأوكرانيين الفارين.

وأعلنت حكومة سلوفاكيا «وضعاً استثنائياً» للتعامل بشكل أفضل مع تدفق اللاجئين، من أوكرانيا المجاورة.

وتسمح هذه الخطوة للحكومة باتخاذ إجراءات حماية مدنية خاصة بشكل سريع، بدون أن تضطر أولاً إلى إحالة القضية إلى البرلمان.

المواقف

وفي المواقف، وافقت حكومة التشيك على إرسال أسلحة وذخيرة بقيمة 8.6 مليون دولار إلى أوكرانيا، بينما قررت هولندا إرسال 200 صاروخ أميركي مضاد للطائرات من طراز «ستينغر» إلى الجيش الأوكراني قريباً.

وفي براغ، قال وزير الدفاع السلوفاكي ياروسلاف ناد، إن بلاده سترسل ذخائر مدفعية ووقوداً بقيمة إجمالية تبلغ 11 مليون يورو إلى أوكرانيا.

وفي باريس، قال متحدث باسم الجيش، إن فرنسا قررت إرسال معدات عسكرية دفاعية إلى أوكرانيا، مضيفاً أن مسألة قضية إرسال أسلحة هجومية لا تزال محل بحث.

وعلمت «وكالة الأنباء الألمانية» من مصادر في برلين، أن القوات المسلحة الأوكرانية تسلمت، اليوم، 5 آلاف خوذة كانت الحكومة الألمانية قد وعدت بتوريدها لأوكرانيا.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن وجه بتقديم 350 مليون دولار كـ «دعم أمني عاجل» لأوكرانيا.

وكشفت شبكة CNN الاخبارية، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تفكر بفتح قناة اتصال مع موسكو لتنسيق الرحلات الجوية فوق أوكرانيا.

إلى ذلك، قال تافي آز وزير الشؤون الاقتصادية والبنية التحتية في إستونيا، إن بلاده، إحدى دول البلطيق، ستمنع شركات الطيران الروسية من استخدام مجالها الجوي.

وفي فيلنيوس، أعلنت وزارة الخارجية في لاتفيا لـ «رويترز»، إن موظفي السفارة الأوكرانية في موسكو يغادرون إلى لاتفيا.

إغلاق أجواء

في غضون ذلك، قرر وزراء النقل في دول البلطيق (لاتفيا، استونيا وليتوانيا) إغلاق أجواء دولهم أمام الطيران الروسي.

في المقابل، ذكرت هيئة الطيران المدني الروسية اليوم، أن روسيا منعت شركات طيران من بلغاريا وبولندا والتشيك من التحليق فوق أراضيها رداً على خطوات مماثلة اتخذتها تلك البلدان.

وسبق أن منعت روسيا كافة الرحلات البريطانية من استخدام مجالها الجوي بعدما حظرت لندن رحلات شركة الطيران الروسية «إيروفلوت» إلى بريطانيا.