نحاول أن نلقي الضوء في هذه السطور على ظاهرة انتزاع الأطفال من عائلاتهم، والتي تفاقمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة للحد الذي يمكننا القول إن هذا الأمر بات يقلق الكثيرين، وربما يحمل في طياته أبعادا أكبر بكثير من فكرة حماية الصغار من التنشئة السيئة.

بداية الموضوع ظهرت حينما دخل قانون الخدمات الاجتماعية الحالي (سوسيال- حماية الطفل) حيز التنفيذ في عام 1982، وكان الغرض منه حماية الأطفال في السويد ورعايتهم بشكل أفضل، عن طريق تقديم الدعم للآباء والأطفال، ولن يُستخدم العمل القسري لسحب طفل من عائلته إلا في الحالات القصوى، وكان من مهامه أيضا استقبال الأطفال الذين لا ترغب عوائلهم برعايتهم، لأسباب عديدة مثل الحمل خارج الزواج وترك الطفل.

Ad

بالنظر إلى الإحصاءات، يبدو أن تنفيذ القانون بواسطة السوسيال قد نجح، حيث ينتقل عدد أكبر من الأطفال من والديهم إلى السوسيال بموافقة العائلة ويصل إلى 17 ألف طفل سنويا! 80 في المئة من الحالات هي سحب أطفال ورعاية تطوعية، حيث وافق الآباء أنفسهم على قرار السوسيال بسحب أطفالهم، لأن هذا أفضل لهم ولأطفالهم (ربما على أمل عودة الأطفال لاحقا بدون الدخول بمشاكل مع السوسيال)، لكن هناك شيء غريب في موافقة الآباء على سحب أبنائهم، وهو أن الوالدين لا يوافقان على سحب الأطفال لأنهما يريدان مساعدة أطفالهما أو التخلص منهم، ولكن لأنهما يتعرضان للتهديد والوعيد والتنفيذ المباشر من السوسيال بسحب أطفالهم قسريا، وعدم السماح لهم برؤيتهم مرة أخرى.

خوف العائلة من وصول الأمر للمحكمة وإصدار قرار بنزع حضانة الأطفال لصالح السوسيال، هو ما يجعل العائلة ترضخ لكل أوامر السوسيال، حيث لا تتاح لهم فرصة كبيرة للدفاع عن أنفسهم، فضعف محامي العائلة واحترافية السوسيال والمحامين التابعين لهم، تزيد سوء وضعهم، ويختار العديد من الآباء الموافقة على أن الخدمات الاجتماعية تأخذ أطفالهم، والاستمرار بالخضوع للسوسيال والتواصل مع توجيهات وشروط السوسيال، ولكن ليس من المعقول أن يتخلى آلاف الآباء عن أطفالهم كل عام!

تنقسم العائلات وتترك أطفالها على أساس الخوف وعدم القدرة على مواجهة السوسيال! بهذه الطريقة يتم سحب الأطفال الإجباري بالسويد للإعلام والرأي العام على أنها أماكن رعاية طوعية، وبما أن موظفي السوسيال يعملون في إطار طوعي رسمياً بموافقة من العائلة، ووقع الآباء على الموافقة، فهم ليسوا بحاجة إلى مراجعة أو موافقة من أي محكمة، من أجل أن يأخذ السوسيال طفلاً، وإذا اعترض الآباء أمام المحكمة أظهر السوسيال ملفاً كاملاً تم تجهيزه ضد الآباء وموافقتهم على سحب الطفل أول مرة!

لم يعد من الضروري بالنسبة إلى موظفي السوسيال تطبيق أي قواعد أو قوانين، حيث إن خوف الآباء من القانون والمحكمة وعدم رؤية أطفالهم مرة أخرى سبب كاف للسوسيال لسحب الطفل طوعيا، والعائلات خائفة من السوسيال ومن المحاكم ولم يعد من الممكن ترك الأطفال في مثل هذه الترتيبات غير القضائية لسنوات.

ولكل ما سبق ذكره فإنه يمكننا القول إن قانون السوسيال مثل قانون المافيا، حيث إن أغلب عمليات سحب الأطفال تكون بالطرق الخفية، ولا يسمع بها أحد إلا العائلة المتضررة، وهذا بعد أن يجعلوه يمضي على قرارهم، وكذلك قد لا يعترفون بما قالوه للولدين.

لكل ما سبق فإننا نهيب بالمجتمع الدولي بكل مؤسساته وأجهزته القيام بمهامه التي يفرضها عليه القانون الدولي وعلى رأسها حماية الأطفال.

● د. سعد غازي المطيري