قلناها ونكررها، الكويت اليوم أصبحت، قولا وفعلا، قندهار العرب، إنها حقيقة لا مبالغة فيها، فقد فرضت مجموعة متزمتة متسلطة مهيمنة أجندتها السياسية على الحياة الخاصة للشعب بمباركة حكومية لا تخطئها العين، هذه المجموعة فرضت رأيها رغم أنف الجميع بسبب استسلام حكومي مريب، قد لا يخلو من المساومة السياسية والمصالح الشخصية.

ولا أدل على ذلك ما سمي مؤخرا بالضوابط الستة التي فرضت فرضا على المرأة الكويتية، وضعوها وقيّدوا بها التحاق المرأة بالجيش الكويتي، وهي ضوابط سياسية بحتة تم الاستسلام لها هربا من استجوابات وطرح ثقة معروف مسبقا الهدف والمراد من ورائها، وإلا ما المسوغ من الانصياع لها؟ فهل الحكومة فعلا في حاجة الى فتوى لتوظيف المرأة في أي من مؤسساتها؟ ومتى احتاجت الحكومة الى موافقة مجلس الأمة في هذه الأمور الإدارية البحتة؟ وما دخل موظفي الفتوى بحجاب المرأة؟

Ad

ما نراه أن هذه الضوابط وضعت من موظفين ينظرون إلى الوضع الاجتماعي الكويتي من منظورهم الحزبي الخاص، سببه التزمت الزائد على الحد، وهدفه فرض هيمنة على قرار حكومي مسه رهاب المساءلة، حتى أنه شله وأشغله عن حماية حريات المواطنين الخاصة.

هذه الضوابط والعلل والتحجج بما يحصل في جيوش أميركا هو انتقاص من شرف المرأة الكويتية، وتشكيك في أخلاقيات أفراد الجيش الكويتي، وهي مقارنة ظالمة مع أمم أوروبية تحصل فيها الاغتصابات في كل مكان، ومنها جيوش غربية تعدادها بالملايين.

ليس من حق أحد فرض وصايته على المجتمع، فمن يعارض دخول المرأة الى الجيش فما عليه إلا أن يمنع أهله عنه، فكل دول العالم، ما عدا أفغانستان، تسمح بالتحاق النساء بالجيش، بما فيها دول الخليج، فهل الكويت هي الأكثر إسلاما؟ فلماذا هذا الشذوذ الكويتي عن أمم العالم؟ ولماذا نحن الوحيدون الذين نشذ عن أمة محمد؟

الكويت اليوم هي قندهار العرب، الكويت تتقهقر تنمويا واجتماعيا، وحتى تسامحا دينيا، مقارنة مع كل الدول العربية والخليجية المنتمية إليها، الكويت اليوم تغرد خارج السرب، بل هي خرجت من السرب إلى المجهول، وكأن هناك من يجرها قسراً إلى التزمّت والانغلاق، ولا أدل على ذلك من هذه الهجرة الكويتية الشابة إلى الخارج بحثاً عن بيئة منفتحة اجتماعيا وترفيهيا، وفرص استثمارية بلا تعقيد ولا قيود.

● طلال عبد الكريم العرب