رأى مراقبون في بغداد أن وقف الكويت الرحلات الجوية إلى مطارات العراق مؤقتاً؛ يُمكن أن يُنتج "ضغطاً مفهوماً" على الحكومة العراقية، لتتعامل بجدية أكبر مع تصاعد تهديدات الأمن التي تواجه مناطق استراتيجية في البلاد.

في الأثناء، ناشد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الأطراف الصديقة والحليفة كي لا تتأثر بالهجمات التي أصابت مطار بغداد، أمس الأول، رغم اعترافه بأنها تصل للمرة الأولى إلى مدرج الطائرات المدنية، ضمن تصعيد شمل استهداف منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قبل أيام، وضرب مقرات حزبية للأكراد والسنة في بغداد، يعتبر على نطاق واسع تنفيذاً لتهديدات أطلقتها الفصائل الموالية لإيران، بعد خسارتها الانتخابات وخروجها من صفقة الكتلة الفائزة التي انتخبت رئاسة البرلمان وستتولى تشكيل الحكومة.

Ad

وتواجه الفصائل قواعد عمل جديدة لم تألفها سابقاً، إذ أخفقت طهران في توحيد المقاعد النيابية الشيعية، وفشلت كذلك في إجبار السنة والأكراد على البقاء محايدين في التنافس بين قطبي الشيعة، بعد أن حقق مقتدى الصدر ومستقلون يناصرون الحراك الشعبي المناهض لإيران، تقدماً بارزاً في انتخابات أكتوبر الماضي، ورفضوا الانخراط في كتلة شيعية، منادين بكتلة عابرة للطوائف وحكومة أغلبية تبتعد عن مبدأ التوافق، الذي ساد طوال عقدين، قدر الإمكان.

وقال مصدر سياسي رفيع في بغداد، لـ"الجريدة": "إننا نأمل من الأشقاء التضامن معنا في حالات شبيهة بضربة المطار، لكن مواقفهم الاحترازية يجب أن تدفع الحكومة إلى التصرف العاجل، كي لا ينجح الإرهابيون في فرض عزلة أمنية على بغداد كما حصل خلال الأعوام منذ 2006 وبعده".

واعتبر المصدر أن التصعيد الأمني للفصائل لن يتوقف، رغم أنه قد يبقى سطحياً ومحدوداً، مؤكداً أن استهداف منزل رئيس البرلمان ومطار بغداد، سيؤدي إلى سياسة أمنية جديدة.

وذكر مصدر مقرب من الحكومة أن معظم الأحزاب تضامنت مع الكاظمي وطالبته بالتصرف الفوري مع "أي تشكيل يتورط في القصف"، متوقعاً أن تشهد بغداد ومدن أخرى هجمات حكومية استباقية ضد ورش صناعة صواريخ ومقرات للخارجين على القانون وتحريك عدد من الأدلة المتوافرة مسبقاً عن خلايا "الكاتيوشا".

وأكدت مصادر قريبة من أجواء المفاوضات لتشكيل الحكومة، أن ضبط سلاح الفصائل كان قضية كبرى داخل الحوارات، موضحة أن الاجتماع المطول بين الصدر وهادي العامري أحد أبرز قادة الفصائل، خصص كله لبحث مصير الفصائل وما يسمى بالسلاح المنفلت، لأن الأمر لم يعد يطاق، طبقاً لما عبر عنه الصدر وقوى وطنية أخرى طوال أسابيع.

وتتركز الهجمات طوال العامين الماضيين على مصالح شركاء العراق الغربيين والخليجيين الذين توجد فرص واعدة لتطوير وجودهم داخل الاقتصاد العراقي والحقول الاستراتيجية التي تعاني ويلات الحرب وتكافح لتحقيق نهضة نسبية.

وصرحت الفصائل الموالية لإيران مراراً بأنها لن تتورع عن ضرب الشراكات مع العرب والغربيين لأنها تعدها "وصفة لضرب المقاومة" على المدى البعيد.

وغالباً ما تؤدي خطوات التقارب التي جرى تسريعها أخيراً، بين العراق والخليج، إلى ظهور خطاب مناوئ، وكان آخرها الاتفاق على الربط الكهربائي بين الخليج والعراق، تزامناً مع تعثر إمدادات الغاز الإيراني التي تشغل معظم محطات الطاقة العراقية.

محمد البصري