دخلنا الأسبوع المنصرم منعطفاً جديداً، بل تم إقحامنا نحن كشعب "غلبان" في هذا المنعطف السياسي الخطير، وفي سابقة برلمانية جديدة علينا، ممن أفرزتهم الصناديق من مختلف الدوائر الانتخابية الكويتية، ومن ثم دخلوا البرلمان الكويتي لتمثيلنا والذود عن مكاسبنا وحقوقنا! نعم، نحن يا سادة يا كرام وبغض النظر عن حيثيات ومحاور استجواب وزير الدفاع التي لا تعنيني في هذا المقال، لكنها يا سادة سابقة سياسية خطيرة جداً لا يدرك معظم الناس مدى خطورتها أو حتى أبعادها الحقيقية.

أنا هنا طبعاً أقصد رجل الشارع البسيط الذي لا يهمه سوى قوت يومه، ولا تعنيه مثل تلك المسائل في شيء، أكرر وللجميع، هذا المقال بعيد عن استجواب وزير الدفاع بحد ذاته، ولن أتطرق لتأييدي من عدمه في طرح الثقة لأنها مسألة بعيدة كل البعد عن الفكرة المعنية في هذه السطور.

Ad

خرج علينا عدد من النواب على منصة الصحافيين (البوديوم) في مجلس الأمة الكويتي معلقين على موقفهم من طرح الثقة بوزير في الدولة من تجديدها ذاكرين حل جانب من القضية الإسكانية، وضخ سيولة في بنك الائتمان لأهالي منطقة المطلاع السكنية! ولا أعلم من، وكيف فكر في تلك المسألة والذريعة؟ وما المسوغ لها؟ هذا على اعتبار أنه فكر بالأساس على أسس دستورية وقانونية، وبغض النظر الآن عن تجديد الثقة بالوزير أم لا. فباختصار كان أولئك النواب يساومون الحكومة بحل لمسألة هي في الأصل مكفولة للمواطن دستورياً! وهذه هي السابقة يا سادة التي (شرعنها) أولئك النواب بحجة أن السياسة هي فن الأخذ والعطاء، وفن الممكن والبراغماتية... كل ذلك صحيح لكن ليس في الحقوق والمكتسبات المكفولة أصلاً للمواطن، فالأصل هنا أن يحشد النواب الرأي العام ويطالبوا من داخل قبة عبدالله السالم، ويدفعوا بقوانين تسهل تلك المسألة، بل يلوموا الحكومة على تقاعسها في حلها، لا أن يعلنوا صراحة هذا التناقض وأمام الملأ كذلك.

في المقابل إن كانت قناعة أولئك النواب تأييد الثقة وتجديدها، فإنه يمكنهم ببساطة ومن المنصة ذاتها (البوديم) أن يعلنوها وتنتهي المسألة، ومن ثم يتقبلوا نقد الشعب من مؤيد ومعارض، فلا داعي لما حصل من الأساس! فإذا أصبح حق السكن محل مساومة وبشرعنة من بعض النواب، فما القادم يا ترى؟! هل سيكون حق الطبابة لأحد المواطنين أم مساومة لا نعلم عنها شيئا وفي الغرف المغلقة؟!

نواب البرلمان وبغض النظر عن تكتلاتهم وتياراتهم الفكرية، هم أصوات الشعب في بيت الشعب ليذود كل منهم عن مكتسباته ويحفظوا حقوقه، فشكراً لكل نائب- سواء جدد الثقة بالوزير أو أعلن موقفه بطرحها- لم يسن مثل تلك السنن غير الحميدة.

المصيبة العظمى من هذا كله أنه تم ضخ مبالغ (كما سمعنا) تقدر بـ٨٠٠ مليون دينار كويتي لحلحلة موضوع سكن المطلاع، أي بمعنى آخر وبشكل رسمي، تمت شرعنة تلك المقايضة بحق السكن.

على الهامش:

المادة (29) من الدستور الكويتي واضحة وضوح الشمس، فالرجل والمرأة متساويان في الحقوق والواجبات، وعليه هو حق أصيل للمرأة أن تختار مجال عملها، وإن كان في السلك العسكري وبكوادر مالية كأخيها الرجل... أكتب هذه السطور من المدينة الصناعية الألمانية (ولدبروون) حيث يتساوى الرجل والمرأة في حقوقهم المدنية في كل شيء.

هامش أخير:

مشهد اقتحام عمال النظافة لإدارة حكومية مطالبين بحقوقهم المالية دق آخر مسمار في نعش لقب "بلاد الإنسانية"، فحق العامل المادي من بيع لجهده الذهني أو البدني هو أبسط حقوقه!

● د. سلطان ماجد السالم