كشفت تقارير اللجان البرلمانية في الجلسة الخاصة السابقة عن انحدار مستوى التشريع والمشرعين في الدولة، و«سلق» القوانين بغية تحقيق أهداف سياسية وأرباح انتخابية، إذ انتهت تلك الجلسة بفوضى قانونية أصبحت شبه مكررة في كل الجلسات، وباعتراف وإقرار السلطتين بذلك، دون أن يحرك أي من النواب ساكناً!

ولعل ما أظهرته مناقشة تقرير اللجنة التشريعية البرلمانية بشأن تخفيض مدة الحبس الاحتياطي مثال واضح على ذلك، إذ يؤكد وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة المستشار جمال الجلاوي أن هناك تناقضاً كبيراً في مدد الحبس الاحتياطي بين المادتين 60 و69، وفي الوقت ذاته يقول رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم إن النواب يرون التصويت على المداولة الأولى للقانون رغم تناقض بعض المواد!

Ad

صوَّت النواب بالموافقة، متجاهلين أن تصويتهم في حقيقته - وإن كان بالمداولة الأولى – جاء على قانون لا يمكن تطبيقه قضائياً وتشريعياً!

ومن «الحبس الاحتياطي» إلى تقرير اللجنة التعليمية البرلمانية بشأن تعديلات قانون المطبوعات والنشر، إذ صوَّت النواب على هذا التقرير الذي حمل أخطاء فادحة في رأي اللجنة المدون به، ليتبين أن اللجنة كانت تعالج في هذا التقرير المحظورات الواردة في قانون آخر هو «المرئي والمسموع».

ورغم أن النواب القانونيين يشكلون عدداً كبيراً في قاعة عبدالله السالم، وكذلك في فريق الحكومة ممثلاً بوزارة الإعلام، فإن أياً منهم لم يقرأ التقرير بشكل جدي، ولم يلفت انتباه أعضاء الحكومة والمجلس إلى ما فيه من أخطاء! بل يزيد الأمر استغراباً عندما يصوت المجلس بالموافقة على إزالة محظور «الإضرار بالعلاقات بين الكويت والدول الشقيقة والصديقة.. إلخ» في «المرئي» بينما يبقيه في «المطبوعات»!

وكل ما سبق إنما هو مجرد نماذج لانحدار مستوى إعداد التقارير البرلمانية وفشل اللجان في دراسة المقترحات المقدمة، وعدم الاهتمام بمراجعة التقارير رغم أنها كانت منجزة منذ أشهر طويلة، وهو ما يؤكد استمرار تلك اللجان في أخطائها السابقة، التي بقيت دون تحسُّن، بل ربما حتى دون محاولة للتحسن.

أما التقرير الأخير المدرج على جدول أعمال الجلسة الخاصة، وهو تقرير لجنة تنمية الموارد البشرية بشأن تكويت الوظائف العامة، فتبين أن النواب غير مطلعين على تفاصيله، فضلاً عن أن الحكومة لم تأت مستعدة أو محدثة للبيانات، وهو ما ترتب عليه الاكتفاء بمناقشة التقرير وإعادته إلى اللجنة لمزيد من الدراسة، وهذا السلوك يطرح تساؤلاً مهماً: لماذا طُلِب استعجاله إذا كان كلا الطرفين غير مستعد للتصويت عليه؟

التشريع، كأداة دستورية، يهدف إلى تنظيم الدولة وحياة المواطنين والمقيمين، وسوء استخدام تلك الأداة والاستهتار في التعامل معها سيخلقان فوضى تزيد الفوضى الحالية تعقيداً في منظومة التشريعات الكويتية.