يقول الفيلسوف الأسكتلندي ديفيد هيوم عن الأنانية: "دمار العالم ولا خدش في إصبعي".

وهذا ما نجده جليا في عالمنا الحالي الذي يتنافى وإنسانيتنا التي من المفترض أن تكون هي الغالبة والمسيطرة على أي صفة أخرى، وقس ذلك على كل شيء ابتداءً من صراعات الدول، وانتهاء بالأوبئة والأمراض.

Ad

أكتب مقالي هذا وأنا في ذروة سخطي وامتعاضي إزاء فئة من أولياء الأمور ممن لا يعرفون معنى أن يكون المرء مسؤولا إلا في إطار ما يخص أنفسهم فقط والبقية لا تهم! أقصد تحديدا أولياء أمور الأطفال في مرحلة الحضانة والروضة، الذين يصرّون في كل مرة على دوام أطفالهم في دور الحضانات والروضة وهم يعلمون أنهم مرضى يعانون بردا ومغصا أو إنفلونزا موسمية، أعرف أن هذه القصة أزلية ولن يكفيها مقال واحد، لكن بدا لي وكأنه نهج متوارث لدى أغلب عقول الأهالي بحجة لا تبرر تصرفهم وبشاعة أنانيتهم! "دافعين فلوس" وفي ظل وباء يخيم على العالم.

الأدهى هو تظاهر الأمهات بعدم الاكتراث لمجرد أن استئذانات الأم نفدت أو ربما "ما لها خلق"، فهي لا تعلم أن مصلحتها لا تعطيها الحق في نقل عدوى في مكان يضجُ بأطفال آخرين لتُرضي هي غرورها! فما ذنب الأطفال؟ وما ذنب أولياء أمور الأطفال الذين التقطوا "فيروسا" من الطفل المريض الذي تعلم جيدا بمرضه وتصر على توصيله للمدرسة دون التفكير بأقرانه ومن حوله؟ فالمسؤولية تقع أيضا على المدرسة التي تستقبل أطفالا مرضى حتى إن كانت إنفلونزا خفيفة لطيفة.

الصحة مسؤولية الجميع، وليس مقبولاً قاعدة "عليّ وعلى أعدائي"، فلا يعتبر حبا أبدا أن تفكر بابنك دون غيره، لأنك تورثه بذلك جشعا يكبر بدمه دون أن تشعر، فالشعور بالآخرين خُلق وأدب وقيمة إنسانية لا يمتلكها الخبيث ومن في قلبه مرض، وأجزم أن الأم اللامبالية ستقرأ الآن وتقول: "إي والله" وهي ذاتها التي تفعل التصرف آنف الذكر، وقد تعلق أم أخرى وتقول"عادي خل تتقوى مناعتهم"، صادفت كثيرا شخصية "أنا والطوفان من بعدي"، أرجوكم قليلا من المسؤولية المجتمعية!

اللهم لا تجعلنا ممن لا يفكر إلا بنفسه دون غيره، حتى لا يُسلط علينا وذرياتنا من لا يفكر ولا يخاف الله فينا!

● تهاني الرفاعي