منذ اللحظة التي أعلن فيها قانون العفو وأنا في حيرة من أمري بسبب تباين مواقف المعارضين والمؤيدين واختلاط الحابل بالنابل، وكأن بي أبحث عن وجوه كنت أظن أني أعرفها جيداً لكنها تغيرت إلى درجة لم يعد بإمكاني التمييز بينها من كثرة المكياج النفاقي الذي ملأ القلوب قبل الوجوه.

كمواطن ماذا أستفيد إن رحل الرئيسان أو تغيرا؟ وماذا سأستفيد إذا تم حل مجلس الأمة أو جاءت حكومة على غير هوى النواب، فالنتيجة واحدة إن لم يعترف الكل بالأخطاء التي ارتكبت في حق الدستور وحق المواطن؟

Ad

لنفرض أن التصعيد استمر، وأقصد هنا التصعيد الشخصي لا سلب النواب حقهم الرقابي على الأداء التنفيذي لرئيس الوزراء والوزراء، ماذا ستكون النتيجة؟ وماذا إذا حل مجلس الأمة ورجعت الكرة إلى ملعب الناخبين؟ هل سيتغير شيء في هذه الحالة؟

لقد أفرغ المواطن كل ما في جعبته من نبال في الانتخابات السابقة، وعمل المستحيل من أجل التغيير، ومع هذا مرت سنة دون نتيجة ما بين مجلس معطل وحكومة تحت البنج.

الشعوب في الدول المتقدمة تنتخب نوابها كي تريح رأسها من تعاطي السياسة لأنها تدرك أن من يمثلها لا يمثل نفسه فقط، بل يمثل المبادئ التي انتخب من أجلها، وأنه يعي أهمية تلك المبادئ والقيم التي يحملها، وأنه بمجرد الحياد عنها يجد نفسه خارج السرب، وسرعان ما يقص الحق من نفسه.

النائب عندنا يعرفه الناخبون جيداً قبل دخوله إلى المجلس وعلاقتهم معه تبدأ بعد دخوله القفص الأخضر، كيف لا وهي العلاقة المشبوهة المبنية على المصالح الفردية لا على المصلحة الوطنية.

إيماني بالدستور ومواده راسخ، لكن ثقتي مهزوزة، إن لم تكن معدومة، بحكومة تعيش على الترضيات، ونائب يقتات عليها، ومع الزمن يكبر كالبالون الفارغ، فالشعب تعب من كثر سماعة الشعارات الفارغة والخطب الرنانة وإنجازات ورقية وقصص الأموال المنهوبة والتعيينات غير المستحقة وغياب ركائز العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.

قد يكون رئيس الأمة غير مرغوب فيه عند البعض، وقد يكون عبيد الوسمي تغير عليكم وكذلك مسلم البراك ومحمد المطير ومن شئتم من بقية النواب، لكنه الواقع وعلينا التمسك بالدستور، فإن كان تحصين الرئيس بدعة فقد جرت تحت أعينكم، ويا ترى كم بدعة جرت تحت قبة عبدالله السالم دون أن يرف لكم جفن، وكم من قانون تم تمريره وهو يتعارض مع الدستور، وكم من سرقة للمال العام، وكم من مناقصة مشبوهة أيضا تمت وأنتم صم بكم!

الحديث طويل والمخاطر والتحديات المقبلة أكبر منا جميعاً ما لم نحدد بوصلة الإصلاح ونوجه أدوات المحاسبة، فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والإسكانية لا تسر لا عدواً ولا صديقاً، ناهيك عن الأوضاع الصحية التي لا يعرف مصيرها وتداعياتها مع استمرار موجات كورونا.

البداية قد تكون مع التشكيل الحكومي الذي نأمل أن يكون على مستوى الطموح مصحوباً ببرنامج عمل قابل للتطبيق يواكب المستقبل وينتشل الحاضر،

اللهم نسألك التوفيق والسداد للكويت وأهلها.

ودمتم سالمين.

● أ. د. فيصل الشريفي