رفضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس، إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي، وقررت تحميل جميع المصاريف للقوى السياسية الممثلة للحشد الشعبي مقدمة الدعوى.

وأعلن رئيس المحكمة القاضي جاسم محمد عبود «رفض طلب المدعين إصدار أمر ولائي لإيقاف إجراءات المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات»، مؤكداً أن «الحكم باتّ وملزم للسلطات كافة».

Ad

وقبيل تلاوته الحكم، اعتبر القاضي أن «اعتراض بعض الكتل السياسية وقسم من المرشحين على نتائج الانتخابات لعام 2021 بغض النظر عن أساليبه وأسبابه، ينال من قيمة الانتخابات ويضعف ثقة الناس بها»، مؤكداً أن «ذلك سيؤثر على السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبارهما نتاجاً لتلك الانتخابات».

ونظرت المحكمة الاتحادية خلال ثلاث جلسات شكوى تحالف الفتح بزعامة هادي العامري للطعن بنتائج الانتخابات البرلمانية، بعد أن أظهرت النتائج تراجعه من 48 مقعداً بالبرلمان المنتهية ولايته إلى 17 في الجديد.

وفي مؤتمر صحافي أخيراً، شرح تحالف العامري الممثل الأكبر لقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران، النقاط الخلافية بشأن النتائج، مشيراً إلى حصول أعطال في التصويت الإلكتروني.

وذكر التحالف، أنّ البصمات الإلكترونية لبعض الناخبين لم تتم قراءتها، وتساءل كذلك عن أسباب استقدام جهاز جديد يسمّى «سي 1000» قبل أيام من الاستحقاق والإخفاق في استخدامه. وجاء قرار المحكمة برفض الدعوى في ظل إجراءات أمنية مشددة في بغداد تمثلت في إغلاق جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، التي تضم مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية، من ضمنها السفارة الأميركية.

وأقدم أنصار الكتل والأحزاب الشيعية الخاسرة بالانتخابات على إحراق الإطارات قرب بوابة التخطيط الرئيسية، وأغلقوا المداخل الأخرى للمنطقة شديدة التحصين، وجرى تعزيز القوات الأمنية بقوات إضافية لنقاط التفتيش والتقاطعات المهمة في العاصمة، التي شهدت زحامات مرورية خانقة.

وبعد عدة أسابيع من التوتر الذي بلغ ذروته لدى تعرض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمحاولة اغتيال مطلع الشهر الجاري، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات النتائج النهائية في أواخر نوفمبر.

ومن المنتظر أن يدعو الرئيس برهم صالح البرلمان الجديد، الذي يضم 329 نائباً، إلى الانعقاد في غضون 15 يوماً بعد إعلان المصادقة النهائية على النتائج من قبل المحكمة لتبدأ بعد ذلك العملية السياسية في العراق للسنوات الأربع المقبلة.

وتتواصل المفاوضات حول تشكيل الحكومة المقبلة، لكنها تسير في دوامة معقدة تسيطر عليها الأحزاب الشيعية، التي تلجأ في النهاية لاتفاق مرضٍ بغض النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب.

وفي أول تعليق له على الحكم، أعلن زعيم "الفتح" التزامه بقرار المحكمة الاتحادية، حرصاً منه على الالتزام بالقانون والدستور، وخوفاً على استقرار العراق، مؤكداً "تعرضها لضغوط خارجية وداخلية كبيرة بشأن الانتخابات التي شابها تزوير وتلاعب".

وأبدى رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم قبولاً بالحكم وقدم تهانيه للفائزين. وقال في بيان: «انطلاقاً من إيماننا العميق بسيادة الدستور والقانون نعبر عن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص النتائج بالرغم من ملاحظاتنا الجدية على العملية الانتخابية».

وأضاف «نحث الفائزين على العمل بما تتطلب مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم في خدمة الشعب والإسراع بتشكيل حكومة كفوءة ومنسجمة تجمع الأطراف الراغبة بالمشاركة فيها والمستعدة لتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي، كما نجدد تأكيد موقفنا بعدم المشاركة في الحكومة القادمة».

استقالات المحافظين

على صعيد آخر، عبر الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، أمس الأول، عن رفضه للضغوط والتهديد لمحافظين ومسؤولين محليين وعوائلهم لإجبارهم على تقديم استقالاتهم خلافاً للقانون والدستور وتجاوزاً للأطر القانونية والإدارية تحت ذرائع بات واضحاً ما يقف خلفها من دوافع. وبعد تقدم محافظي النجف وذي قار باستقالتيهما أثر ضغوط سياسية، دعا الإطار، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي باعتباره المسؤول الأول عن المحافظين ومسؤولي الدوائر، إلى «حمايتهم ومنع التجاوز عليهم».

في رسالة شديدة اللهجة، حذر زعيم ائتلاف دولة القانون من «توسع الفوضى الإدارية»، مطالباً الجميع الالتزام بالسياقات القانونية والإدارية، وعدم قبول استقالة أي مسؤول إلا وفق القانون النافذ.

وأكد محافظ ذي قار الجديد محمد هادي الغزي أمس، أنه لن يجري تغييرات إدارية لرؤساء الأقضية والنواحي ومديري الدوائر الحكومية وفقاً للمحاصصة الحزبية أو العشائرية أو الاحتجاجات الشعبية.

وقال الغزي، خلال ترؤسه أول جلسة لمجلس رؤساء الوحدات الإدارية ومديري الدوائر، «الاستقرار الإداري والوظيفي سيكون شعار المرحلة المقبلة، مع الرقابة والمتابعة والتقييم».

احتجاجات غاضبة

في المقابل، أغلق العشرات من المحتجين في ذي قار المؤسسات الحكومية في قضاءي الفهود والدواية للمطالبة بإقالة قائم مقامي القضاءين بسبب سوء الخدمات، وقطعوا طرقاً رئيسية داخل بالإطارات المحترقة.

كما أغلق عشرات من عمال التنظيفات مديرية بلدية السماوة بمحافظة المثنى احتجاجاً على عدم صرف أجورهم فضلاً عن الفروقات المالية بعد تحويلهم لنظام العقود وفق القرار 315.

وفي محافظات المثنى والديوانية وميسان والبصرة وكربلاء وديالى وكركوك، أعلن المئات من «المحاضرين المجانيين» إضرابهم عن الداوم الرسمي حتى إشعار غير معلوم وقاموا بإغلاق مباني مديريات التربية والطرق المؤدية إليها للمطالبة بتطبيق القرار 315 وصرف رواتبهم، فضلاً عن تجديد عقودهم للعام المقبل 2022.

القوات الأميركية

من جهة أخرى، حذر الأمين العام لحركة عصائب الحق قيس الخزعلي من أن تنسيقية المقاومة ستعتبر تحليق أي طائرة عسكرية في منطقة تخلو من وجود لتنظيم داعش في العراق طيراناً معادياً.

وجدد الخزعلي رفضه بقاء أي قوات أميركية في قاعدتي عين الأسد في محافظة الأنبار والحرير في محافظة أربيل، مؤكداً أن المقاومة لا ترغب بتكرار تجربة التمكين والتدريب السابقة.

وفي حين أفادت خلية الإعلام الأمني بأن تفجيراً استهدف رتلاً منسحباً من البصرة باتجاه الكويت، أكد التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة أنه لم تعد لديه قوات قتالية في العراق منذ أوائل ديسمبر الجاري.