حين يرن جرس الهاتف بعد يوم حافل بل متعب أيضاً، لا تسرح بأفكارك وأحلامك مهما كانت بسيطة إلى نور القمر وبهجة النجوم، فقد تكون تلك إشارة لحزم حقائبك والسير وحيداً إلى محطة أخرى من محطات حياتك التي تصر أن تستمر بلا روح!

نعم، توقفت الرحلة دون مقدمات ولا كلمات، رغم أن المحطة مزدحمة دائماً بالركاب، وكانت الآمال معلقة على أهداب ذابلة تنظر من الشباك الذي تتقاطر منه دموع المغادرين، تنتظر قريباً أو صديقاً أو حتى بائع الأحلام، حزينة تركها أصحابها لآخرين يعتقدون أنهم أكثر حظاً!

Ad

ربما لم يكن رنين الهاتف سوى صدى ذكريات مرسومة على جدران تلك المحطة الجميلة، أو آهات خطها بألم أولئك الذين سئموا الانتظار، لكن من يحمل حلما ليشعل شمعة يدرك تماما أن عتمة المكان رغم الزحام والضوضاء كانت توحي بالسفر الوشيك، وفي جميع الأحوال باتت حقيقة صادقة، لا يمكن تغييرها، لأنها سلبت روحاً وألقت بها على سكة محطة مهجورة.

لا تتفاجأ إن تساوت معك الأيام واللحظات، فهي دلالة على أن عقارب الساعة تشير إلى ذكريات ذلك المكان الذي كان دليلاً على الحياة والمحبة التي كانت شعاراً لم يتغير على مدى سنوات عديدة، رغم ثقل الحقائب التي تحملها على ظهرك من محطة إلى أخرى!

الأحلام لا تنتهي بتوقف أي رحلة مهما كانت مدتها ومشقتها، فالثقة بالله وحده يجب أن تكون فعلاً لا قولاً فقط، والتشبث بالعزيمة والإصرار يصنع حقائق لا يفهمها غيرك، فلا يمكن القبول بالاستسلام ومغادرة أي محطة دون أن تترك أثراً يحيي من بعدك الأمل لركاب لا يملكون سوى صور وذكريات لمحطات تنزف بلا روح.

● محمد راشد