بعد أيام قليلة من زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى طهران ولقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمسؤولين الإيرانيين، ووسط تهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، بدأ رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، زيارة تاريخية للإمارات، أمس، بدعوة من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، بينما أعلنت سلطنة عُمان، التي لعبت دور الوسيط في اتفاق 2015 النووي بين ايران والدول الكبرى، أن السلطان هيثم بن طارق سيبدأ زيارة إلى المملكة المتحدة بالتزامن مع انعقاد القمة الخليجية السنوية المقررة في السعودية.

Ad

غضب إسرائيلي أم وساطة إمارتية؟

ومن المقرر أن يلتقي بينيت ولي عهد أبوظبي، اليوم، في أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي للإمارات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين العام الماضي.

وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن بينيت وبن زايد سيبحثان تعزيز العلاقات، من خلال التشديد على قضايا اقتصادية إقليمية، إلى جانب البحث في تعزيز «الاتفاق الإبراهيمي» والموضوع الإيراني.

وكان من المقرر أن يرافق بينيت إلى الإمارات وفد كبير من الصحافيين، لكن مكتب بينيت أعلن، ليل السبت ـ الأحد، أن الصحافيين لن يرافقوه بسبب اشتداد انتشار متحور فيروس كورونا الجديد «أوميكرون».

وعبّر مسؤولون إسرائيليون عن قلق حيال ما وصفوه بتقارب بين الإمارات وإيران. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول أمني إسرائيلي وصفته بأنه «رفيع جداً»، قوله، إن «التقارب بشكل متوازٍ من إيران وإسرائيل ليس مقبولاً»، لكن أوساط دبلوماسية لم ترَ أي عائق يحول دون قيام الإمارات بمسعى لتهدئة التوتر والحؤول دون الوصول إلى مواجهة إقليمية مدمرة.

والإمارات مثلها مثل دول الخليج الأخرى وفي مقدمها السعودية تؤكد أنها تؤيد بقوة العودة إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع إيران، لكنها تطرح هواجس من أن العودة إلى الاتفاق دون أخذ أي ضمانات أمنية من إيران حول أنشطتها الإقليمية وبرنامجها الباليستي قد تشجع المسؤولين في إيران على المضي بسياسة توسيع النفوذ عبر مد الوكلاء بأسلحة متطورة وزعزعة أمن المنطقة.

الفرصة الأخيرة وآخر الحلول

وتأتي زيارة بينيت غداة تقارير عن إصدار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس تعليمات للجيش بالاستعداد لـ«الخيار العسكري» ضد إيران، مع احتمال فشل مفاوضات فيينا، التي تبحث رفع العقوبات عن طهران مقابل إعادة تقييد برنامجها النووي وتخصيبها لليورانيوم.

وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن إسرائيل ما زالت تنظر إلى الحل العسكري على أنه الخيار الأخير، في حال فشل الاتصالات الدبلوماسية، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير أنه لا «فيتو» أو معارضة أميركية لهجوم إسرائيلي على إيران، لكن صحيفة «هارتس» شككت بامتلاك تل أبيب لخطط عملية وجاهزية لشن هجوم حاسم على منشآت طهران الذرية.

كما كشفت شبكة «سي إن إن» أن الاستخبارات الأميركية قدمت لبايدن مجموعة خيارات حول إيران.

في هذه الأثناء، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس في ختام اجتماع لمجموعة السبع «G7» في ليفربول من أن المفاوضات التي استؤنفت، الخميس الماضي، لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني هي «الفرصة الأخيرة أمام ايران».

وأبلغت تراس إيران، بأنه لا يزال أمامها متسع من الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، لكن هذه هي الفرصة الأخيرة للمفاوضين الإيرانيين لطرح مقترحات جادة على طاولة التفاوض بعد استئناف الجولة السابعة من المفاوضات.

وأكدت أن الحل الجاد لهذه القضية، يجب أن يتوافق مع شروط الاتفاق النووي» وتابعت: «هذه فرصتهم الأخيرة ومن الضروري أن يفعلوا ذلك. لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي».

وعقب انتهاء مباحثات «G7»، عقد اجتماع موسع في فيينا، على هامش المفاوضات النووية، شارك فيه رؤساء الوفود الأوروبية ورئيس الوفد الأميركي، روبرت مالي، إثر عودتهم من ليفربول.

ومساء أمس الأول، رأت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أنه ما من بارقة تقدم في المحادثات النووية مع إيران، مؤكدة أن الوقت ينفد.

وأضافت: «ظهر في الأيام الماضية أننا لا نحرز أي تقدم، بسبب العرض الذي قدمته الحكومة الإيرانية. عادت المفاوضات ستة أشهر إلى الوراء»، في إشارة إلى مذكرتين، بشأن رفع العقوبات الأميركية وإعادة القيود الذرية، تقدم بهما الوفد الإيراني، الذي شكله الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي مع استئناف الجولة السابعة.

ننتظر الأميركيين

في المقابل، أكد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، أنّ بلاده «لن تقبل بأقل من الاتفاق النووي»، في إشارة إلى رفض التوصل لتفاهم بشأن العودة التدريجية لإحياء صفقة 2015. وقال باقري إنّ «القضايا الخلافية خلال الجولات الست السابقة، التي خاضتها حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، لم تُحل بعد، وهي على الطاولة».

وتابع: «إننا ننتظر معرفة التوجه الأميركي الجديد خلال هذه الجولة من المفاوضات، وعلى أساس ذلك سنحكم».

في موازاة ذلك، تعتزم إيران تخصيص مبلغ 4.5 مليارات دولار في موازنتها للعام المقبل، بهدف تعزيز «بنيتها الدفاعية»، عن طريق بيع النفط الخام.

ورغم إقرار الرئيس الإيراني خلال تقديمه مشروع الموازنة العامة إلى البرلمان بأن البلاد «تشهد تراجعاً في النمو الاقتصادي»، إلا أنه أدرج التكليف الدفاعي ضمن مهام الحكومة في موازنة 2022.

وفي تعليق على التهديدات الاسرائيلية رأى باقري أن «إسرائيل تسعى لإفشال المفاوضات، وغضبها سيتصاعد كلما اقتربنا من اتفاق».