في خطوة جديدة بمسار تهدئة التوترات الإقليمية المصاحب لاستئناف المفاوضات بين طهران والقوى الكبرى بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، استقبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، في العاصمة طهران، على رأس وفد إماراتي رفيع المستوى أمس.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الإيرانية، اعتبر بن زايد أن "هذا اللقاء سيكون نقطة تحول في العلاقات بين البلدين".

Ad

وقال طحنون: "نأمل أن يبدأ فصل جديد في العلاقات بين البلدين، مع زيارة آية الله رئيسي لدولة الإمارات".

من جهته، جدد رئيسي تأكيد بلاده على أنها "تدعم أمن دول الخليج"، مرحباً بتعزيز العلاقات مع أبوظبي.

وقال رئيسي: "العلاقات الجيدة مع دول المنطقة تعتبر من أولويات سياستنا الخارجية، ويجب ألا تكون هناك عقبات أمام العلاقات بين البلدين المسلمين، إيران والإمارات، ونرفض أن تتأثر العلاقات بالإملاءات الخارجية"، لافتاً إلى أن "سياسة أعداء دول المنطقة تنص على إثارة الهواجس بين الجيران، لكن هذه المؤامرة يمكن إحباطها من خلال التمسك بالحكمة والتفاهم المشترك بين الدول الإقليمية والحذر من إثارة الصهاينة للفتن".

ورأى أن "تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين يوفر الأرضية لازدهار العلاقات في مجالات أخرى".

لجان تعاون

وفي وقت سابق، التقى بن زايد، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، الذي كان في مقدمة مستقبليه لدى وصوله إلى طهران.

ونقلت وكالة أنباء "نور نيوز" التابعة لمجلس الأمن القومي عن بن زايد، عقب اجتماعه بالمسؤول الإيراني الرفيع، أنه "أعرب عن سعادته بزيارته طهران ولقاء الأدميرال شمخاني".

وقال إن "تطوير العلاقات الأخوية بين أبوظبي وطهران من أولويات الإمارات". وأضاف مستشار الأمن الإماراتي، قائلاً إن "إيران دولة كبيرة وقوية بالمنطقة وتتمتع بموقع جيوسياسي فريد يربط بين شرق العالم وغربه".

كما نقلت الوكالة الإيرانية عن بن زايد قوله، إن "هناك ضرورة لتشكيل لجان عمل متخصصة لتعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية لتجاوز العقبات التي تحول دون تطوير علاقات البلدين على صعيد الطاقة والنقل والصحة ومختلف الاستثمارات".

من جهته، شدد شمخاني على أنه يجب أن يحل الحوار والتفاهمات مكان النهج العسكري لحل الخلافات في المنطقة، قائلاً إن إيران تؤكد ضرورة الجهود المشتركة لإنهاء بعض الأزمات العسكرية والأمنية التي تسببت بظروف سيئة لشعوب المنطقة.

وأعرب عن أمله أن "تكون هذه الزيارة بداية لجولة جديدة من العلاقات بين إيران والإمارات وتمهيد الطريق لترسيخ وتوسيع شامل للعلاقات بين البلدين".

وجرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

الرؤى المتباينة

من جانبه، قال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، إن زيارة طحنون لطهران تأتي "استمراراً لجهود الإمارات الهادفة إلى تعزيز جسور التواصل والتعاون في المنطقة، وبما يخدم المصلحة الوطنية".

وأضاف قرقاش عبر "تويتر"، أن الإمارات تسعى إلى "تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليمي عبر تطوير علاقات إيجابية من خلال الحوار والبناء على المشترك وإدارة الرؤى المتباينة".

وكان كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري التقى قرقاش ومسؤولين إماراتيين، في 24 نوفمبر الماضي، في إطار مساعي طهران لتحسين العلاقات الإقليمية قبيل استئناف الجولة السابعة من مفاوضات فيينا الرامية لرفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها مقابل عودتها للالتزام بقيود الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

نفي وقلق

وعلى صعيد المفاوضات النووية، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن على الغرب أن يشارك في المباحثات بحسن نية وبخطة لإلغاء العقوبات، وتابع "على واشنطن رفع العقوبات إذا كانت قلقة من برنامجنا النووي".

وأضاف أن "الادعاء بأننا نخصب اليورانيوم بنسبة 90% افتراء، وأنشطتنا النووية تتم بشفافية".

واعتبر أن الاتفاق المؤقت ليس في مصلحة بلاده، وأنه ينبغي رفع العقوبات بشكل فاعل ومؤثر.

في موازاة ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية سعید خطیب‌ زادة، إن (الدولة العبرية) تعارض الحوار في المنطقة، ووظفت جهودها لإفشال الاتفاق النووي.

ونفى زادة أن يكون الحادث الذي وقع أخيراً قرب مفاعل نطنز "تخريباً إسرائيلياً". وكرر المتحدث الرواية الرسمية عن تسبب اختبار صاروخ دفاعي في صوت الانفجار الضخم الذي سمع على بعد 20 كلم من المفاعل. وفي وقت سابق علمت "الجريدة" من مصدر مطلع أن الانفجار ناجم عن التصدي لإحدى طائرتين مسيرتين يعتقد أنهما إسرائيليتان بعد رصدهما والسيطرة على إحداهما وإنزالها.

وأوضح أن بلاده لن تتفاوض حول أمنها أو تقدم تنازلات بشأنه، وهي ليست في عجلة من أمرها في مفاوضات فيينا لكنها لن تسمح بإضاعة الوقت.

وفي وقت يسيطر القلق على المسؤولين الغربيين بسبب "تعنت طهران"، ذكرت الخارجية الألمانية أنها تتوقع أن يعود المفاوض الإيراني إلى فيينا بـ"مقترحات واقعية"، في إشارة ضمنية إلى رفض المقترحين الإيرانيين بشأن رفع العقوبات وإعادة القيود الذرية.

وأضافت برلين: "لا نزال نريد اتباع المسار الدبلوماسي لكن الوقت ينفد".

ورغم أجواء التشاؤم التي تحيط بالمحادثات النووية، اعتبر المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف، عبر "تويتر"، أمس، أن هناك "ضوءاً ضعيفاً في جدار المفاوضات"، مطالباً بـ"الصبر لوجود لغة مشتركة"، وداعياً الجميع إلى التوقف عن القفز لاستنتاجات متسرعة.

في هذه الأثناء، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس على أن "الخيار العسكري إحدى أدوات العمل على منع طهران من امتلاك قنبلة ذرية" عشية قيامه بزيارة إلى الولايات المتحدة التي سبقه إليها رئيس "الموساد" ديفيد برنيع في إطار تكثيف إٍسرائيل جهودها وضغطها على إدارة الرئيس جو بايدن لعرقلة عودتها إلى الاتفاق النووي مع إيران بشروطه السابقة.

المقداد: خطوة الإمارات شجاعة ونأمل بأخرى عربية

وصف وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال زيارته لطهران، زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد لدمشق نوفمبر الماضي بأنها كانت "خطوة شجاعة".

وفي حديثه، خلال مؤتمر مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، قال المقداد، إنه يأمل أن تحذو دول أخرى في المنطقة حذو الإمارات، التي كسرت حاجز العزلة العربية وسط حديث عن دفع الجزائر باتجاه تطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس بشار الأسد، قبيل استضافتها القمة العربية في مارس المقبل.

من جهته، أكد عبداللهيان أن المنطقة ستشهد "تطورات جديدة" في الأشهر المقبلة.

وقال إن طهران "تدين وجود القوات الأجنبية في سورية دون موافقة وطلب من دمشق، وترحب بعودة العلاقات بين سورية والدول العربية".

واتهم إسرائيل بأنها "السبب الرئيسي لفقدان الأمن في منطقة غرب آسيا".

في المقابل، قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في الدوحة، إن أسباب تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية "لم تتغير"، مؤكداً أنه "لا منطق" في الوقت الحالي لتطبيع العلاقات مع دمشق.

وأضاف الوزير القطري: "إذا لم تتم إعادة اللاجئين والنازحين لمنازلهم ومناطقهم وتغير سلوك النظام، فإنه لا منطق لتطبيع العلاقات معه، ولا أعتقد أننا في موقف يسمح لنا بحضور النظام السوري القمة العربية".

من جانبه، قال جاويش أوغلو، إنه يؤمن بأن دعوة "النظام السوري" إلى حضور قمة جامعة الدول العربية أو أي اجتماع دولي آخر دون حل جذري، من شأنه "دفع هذا النظام للاستمرار في بطشه واعتداءاته"، على حد قوله.