أكدت التطورات والتصريحات الأخيرة في العراق، أن الانقسام الحاد وصل إلى أعلى درجات التوتر بين زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، والفصائل "الموالية لإيران" والإطار التنسيقي، في وقت قررت المحكمة الاتحادية تأجيل النظر في الدعوى المقدمة من رئيس تحالف الفتح هادي العامري لإلغاء نتائج الانتخابات.

فعلى الرغم من محاولة العضو في مكتب الصدر، صادق الحسناوي، التخفيف من حدة تلك العقبات، معتبرا أن "الصدر يسعى لإيجاد نظام سياسي يعزز الهوية الوطنية وهيبة الدولة، ويتبنّى مشروع حكومة الغالبية الوطنية، ولن يكون جزءا من أية حكومة توافقية"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مخرجات لقاء الصدر مع "الإخوة في الإطار التنسيقي أسفرت عن تشكيل لجان تنسيقية لاستمرار الحوار وتذليل العقبات"، فإن المعطيات على الأرض لا تشي بحلحلة قريبة.

Ad

مشادة كلامية

ونقلت "العربية نت" عن مصدر مطلع، أن "نقاشا حاداً كاد يتطور إلى مشادة كلامية، وقع بين الصدر ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خلال اجتماع الإطار التنسيقي قبل يومين، لولا تدخّل العامري".

واعتبر المصدر أن "الفجوة بين المتخاصمين السياسيين لم تحل، وكذلك الجفاء الواضح بين زعيم التيار الصدري، وزعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي".

وقبل ساعات من قرار المحكمة الاتحادية، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، مهند الجنابي، أن "حدثين مهمين يؤكدان حجم الانقسام الذي يسود العلاقة بين الثنائي الشيعي، أي التيار الصدري والإطار التنسيقي، أولهما مطالبة الصدر بحكومة غالبية وطنية، أما الثاني فتلويح العامري مجدداً بوجود أدلة دامغة على تزوير الانتخابات".

ورأى الجنابي أن "العلاقة بين الطرفين ليست مجرد اختلاف أو تباين في وجهات النظر، إنما "تعارض بيّن يمتد إلى البرنامج السياسي لكل فريق"، معتبراً أن "الصدر سعى على مدى العامين الماضيين إلى تكييف أداء تياره السياسي مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية التي مرّت على البلاد، وأن يواكب مجموعة واسعة من التحولات في المزاج العام للشعب العراقي، وقد حصد نتيجة ذلك عدداً من المقاعد جعلت منه الفائز الأول، بفارق كبير، بينما جاء أداء أطراف الإطار التنسيقي خلال المدة نفسها، مهدداً لسيادة الدولة ودافعاً باتجاه الاقتتال الداخلي إلى درجة وصول العراق في أكتوبر 2020 إلى حافة العزلة التامة بعد تهديد سفارات أكثر من 25 دولة بتحويل مقارها من بغداد إلى أربيل".

كما اعتبر أن أطراف "التنسيقي" سيستخدمون على الأرجح ما وافقوا عليه سابقاً كسلاح جديد للطعن بمجمل العملية الانتخابية، مثل قرار إلغاء انتخابات الخارج ومحاولة إحياء البرلمان المنحل. وتابع الجنابي أن "هذه الأجواء ستنعكس بالتأكيد على مساعي الصدر في تشكيل الحكومة، عندها ستنتقل قوى الإطار إلى تعطيل انعقاد الجلسة الأولى للمجلس النيابي، أو تأخير انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتطلب 220 صوتاً، أملا في تحقيق الحد الأدنى من مطالبهم المتمثلة في الحصول على بعض الوزارات التي تضمن مصالحهم الحزبية.

العامري

وفي السياق، قررت المحكمة الاتحادية، أمس، تأجيل النظر بالدعوى المقدمة من رئيس تحالف الفتح، بالغاء نتائج الانتخابات الى 13 الجاري.

وكان العامري قد أعلن في مؤتمر صحافي، أمس الأول، أن تحالفه سيقبل بما تقرره المحكمة الاتحادية، معربا عن "ثقته بالدلائل والبراهين التي قدّمها".

وقال العامري: "انتخابات أكتوبر، لم تجر في الأجواء التي نطمح بها، وأثبتت المفوضية عدم قدرتها على إدارة الانتخابات، وارتكبت مجموعة مخالفات وأولها مخالفة قانونها، لأنها ادعت أن النتائج الأولية المعلنة تمثل 94 بالمئة من الأصوات، بينما ما أعلن كان يمثّل 79 بالمئة فقط"، لافتا إلى أن "نتائج الانتخابات أثبتت عدم أهلية المفوضية على إدارتها".

ولم يحقق "تحالف الفتح" سوى 17 مقعدا في الانتاخبات الأخيرة، بعد أن كان يستحوذ على أكثر من 40 مقعدا في البرلمان السابق.

«الفراغات الأمنية»

في غضون ذلك، ومع اقتراب موعد سحب أميركا قواتها القتالية بالكامل من العراق نهاية الشهر الجاري، ألقت هجمات "داعش" الإرهابية المتزايدة وآخرها الهجوم المزدوج على قريتين بقضاء مخمور في إقليم كردستان الذي أسفر عن 13 قتيلاً، بظلالها على الوضع الأمني والسياسي العراقي، وسط دعوات وجهتها أوساط سياسية للتعاون وملء "الفراغات الأمنية" بين بغداد وأربيل والتحالف الدولي.

وفي هذا السياق، أكد عضو "الحزب الديموقراطي الكردستاني" علي الفيلي، أهمية التعاون المثمر بين القوات الأمنية والبيشمركة والتحالف الدولي لإنهاء الخروقات وملء الفراغات التي تستغلها الزمر الإرهابية لاستهداف الأبرياء.

وقال: "هنالك أوامر صدرت من قبل القائد العام للقوات المسلحة بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان بتشكيل غرف عمليات مشتركة لما يسمّى مناطق الفراغ الأمني التي تفصل بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة"، مبينا أن "هنالك بعض الجهات السياسية مع الأسف الشديد هاجمت هذه الاتفاقيات، وسعت جاهدة لعرقلتها لأسباب واهية، وكأنها تصور أن وجود داعش الإرهابي افضل من عودة البيشمركة الى تلك المناطق"، لافتا الى أن "ملء تلك الفراغات من خلال التعاون الأمني هو أمر ضروري ومهم لإنهاء نشاطات تلك الزمر الإرهابية".

واستغرب المحلل السياسي، عماد باجلان، الدعوات الى خروج قوات التحالف الدولي رغم أن خطر "داعش" ما زال قائما ويعرّض حياة الأبرياء للخطر، منتقدا تفضيل البعض لبقاء "داعش" في مناطقهم على مسك قوات البيشمركة لتلك المناطق.

وكان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، قد بحث أمس الأول، مع السفير الأميركي في العراق، التقدم الحاصل في إنهاء الدور القتالي لقوات التحالف الدولي وفق متبنيات الحوار الاستراتيجي.