أخذت الأزمة على أكثر حدود حلف شمال الأطلسي سخونة منحى جديداً أكثر خطورة، مع تأكد الاستخبارات الأميركية من وجود مخطط لدى روسيا لاجتياح أوكرانيا من عدة جبهات في وقت مبكر من العام المقبل، وإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عدم تقيّده بأي خطوط حمر لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مواجهة الحرب المحتملة.

وفي تأكيد للمخاوف الغربية، نقلت صحيفة واشنطن بوست أمس الأول، عن مسؤول أميركي كبير، أن روسيا تستعد لإطلاق هجوم على أوكرانيا بمشاركة «100 كتيبة مكونة من مجموعات تكتيكية بقوة تقدر بنحو 175 ألف جندي، إلى جانب دبابات ومدفعية ومعدات أخرى».

Ad

وقبل القمة المرتقبة عبر الفيديو بين الرئيسين الأميركي والروسي لمناقشة التوتر المتصاعد منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم قبل 7 سنوات واستيلاء القوات الانفصالية الموالية لها على جزء من شرق أوكرانيا، نقلت الصحيفة عن وثيقة عسكرية أميركية أن القوات الروسية تقوم بالتموضع في 4 مواقع مختلفة بخمسين مجموعة قتالية تكتيكية.

ورفضت وزارة الدفاع (البنتاغون) التعليق على المعلومات الاستخباراتية، لكنها أبدت «قلقاً عميقاً من الأدلة على خطط لروسيا لتحركات عدوانية ضد أوكرانيا». وقال المتحدث باسمها اللفتنانت كولونيل توني سيميلروث: «نواصل دعم تخفيف التوتر في المنطقة، وإيجاد حل دبلوماسي للصراع في شرق أوكرانيا».

خطوط حمر

واستبق بايدن القمة وعزز الضغط على بوتين أمس الأول، ووعد بمبادرات للدفاع عن أوكرانيا، مؤكداً أنه سيجعل من «الصعب جداً» بالنسبة إلى روسيا شن أي غزو عليها.

وقال بايدن، لدى مغادرته إلى منتجع كامب ديفيد: «ما أقوم به هو تجميع أشمل وأهم مجموعة من المبادرات لجعل من الصعب للغاية على السيد بوتين المضي قدماً والقيام بما يخشى الناس أنه قد يقدم على فعله».

وأكد أنه على دراية بتحركات روسيا منذ فترة طويلة وأنه سيجري «نقاشا طويلاً» مع بوتين، مشدداً على أنه «لن يقبل أي خطوط حمراء من أحد» بشأن تلك الأزمة.

ويوم الثلاثاء الماضي، اطلق الرئيس الروسي تحذيراً شديداً لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وحذره من التوسع في نشر قواته وأسلحته في أوكرانيا، معتبراً أن ذلك يمثل «خطا أحمر» لروسيا وسيؤدي إلى «رد قوي».

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض جين ساكي: «هناك سلسلة أدوات في متناولنا. طبعاً، تشكل العقوبات الاقتصادية خياراً». ولم تشأ الرد على سؤال يتصل بإمكان اتخاذ خطوات عسكرية.

ورغم الاتصالات المتزايدة بين الخصمين منذ التقى بوتين وبايدن للمرة الأولى في قمة بجنيف خلال يونيو الماضي، تستمر التوترات. فبالإضافة إلى الصراع في أوكرانيا، تواصل روسيا والولايات المتحدة خلافاتهما حول العديد من القضايا من بينها الهجمات الإلكترونية.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين تحدث خلال لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس الماضي في ستوكهولم عن «أدلة» على الاستعدادات للاعتداء على أوكرانيا، محذراً من أنه «إذا قررت روسيا مواصلة طريق المواجهة، فستواجه عواقب وخيمة»، بعدما هددها الأربعاء بفرض عقوبات اقتصادية مؤلمة.

وفي أوكرانيا، أكد وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، أمام البرلمان، مواصلة روسيا نشر قواتها على الحدود وبدء تدريبات عسكرية واختبار اتصالاتها وستكون مستعدة «لتصعيد» عسكري محتمل في نهاية يناير المقبل بمشاركة نحو 100 ألف جندي.

وقال ريزنيكوف أمس الأول، إن قواته استخدمت طائرة بيرقدار التركية مرة واحدة ضد نظام مدفعية، مضيفا أنه منذ ذلك الوقت يخشى «جنود العدو» استخدام مثل هذه الأنظمة لأنهم يفهمون «كيف يمكن أن ينتهي هذا».

وأوضح أيضاً أن روسيا حشدت أكثر من 94 ألف جندي بالقرب من حدود أوكرانيا وربما تستعد لتصعيد واسع النطاق في نهاية يناير المقبل.

وعلى هامش اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا في ستوكهولم، رفض وزير الخارجية ديمترو كوليبا رفضاً قاطعاً أي التزام بالتخلي عن خطة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأي «ضمانات» أخرى، داعياً الولايات المتحدة وحلفاءها إلى رفض أي مطالب روسية لخفض التوتر على الحدود الأوكرانية.

بوتين وإردوغان

في المقابل، أبلغ الرئيس الروسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان أمس الأول، أن الجيش الأوكراني يستخدم طائرات مسيرة تركية الصنع من طراز بيرقدار في منطقة الصراع بمنطقة دونباس، معتبراً أن تنفيذه هجمات ضد الانفصاليين الموالين له «استفزاز وسلوك مدمر». وانتقد الرئيس الروسي «سياسة كييف المدمرة لتقويض اتفاقات مينسك» لعام 2015 التي تهدف إلى إنهاء الصراع في شرق أوكرانيا الانفصالي، لكنها لم تطبّق بتاتا.

وأشار بوتين خلال المكالمة الهاتفية أيضا إلى «حاجة كييف إلى التخلي عن أي محاولة لنشاطات عدائية» في شرق أوكرانيا.

وقالت إدارة الاتصالات التركية، إن أوكرانيا كانت إحدى القضايا التي ناقشها أردوغان مع بوتين، لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى.

واشترت أوكرانيا ونشرت طائرات تركية مسيرة في الحرب ضد القوات المدعومة من روسيا في منطقة دونباس، مما أثار غضب روسيا. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه لا يمكن تحميل تركيا مسؤولية نشر أوكرانيا لطائرات مسيرة تركية الصنع.

واتهمت روسيا أوكرانيا في أكتوبر بزعزعة استقرار الوضع بعد أن استخدمت القوات الحكومية طائرة مسيرة من طراز بيرقدار تي بي 2 لمهاجمة موقع يسيطر عليه الانفصاليون المدعومون من روسيا.