سجلت عدة دول أمس، بينها أستراليا وروسيا، إصابات جديدة بـ "أوميكرون"، الذي حذّر أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين للرئيس الأميركي، من أنه "سيتفشى في كل مكان ويعطي إشارات واضحة أنه يمكن أن ينتشر بسرعة".

وانضمت دول جديدة إلى الإجراءات العالمية في حظر السفر من دول منطقة جنوب إفريقيا وإليها، لكن إسرائيل أعلنت إغلاق الحدود بالكامل لـ 3 أسابيع، وتبعها المغرب الذي أعلن إغلاقاً كاملاً لأجوائه أمام كل رحلات الطيران الوافدة إليه، اعتبارا من اليوم لمدة أسبوعين.

Ad

وقال فاوتشي إنه "من السابق لأوانه القول ما إذا كنا بحاجة إلى عمليات إغلاق أو تفويضات جديدة"، لكنه أضاف: "يجب أن تكونوا مستعدين لفعل أي شيء وكل شيء".

في كل مكان

وبدأ المتحور الجديد ينتشر من هولندا، التي سجلت أمس 13 إصابة جديدة، مرورا بهونغ كونغ وأستراليا، التي أعلنت السلطات فيها، أمس، اكتشافها للمرة الأولى لدى مسافرين ملقحَين بالكامل، قدما من جنوب القارة الإفريقية، وخضعا لفحص «كورونا» بعد وصولهما إلى سيدني.

وبعد رصد الفيروس في تشيكيا وإيطاليا وبريطانيا، اختصر وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران المشهد بالقول إن «أوميكرون» موجود وينتشر بالفعل على الأرجح في بلاده حتى لو لم يجرِ رصده حتى الآن، معتبراً أن اكتشاف أول إصابة مسألة ساعات.

إغلاق الحدود

وانضمت دول جديدة الى الإجراءات العالمية في حظر السفر من دول منطقة جنوب افريقيا وإليها، لكن إسرائيل كانت الأكثر تشدداً والأسرع في إغلاق الحدود بالكامل أمام جميع الأجانب، وذلك بعد 4 أسابيع فقط من إعادة فتحها أمام السياح.

وقال رئيس الوزراء نفتالي بينيت: «نرفع العلم الأحمر»، في دلالة على درجة الخطر المرتفعة، مضيفاً أن حكومته طلبت 10 ملايين وحدة من معدات إجراء فحوص «بي سي آر» لمكافحة المتحور «الخطير للغاية».

وفي لندن، أمر رئيس الوزراء بوريس جونسون، أمس الأول، بإعادة فرض ارتداء الكمامة في المحال التجارية ووسائل النقل العام ابتداء من غد، وفرض العزل الذاتي لمخالطي الإصابات بـ «أوميكرون»، حتى لو كانوا قد حصلوا على لقاحات «كورونا».

وإضافة إلى عودة الالتزام بارتداء الكمامات، ستطلب المملكة المتحدة من أي شخص يدخل البلاد، إجراء اختبار «بي سي آر» في غضون يومين من وصوله، أو الخضوع لعزل ذاتي، حتى يحصل على تأكيد بخلوه من «كورونا».

وأكد وزير الصحة البريطاني، ساجد جاويد، أمس، أن هذه الخطوات ستمنح العلماء فرصة تقييم السلالة في غضون «أسابيع ثمينة»، معبّراً عن ثقته بأن الناس سيتعاملون بجدية أكبر مع قواعد ارتداء الكمامات في الأماكن المكتظة، مثل المتاجر ووسائل النقل العام.

من ناحيته، ناشد رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية، ماركوس زودر، حكومة بلاده «إغلاق البلاد بالكامل على نحو أقوى»، مضيفا: «لا بدّ من إقرار مكابح طوارئ على المستوى الاتحادي هذا الأسبوع». وحضّ الرئيس الألماني فرانك شتاينماير مواطني بلاده على ضرورة الحليولة دون الدخول في إغلاق، من خلال تقييد المخالطات والتواصل فيما بينهم طواعية.

جدوى تقييد السفر

في المقابل، رأى نائب وزير الصحة المكسيكي، هوغو غاتيل، أن فرض القيود على السفر وإغلاق الحدود بسبب «أوميكرون» لا فائدة منها، وهي تلحق أضرارا بالاقتصاد، إلا أن فاوتشي اعتبرها «وسيلة لكسب الوقت»، معتبراً من ناحية أخرى أن «حملة التطعيم الحالية قد تكون قادرة على احتواء» المتحور. وأعلنت الشركات المصنعة للقاحات كورونا أنها تحتاج الى أسابيع لتكييف لقاحاتها لتواجه المتحور الجديد.

وفي وقت أكدت شركة فايرز أنها ستعد لقاحاً معدلاً في غضون 100 يوم، قال كبير مسؤولي الشؤون الطبية في شركة موديرنا الأميركية، بول بيرتون، إنه يشتبه في أن «أوميكرون» يحتمل أن يتغلب على لقاحات «كورونا» الحالية، وفي هذه الحالة من المحتمل إعداد لقاح معدل لمكافحة هذه السلالة بحلول أوائل العام الجديد. وتبقى كيفية ظهور «أوميكرون» أمرا غامضاً، ويعتقد علماء أنه، مثل متحور «بيتا» الذي ظهر أيضا في جنوب إفريقيا عام 2020، فإن التفسير الأكثر منطقية هو أن الفيروس كان قادرا على النمو والتطور بشكل مطّرد في جسم شخص يعاني نقص المناعة، وربما يكون مصابا بفيروس نقص المناعة البشرية (إيدز).

واكتشف علماء من جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي المتحور الجديد B.1.1.529 المكوّن من 10 نسخ على الأقل، مقارنة بـ 3 نسخ في المتحور «بيتا» ونسختين في «دلتا»، المتحور الذي سدد ضربة للتعافي العالمي، مما أدى إلى إعادة فرض إغلاق على ملايين الأشخاص حول العالم.

وأظهر تحليل أن «أوميكرون»، له طفرات عدة، وقد يظهر تأثيره الكامل في الدول التي كانت فيها حملات التطعيم ضعيفة بنسبة كبيرة.

ويفيد التحليل الذي نشرته صحيفة الغارديان، أمس، بأن هناك طفرات بـ «أوميكرون» تجعله قابلا للانتشار بشكل أوسع، كما أنه يمكن أن يكون قادرا على التهرب من الأجسام المضادة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف فعالية اللقاحات.

وأظهر بحث أجراه العالم توليو دي أوليفيرا، الذي يدير مركزين للتسلسل الجيني في جامعتين بجنوب إفريقيا، أن المتحور الجديد يحتوي على أكثر من 30 طفرة، مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا. وأكثر هذه الطفرات إثارة للقلق، هي الطفرات التي تمكّن المتحور من التهرب من الأجسام المضادة، سواء الناتجة من عدوى سابقة أو من التطعيم.

رسالة مبطنة

وأدى اكتشاف «أوميكرون» إلى إعادة إحياء الانقسامات الجيوسياسية التي فاقمها الوباء، فسارعت الولايات المتحدة إلى الإشادة بشفافية جنوب إفريقيا في الإعلان عن المتحور الجديد، في تنديد مبطّن بطريقة تعامل الصين مع المعلومات بشأن ظهور الوباء.

وأشاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «بعلماء جنوب إفريقيا لتعرّفهم السريع على المتحور أوميكرون، وبحكومة جنوب إفريقيا لشفافيتها في مشاركة هذه المعلومات، والتي ينبغي أن تكون مثالا يحتذى للعالم بأسره».

لكن جنوب إفريقيا اشتكت من فرض تدابير حظر سفر «قاسية» وغير منصفة، لأنها كانت أول بلد يرصد المتحور.