توجّه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، لإدارة جهود الحرب من الخطوط الأمامية، في حين تولّى نائب رئيس الوزراء ديميكي ميكونين إدارة الشؤون اليومية للحكومة في غيابه.

وأفاد تقرير نشر على موقع فانا الإخباري بأن المتحدث باسم الحكومة ليجيسي تولو، قدّم في مؤتمر صحافي، تفاصيل عن نقل مسؤوليات بعض الأعمال اليومية.

Ad

والاثنين، أعلن رئيس الوزراء، أنه سيتوجه إلى ساحة المعركة ليقود القتال ضد مقاتلي «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» وحلفائها، الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من العاصمة أديس أبابا.

وقال آبي أحمد في بيان: «لدينا تاريخ في الدفاع عن اسم إثيوبيا. الحرية والسيادة التي تمتعت بها البلاد لآلاف السنين ليست منحة، من المستحيل المحافظة على الحرية من دون ثمن. ولقد دُفع هذا الثمن بالدم، ومات الأبطال من أجل ذلك».

وقال: «لنلتقي في جبهة القتال. حان الوقت للتضحية من أجل قيادة البلاد».

وشدد على أن «هزيمة إثيوبيا أمر لا يمكن تصوره»، داعيا الدول الإفريقية للوقوف إلى جانب بلاده في محنتها بروح الوحدة الإفريقية.

​وكان آبي أحمد قد وجّه نداء الجمعة الماضي إلى المواطنين يطلب فيه منهم حمل السلاح ومواجهة التهديدات ‏الداخلية والخارجية.

​ويأتي تحرّك رئيس الوزراء بعدما صرح جيش تحرير أورومو، المتحالف مع جبهة تحرير تيغراي، أن الاستيلاء على العاصمة أديس أبابا «مسألة أشهر إن لم تكن أسابيع».

وأكدت جبهة تيغراي، الأسبوع الماضي، أنه لن يحدث «حمام دم» في حال دخل مقاتلوها العاصمة أديس أبابا، لإسقاط الحكومة المركزية، وشددت على أنها تتقدم نحو العاصمة وتقاتل بشراسة أيضا في محاولة لقطع ممر للنقل يربط بين إثيوبيا الحبيسة وميناء رئيسي في جيبوتي.

كما نشر عضو مكتب تيغراي للشؤون الخارجية، كيندييا غيبريهوت، عبر حسابه على «تويتر»، فيديو قال إنه لـ «أسرى الجيش الإثيوبي، الذين بلغ عددهم 11 ألفا».

فيلتمان

في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، إن «الجيش الإثيوبي وجماعات مسلحة من الأقاليم تمكنوا إلى حد ما من وقف تحركات قوات تيغراي لقطع الممر، لكنّ قوات تيغراي تمكنت من التحرك جنوبا صوب العاصمة»، معتبراً التقدم نحو دفع جميع أطراف الصراع الإثيوبي إلى مفاوضات لوقف النار مهدد بمخاطر تصعيد عسكري «مقلق».

كلام فيلتمان جاء بإفادة للصحافيين في واشنطن بعد عودته من إثيوبيا، حيث التقى آبي أحمد وبحثا حلا دبلوماسيا محتملا للصراع.

وقال فيلتمان إن «رئيس الوزراء والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي يعتقدان على ما يبدو أن كلا منهما على وشك تحقيق نصر عسكري».

وأضاف: «تم إحراز تقدم إزاء محاولة دفع الأطراف للانتقال من المواجهة العسكرية إلى عملية التفاوض، لكن ما يثير قلقنا هو أن هذا التقدم الهش ربما تتخطاه التطورات المقلقة على الأرض، والتي تهدد استقرار إثيوبيا ووحدتها بوجه عام».

وقال فيلتمان إن طرفي الصراع كانا يتحدثان مع الولايات المتحدة حول بدء عملية سلام سرية.

وتريد «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» رفع ما تصفه الأمم المتحدة بأنه «حصار فعلي» تفرضه الحكومة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى إقليم تيغراي، الذي يعاني فيه 400 ألف نسمة المجاعة. ويريد آبي أحمد أن تنسحب قوات جبهة تيغراي من الأراضي التي سيطرت عليها.

لكن «الجبهة» تدعو أيضا إلى تنحي آبي أحمد الذي حقق فوزا ساحقا في الانتخابات الوطنية هذا العام.

وفيما دعت فرنسا وتركيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا رعاياها إلى مغادرة البلاد، تعتزم الأمم المتحدة إجلاء عائلات موظفيها الدوليين من إثيوبيا بحلول اليوم.

وفي وثيقة داخلية، طلبت أجهزة الأمن التابعة للأمم المتحدة من المنظمة «تنسيق عمليات الإجلاء، والحرص على مغادرة جميع أفراد عائلات الموظفين الدوليين ممّن يحقّ لهم ذلك، إثيوبيا في موعد أقصاه اليوم».

وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، أنه «نظراً إلى الأوضاع الأمنية في البلاد» قررت الأمم المتحدة «تقليص بعثتها في البلاد عبر إجلاء مؤقت» لكل الأشخاص التابعين لها.

إلى ذلـــــــك، أبلغــــــت إثـيـــــوبــيـــــــا 4 دبلوماسيين أيرلنديين من أصل 6 يعملون في سفارة بلادهم في أديس أبابا بوجوب مغادرة البلاد بحلول الأسبوع المقبل، بسبب المواقف التي اتخذتها أيرلندا دولياً بشأن النزاع الدائر في إثيوبيا والأزمة الإنسانية التي تشهدها.

مدنيون يشكّلون دوريات لحراسة شوارع العاصمة

في فترة الظهيرة كل يوم يجوب عامل البناء غيتاتشو ميجيرسا البالغ من العمر 55 عاما شوارع العاصمة الإثيوبية، بحثا عن جواسيس يعملون لمصلحة قوات إقليم تيغراي المتمرد.

ويقول غيتاتشو، وهو واحد من عشرات الآلاف من سكان أديس أبابا الذين انضموا إلى مجموعات الدفاع عن المدينة، بعد أن هدد مقاتلو تيغراي بالزحف إليها، الشهر الماضي، إن هذه ليست المرة الأولى التي يدافع فيها عن بلاده ضد المتمردين من إقليم تيغراي.

وقال الجندي السابق لـ «رويترز»: «أنا الآن أحمي مدينتي متسلحا فقط بعصا، لكن إذا لزم الأمر وأعطوني سلاحا، فسأفعل الشيء نفسه».

وكل يوم من الظهر وحتى الساعة العاشرة مساء، يفتش غيتاتشو وفريقه المكون من عشرات الرجال الذين يرتدون سترات برتقالية زاهية ويلوحون بعصي غليظة المارة والسيارات بحثا عن أسلحة ومشتبه بهم.

وفي أيام شبابه، أمضى غيتاتشو 12 عاماً ملتحقاً بالجيش، تحت حكم النظام الماركسي الذي أطاح به متمردو الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وحلفاؤها عام 1991. وهيمنت الجبهة على الحكومة لما يقرب من ثلاثة عقود، حتى وصل رئيس الوزراء آبي أحمد إلى السلطة عام 2018.

وسرعان ما توترت العلاقات بين حكومة آبي والجبهة. واندلعت حرب قبل عام في إقليم تيغراي الشمالي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين ومعاناة ما لا يقل عن 400 ألف شخص في تيغراي من المجاعة.

لكن قوات تيغراي استعادت السيطرة على معظم الإقليم، وتزحف الآن باتجاه الجنوب والشرق إلى منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين، وتهدد العاصمة وممر نقل يربط إثيوبيا الحبيسة بجيبوتي، الميناء الرئيسي في المنطقة.

وبدأت مجموعة غيتاتشو تسيير دوريات منذ أسبوع. وذات مرة، تلقوا معلومات عن ثلاثة غرباء يقضون النهار داخل منزل، ويخرجون فقط في الليل.‭‭‭ ‬‬‬كما سمع الجيران الرجال يتحدثون بلغة سكان تيغراي.