إزاء خلو القوانين الجزائية، ومنها جرائم تقنية المعلومات، من معاقبة الموظف أو المكلف بخدمة عامة عند التقاط الصور للمستندات والوثائق ذات الطبيعة السرية والعمل على تداولها، يتعين على المشرع النظر في هذه المسألة، خاصة بعد صدور أحكام قضائية بعدم نفاذ قانون منع النشر للوثائق السرية رقم 6/ 1988 لعيوب إجرائية تتعلق بسلامته.

والمناداة بإعادة النظر في إيجاد تنظيم لهذه القضية تأتي بعد أن كشف الواقع عن تسريب العديد من المستندات والوثائق الرسمية ذات الطبيعة السرية، بعد أن سمحت العديد من الإدارات ذات طبيعة العمل الخاصة بتمكين موظفيها باقتناء هواتفهم الخاصة، بخلاف ما هو معمول به من الدول، الأمر الذي دفع العديد من الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة إلى التقاط الصور للعديد من المستندات والوثائق ذات الطبيعة السرية وتداولها في وسائل التواصل ذات الطبيعة العلانية، أو التي لا يتوافر فيها ركن العلانية، ومثل ذلك القصور التشريعي لتلك القضية التي تحتاج إلى معالجة قانونية من شأنه أن يساهم في إضعاف الثقة بمؤسسات الدولة وأجهزتها، ما لم يتم تداركه والعمل على مواجهته.

Ad

والتقاط الصور للمستندات والوثائق والمحاضر، برغم حسن نيّة بعض المتعاملين به من قبل الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة، هو أمر بات يستخدم على الجانب الآخر لإفشاء الأسرار وإثارة البلبلة، ولا تكون الغاية منه المصلحة العامة، وهو الأمر الذي يستوجب مراجعته تشريعيا، سواء كان السلوك صادرا من أجهزة تقليدية أو الكترونية أو أية وسيلة كانت، مع حظر استخدام أدوات التصوير أو حيازتها في بعض الوظائف الخاصة، حفاظا على تلك المستندات والوثائق ذات الطبيعة الخاصة أو السرية، والتي يتعيّن تعريفها بأحكام التشريع حتى لا يكون التنظيم هو الآخر للغاية منه قيد حرية تداول المعلومات أو الأفكار، وإنما يكون مقصورا على المستندات والوثائق ذات الطبيعة السرية أو التي يدوّن عليها «سري» من قبل أجهزة الدولة ذات الطبيعة السيادية، أو التي تتعلق بعلاقات الدولة الخارجية أو الأمنية، بما لا يتسبب في اضطرابها أو يضعف الثقة بها.

● حسين العبدالله