بعد إعلان إسرائيل أنها جددت التفاهمات مع موسكو حول حرية عملها في الأجواء السورية ضد الوجود الإيراني، نفى السفير الإيراني لدى سورية، مهدي سبحاني، أمس، وجود أي خلاف مع موسكو، مؤكداً في المقابل، أن الولايات المتحدة ستترك منطقة الشرق الأوسط بالكامل، و«لن يبقى أثر لأي جندي أميركي»، وذلك بينما يتصاعد الحديث عن انكفاء أميركي واسع عن منطقة الشرق الأوسط.

وتعكس تصريحات سبحاني عن انسحاب أميركي مشكوك فيه، رهاناً إيرانياً إقليمياً خطيراً، فيما تواصل طهران تورّطها بمواجهات على عدة جبهات إقليمية، عبر دعم وكلاء محليين سياسياً وعسكرياً، بالتزامن مع اعتمادها لمقاربة غامضة، بشأن برنامجها النووي، باتت تثير تحفُّظ أقرب داعميها على الساحة الدولية وتخاطر بتوحيد المجتمع الدولي لجهة إعادة فرض العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها، تحت البند السابع، قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015.

Ad

وفي تصريحاته الصحافية، شنّ السفير الإيراني في سورية هجوماً لاذعاً على الولايات المتحدة، وكذلك على تركيا، مع تصاعد التوتر في شمال سورية، حيث توجد قوات عسكرية تركية.

وهاجم السفير الإيراني الولايات المتحدة، واتهمها بـ «التزام الصمت إزاء اعتداءات الكيان الصهيوني على سورية التي تلحق أضراراً بها»، في إشارة إلى الغارات الجوية والضربات التي تشنّها إسرائيل بهدف ضرب ما تُطلق عليه «محاولة تمركز الميليشيات الإيرانية»، إلا أنه تجاهل التعليق على التصريحات الإسرائيلية على لسان وزراء في حكومة نفتالي بينيت، عن توصل إسرائيل وروسيا الى اتفاق على تجديد سماح موسكو لتل أبيب بمواصلة حملتها العسكرية على ما تسميه محاولات التموضع الإيرانية في سورية.

واكتفى سبحاني بالقول إن «ما يجمع بلاده مع روسيا هدف مشترك في سورية، هو إلحاق الهزيمة بالإرهاب والوقوف في وجه رعاته الدوليين»، مشيراً إلى أن «المعركة لم تنتهِ بعد، وأعتقد أنه لا يوجد أي خلاف بيننا وبين موسكو».

«الحضن العربي»

ووسط حديث عن انفتاح عربي على سورية لإعادتها الى «الحضن العربي» مقابل تقليص النفوذ الإيراني في هذا البلد، أكد سبحاني أن بلاده تنظر إلى ما يجري بشكل إيجابي بهذا الخصوص «لأنه يصب في مصلحة تخفيف آلام ومعاناة دمشق، ويمهّد الأرضية للازدهار والنمو في هذا البلد».

في المقابل، وغداة إعلان أحد وزرائه عن موافقة روسيا على منح اسرائيل حرية الحركة في الأجواء السورية، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بنتائج أول لقاء جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الأسبوع الماضي.

وصرح بينيت، في مستهل جلسة حكومية أسبوعية، أمس، بأن الاجتماع «كان جيداً جداً ومتعمقاً»، مؤكداً أن الملف السوري اتخذ مكانة خاصة ضمن أجندته.

وقال: «بحثنا الأوضاع في سورية بطبيعة الحال، علماً بأن الروس هم جيراننا من جهة الشمال إلى حد ما، فمن المهم أن ندير الأوضاع الحساسة والمعقّدة الموجودة هناك بسلاسة ومن دون أي خلل».

وذكر أنه وبوتين توصلا إلى «اتفاقات جيدة ومستقرة»، في إشارة إلى احتفاظ إسرائيل بحريّة العمل في الأجواء السورية التي تخضع لنفوذ القوات الروسية. ولفت إلى أنه وجد لدى الرئيس الروسي «أذنا صاغية بشأن احتياجات إسرائيل الأمنية».

وأشار بينيت إلى أن محادثاته مع بوتين تناولت التطورات حول برنامج إيران النووي، مشدداً على أن المرحلة المتقدمة التي بلغها هذا البرنامج «تثير قلق الجميع».

وتزامن ذلك مع تقارير عن استعراض «خرائط تصوير جوي إسرائيلية» للجغرافيا السورية تضمنت مواقع وجود إيران والقوات التابعة لها، خلال لقاء بينيت وبوتين.

وأفادت التقارير، نقلا عن مصادر، بأن بينيت طلب «إعادة تفعيل تفاهم خفض التصعيد في جنوب سورية بإبعاد الوجود الإيراني 80 كيلومترا شمالا» عن الجولان المحتل.

سلاح الجو جاهز

في موازاة ذلك، رأى مسؤول في سلاح الجو الإسرائيلي، يدعى أمير لازار، أن «إيران تمثّل خطراً على دول المنطقة». وخلال مؤتمر في قاعدة عوفدا الجوية، حيث تجرى تدريبات العلم الأزرق بمشاركة 7 دول، إلى جانب إسرائيل، أكد لازار أن «سلاح الجو الإسرائيلي جاهز، ومستعد للقتال في أي اتجاه تقرر حكومة إسرائيل ذهابنا نحوه».

شمخاني والمليارات

ووسط أجواء تصعيدية، علّق مستشار المرشد الإيراني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، الأدميرال علي شمخاني، أمس، على قرار إسرائيل تخصيص ميزانية، تقدّر بنحو مليار ونصف المليار دولار، لاستهداف البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أنه «يجب على الكيان الصهيوني التركيز على توفير تمويل بعشرات الآلاف من مليارات الدولارات لإصلاح الأضرار التي ستنجم عن رد فعل إيران الصادم».

سيناريو كوريا الشمالية

في هذه الأثناء، ذكر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أن الوكالة لا تملك إمكانية الوصول إلى كاميرات مراقبة في إيران، محذراً من عدم مراقبة المنشآت النووية الإيرانية وتكرار السيناريو الكوري الشمالي.

وأضاف غروسي: «أنه نظراً لعدم تعاون طهران، لم تعد الوكالة تشرف بشكل كامل على برنامجها النووي، وخاصة منشأة كرج».

كما حذّر من أن فشل الدبلوماسية قد تكون له عواقب سياسية بعيدة المدى على منطقة الشرق الأوسط والعالم، مستشهداً بتجربة قطع التعاون بين الوكالة الدولية وبيونغ يانغ.

وأعرب عن تمنياته بلقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قريبا «لرفع سوء الفهم الحاصل بيننا»، لكنه أشار إلى عدم وجود «أي دليل إلى الآن على ذهاب إيران نحو صناعة القنبلة النووية».

وتزامن ذلك مع تصريح المندوب الروسي الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف حمل في طياته عدم رضا عن الموقف الإيراني المتلكئ باستئناف الجولة السابعة من المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي المقيد لطموحات طهران الذرية.

وكتب أوليانوف عبر «تويتر»، رداً على تصريحات عبداللهيان بأن بلاده ستعود إلى طاولة فيينا قريباً، قائلا: «قريباً، هل يعرف أحد ما تعنيه تلك العبارة عملياً؟!».

من جانب آخر، أكد رئيس لجنة التخطيط في البرلمان الإيراني حميد رضا حاجي بابايي، أمس، أن نصف سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات معيشية عاجلة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد الخاضعة لعقوبات أميركية خانقة.

خامنئي: «التطبيع» خطأ كبير

في إشارة إلى «اتفاقات إبراهيم» التي رعتها الولايات المتحدة بين دول عربية وإسرائيل، وصف المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي تطبيع العلاقات مع تل أبيب بأنه «خطأ كبير ضد الوحدة الإسلامية يجب العودة عنه».

وقال خامنئي أمس: «يجب على الحكومات التي ارتكبت في المدة الأخيرة خطأ كبيراً مع الكيان الصهيوني الغاصب والظالم أن تتراجع وتعود عن هذا النهج»، وذلك خلال استقباله المشاركين في المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية التي تنظمه طهران سنوياً تزامنا مع ذكرى المولد النبوي.

من جانب آخر، اتهم خامنئي واشنطن بأنها أنشأت تنظيم «داعش» الذي يقف وراء التفجيرات الأخيرة التي استهدفت الشيعة في أفغانستان، معتبراً أن «من تربى على يد الأميركيين» يحاول «إيجاد الفتن بين المسلمين أينما استطاع».