وسط تزايد التحذيرات الدولية «المنسقة» لإيران بأن الوقت يضيق من أجل إحياء الاتفاق النووي، وأن البديل قد يجلب الحرب، كشف نواب إيرانيون أن بروكسل ستستضيف اجتماعاً مهماً لمناقشة الملف النووي لبلادهم بمشاركة طهران والدول الأعضاء المتبقية في الاتفاق النووي المبرم معها، عام 2015، الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، الخميس المقبل.

وفي وقت أفادت تقارير بفشل وفد أوروبي رفيع في تأمين التزام إيران بالعودة إلى محادثات فيينا النووية، التي شاركت بها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر قبل أن تتوقف في يونيو الماضي، نقل عضو هيئة رئاسة البرلمان علي رضا سليمي عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قوله، أمس، خلال جلسة غير معلنة للبرلمان، إن «سياسة إيران حول المفاوضات النووية هي الخطوة مقابل الخطوة، والعمل مقابل العمل».

Ad

وأضاف عبداللهيان، أن «على الولايات المتحدة اتخاذ خطوة جادة قبل المفاوضات وإظهار حسن النية والصداقة».

وذكر سليمي، لوكالة «فارس» شبه الرسمية، أن عبداللهيان أكد خلال الجلسة، أن طهران تعتزم متابعة المفاوضات حول القضايا الحاصلة منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، وليس الحالات الأخرى. في إشارة إلى تمسك بلاده برفض بحث تسلحها الصاروخي الباليستي المثير للقلق ونفوذها الإقليمي.

فصل وتغير

في موازاة ذلك، أكد النائب أحمد علي رضا بيغي أنه، وفق تصريحات عبداللهيان، خلال جلسة البرلمان فإن «طهران ستفصل الاقتصاد الإيراني عن مسار المفاوضات النووية، ولن نربط الاقتصاد بها».

وحول العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكد عبداللهيان أن الحكومة ستمضي وفق «قانون الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات»، الذي أقره البرلمان خلال ديسمبر الماضي، بهدف الضغط على الغرب من أجل إلغاء العقوبات الأميركية، مقدّماً الشكر للبرلمانيين على إقرار هذا القانون. ورأى الوزير أن القانون «عزّز أوراق المفاوضين، والطرف الآخر فهم ذلك جيداً».

وأبرز موقف عبداللهيان من القانون تغير موقف طهران المفاوض بعد 6 جولات من المباحثات التي خاضتها حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، المحسوبة على التيار المعتدل، التي ظلت تنتقد التشريع واعتبرته عاملاً لتعقيد التوصل إلى تفاهم مع الغرب في فيينا.

لا ضمانات

والخميس الماضي، زار مفوض الاتحاد الأوروبي إلى مفاوضات فيينا أنريكي مورا طهران لحثها على تحديد موعد لاستئناف المباحثات، لكن مصادر إيرانية مطلعة كشفت، أنّ زيارة المفوض لم تحقق هدفها المنشود أوروبياً في التوصل مع إيران إلى ضمانات لوضع موعد محدد لاستئناف مسار فيينا، مضيفة أنّ المسؤول الأوروبي «لم يحمل معه إجابات مقنعة عن تساؤلات وتحفظات الجمهورية الإسلامية» حول الجولات السابقة والسياسة الأميركية والأوروبية خلالها.

وأفادت تقارير أميركية بأن الوفد الأوروبي فشل في تأمين التزام إيران بالعودة إلى فيينا. ونقلت عن مسؤول كبير في «الاتحاد الأوروبي» أن الإيرانيين ليسوا مستعدين بعد للانخراط في المحادثات.

وقال المسؤول، إن الجلوس مع الإيرانيين وتوضيح الاستفسارات المختلفة التي قد يطرحونها ليست فكرة سيئة، في إشارة على ما يبدو إلى اجتماع بروكسل.

وتوقفت مفاوضات فيينا غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بواسطة أطراف الاتفاق النووي، يوم 20 يونيو الماضي، بطلب من طهران، بحجة فترة انتقال السلطة التنفيذية من روحاني إلى الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي.

ويأتي ذلك في وقت رفعت الإدارة الأميركية نبرة تحذيرها من احتمال انهيار فرصة إحياء الاتفاق النووي وتلويحها إلى جانب إسرائيل بالجوء إلى «خيارات غير دبلوماسية» للتعامل مع طهران.

وتشك القوى الغربية في لعب الجمهورية الإسلامية على وتر «كسب الوقت» للإمساك بأوراق تفاوض متعددة، قبل العودة إلى طاولة فيينا، مع تسارع أنشطتها النووية وقيامها بتكديس احتياطي من اليورانيوم المخصب يبلغ 16 ضعف الحد الأقصى المسموح به في الاتفاق المبرم عام 2015.

حرب محتملة

في هذه الأثناء، اعتبرت صحيفة «الغارديان» أن سياسات الرئيس الإيراني المتشددة تجاه العودة للاتفاق النووي قد تفتح الباب أمام هجوم عسكري على بلاده، بهدف منعها من تصنيع قنبلة ذرية.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى «التحذيرات المنسقة»، الأسبوع الماضي، من الولايات المتحدة، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، بأن الوقت يضيق من أجل إحياء الاتفاق النووي، متسائلة ما الذي ستفعله تلك الدول، إذا استمر نظام طهران المتشدد في المراوغة؟

ورأت أن الحكومات الغربية، التي تدفع باتجاه استئناف المفاوضات، تواجه عقبة جوهرية، وهي أنه بالنسبة لرئيسي، لا يعتبر الحصول على تخفيف للعقوبات، من خلال إحياء الاتفاق النووي على رأس أولوياته، وأنه يمكن لإيران أن تعيش مع العقوبات الأميركية وتحيد تأثيرها من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا.

تحذير وهجوم

على صعيد منفصل، حذرت شركة «غوغل» من زيادة في أنشطة الهاكرز المدعومين من إيران، وفق تقرير لها يركز على «الحملات البارزة» لمجموعة مرتبطة بـ«الحرس الثوري».

ويعتبر عملاق محرك البحث هو ثاني شركة تكنولوجية في أقل من أسبوع تصدر تحذيراً بشأن المتسللين الإيرانيين، حيث جاء التقرير بعد أيام من إعلان «مايكروسوفت» أن مجموعة استهدفت تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية والأميركية، وحذرت من أن طهران زادت من اختراقها لإسرائيل أربعة أضعاف في العام الماضي.

في السياق، أكدت وزارة الصحة الإسرائيلية تعرض عدد من المستشفيات الإسرائيلية والمنظومة الصحية لهجات سيبرانية جديدة أمس.

تداعيات اغتيال

على سياق آخر، أشارت تقارير إسرائيلية، أمس، أن الأسير المحرر مدحت صالح، الذي قتل بنيران قناصة إسرائيليين في الجانب السوري من خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان أمس الأول، كان مسؤولاً عن منطقة الجولان من قِبل إيران.

ونقلت التقارير عن محللين أن عملية الاغتيال تزيد مخاطر التصعيد رغم أنها صممت بشكل يسمح بتفادي تحمل المسؤولية ولا يستدرج رد فعل في ظل تخوف جهاز الأمن الإسرائيلي من جهد تبذله طهران للرد على غارتين استهدفت فصائلها في مطار «تي 4» الأسبوع الماضي.