قدمت شركة فايزر- بايونتك نتائج دراستها إلى وكالة الأدوية الأميركية للنظر في مدى فعالية ومأمونية لقاح كوفيد19 لفئة الأطفال من سن 5 إلى 11، وقد أعلنت الشركة مبدئيا أن النتائج مبشرة من الناحيتين، وإلى أن تعلن تفاصيل الدراسة بودنا مشاركتكم بعض المعلومات المهمة التي قد تساعدكم في اتخاذ قرار تطعيم أبنائكم.

هناك أسباب متعددة للانحسار الحالي في حالات كورونا في الكويت أبرزها ارتفاع نسبة المناعة في المجتمع، وبالرغم من ذلك، لم نصل إلى المناعة المجتمعية، حيث إن بلوغها يتطلب نسب تطعيم تفوق التسعين في المئة من جميع السكان، لذلك تشير التنبؤات إلى أننا سنواجه موجة إصابات في نهاية شهر نوفمبر مما قد يضعنا أمام خطر الإغلاق مرة أخرى، وما سيحدد قرب وشدة هذه الموجة هو سرعة الانفتاح ومدى تخلينا عن الاشتراطات الصحية ونسبة تحصين المجتمع.

Ad

بالنسبة إلى تطعيم كورونا فهو فعال وآمن بشكل عام، ولكن ترتبط به أعراض جانبية نادرة كأي دواء، حيث إنه تم رصد حالات نادرة من التهابات عضلة القلب بعد تلقي تطعيمات فايزر- بايونتك وموديرنا، قليل من هذه الحالات استدعت دخول المستشفى، ولكن أغلبها كانت طفيفة وانتهت بالتعافي، ومع ذلك أوصت هيئة رقابة الأدوية الأميركية بالتريث في دراسة الطعوم لفئة الأطفال، لذلك نحن الآن ننتظر نشر تفاصيل هذه الدراسات لنتأكد من سلامة التطعيم وبالأخص بالنسبة إلى هذه الالتهابات.

من نعم الله علينا في هذه الجائحة أن مرض كورونا غالبا أعراضه بسيطة أو معدومة عند الأطفال، وهو أمر يدعو إلى الاطمئنان، ولكن هذا المرض ليس آمنا لجميع الأطفال فهو يرتبط بأعراض حادة أو مزمنة وأخرى منسية بين بعض الأطفال، ناهيك عن ثبوت وفيات بينهم، والجدير بالذكر أن خطورة التهابات عضلة القلب بعد إصابة من يقل عمره عن 16 سنة تزداد أكثر 30 مرة مقارنة بغير المصاب، بل ترتبط بها متلازمة نادرة ولكن شديدة وتؤدي إلى التهابات متعددة مما يستدعي الدخول للعناية المركزة. أيضا هناك نسبة ليست بسيطة ممن ما زالوا يعانون أعراضاً بعد إصابتهم بالمرض مثل الإرهاق والسعال وضيق التنفس وفقدان حاسة الشم، وهو ما يسمى متلازمة ما بعد كورونا، واستمرار هذه الأعراض يؤثر في قدرة الطفل على ممارسة حياته بشكل طبيعي ناهيك عن التبعات المستقبلية.

وكذلك هناك جائحة أخرى تفاقمت منذ مارس 2020 ولم تعط الأهمية والموارد نفسها، ألا وهي جائحة الأمراض النفسية، وما صاحبها من فقد تعليمي كبير، فقد عانى الأطفال بشكل كبير من الانقطاع عن الأهل والأصدقاء، وتوقف التعليم، والعزلة الاجتماعية، وقلة الحركة، مما زاد حالات الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل، لذلك هذا الجيل بحاجة ماسة إلى تحييد آثار الوباء بأسرع وقت ممكن.

بشكل عام نسبة الوفاة من الإصابة بكوفيد19 ضئيلة جداً عند فئة أقل من 18 سنة، مقارنة بالفئات الأكبر سناً، ولكن نحن ندرك أن فئة الأطفال تعد من أكثر الفئات التي تمت حمايتها من الوباء عن طريق تقليل اختلاطها الواسع مع فئات المجتمع، لذلك الاختبار الحقيقي لهذه النسبة الضئيلة هو بعد عودة الدراسة الحضورية وترك الاحترازات الوقائية، وهنا ستتضح النتائج على شكل أعداد حقيقية لطلبة تستدعي حالتهم الدخول للمستشفى وهو ما يحصل حاليا حول العالم، حيث وجدت إحدى الدراسات أن بين كل ألف طفل مصاب في الولايات المتحدة 1 إلى 19 تعرضوا لأعراض شديدة استدعت دخول المستشفى، ناهيك عن تسجيل 20 إلى 30 حالة وفاة بين كل مئة ألف طفل مصاب. صحيح أن هذه الأعداد قليلة وأغلبها بين الأطفال الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة كالسمنة ولكن ربع الوفيات كانت بين أطفال أصحاء.

انتشرت آراء تستهين بأعداد الوفيات بين الأطفال من خلال اختزال مجمل هذه الوفيات بفئة الأطفال أصحاب الأمراض المزمنة كوسيلة لطمأنة الأهالي، لا نرى أن هذه حجة سليمة ضد سبل الوقاية والتطعيم، وفاة أي طفل أمر يدعو لأخذ المرض بجدية، ومحاولات تهوين وفيات الأطفال أصحاب الأمراض المزمنة تمثل سقطة أخلاقية، حيث إن قيمة حياتهم لا تختلف عن قيمة حياة الطفل السليم، بل إن هؤلاء الأطفال فرصهم أقل في اكتساب مناعة من التطعيم ويعتمدون بشكل كبير على مناعة المجتمع، لذلك ندعو العقلاء لوقف الاستهانة بقيمة أرواح الأطفال، كما أن الأطفال لا يختلفون عن الكبار في نشر المرض لذلك هم ليسوا بعزلة وبائية عن المجتمع، ومن المعيب المراهنة على صحتهم ضد مرض مستجد دون أدنى مسؤولية أو حتى يقين.

قطعنا شوطاً كبيراً وتجاوزنا موجات وبائية متعددة ونحن متفائلون بانتهاء آثار الجائحة بشكلها الحالي في عام 2022 بفضل الوصول إلى نسبة مناعة مجتمعية عالية، لكن بودنا أن نصل الى نهاية سعيدة وآمنة من غير موجات جديدة ومن غير إغلاقات أخرى، فالأطفال هم من أوائل ضحايا الجائحة. كما أن وفاة أي طفل هي وفاة يمكن تفاديها بالسياسات السليمة، وتطعيم الأطفال قد يحدث الفارق الذي نحتاجه للسيطرة على كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها لجميع الفئات العمرية، وإذا ثبت أن التطعيم آمن لهذه الفئة فمن واجبنا كأولياء أمور ومجتمع المبادرة في التطعيم لحماية أطفالنا ومستقبلهم وضمان حياة دون قلق دائم أو عدم يقين أو إغلاقات.

د. فاطمة خدادة ود. عبدالله الشمري

د. فاطمة خدادة ود. عبدالله الشمري