عاملة منزل إفريقية مسكينة تعمل في الكويت اطلعت على قضيتها قبل أيام، حيث استطاع أحد "الهاكرز" أن يسحب من حسابها خمسة سحوبات بنحو مئة دينار في المرة الواحدة، وفي كل مرة كان يستخدم رقماً هاتفياً مختلفاً ومزوراً يعود إلى أشخاص كويتيين.

وفي الأسبوع الماضي تم نشر تصريح ملفق يحمل اسمي وصورتي نُسب إلى إحدى الجهات الإخبارية الإلكترونية، فاتصلت بصاحب هذه الجهة، فقال إنهم لم ينشروا أي تصريح لي، وإن ما نشر هو تزوير أو (فوتوشوب) أو (هاكر)، وللأسف تم تداول هذا التزوير والتعليق عليه بنطاق واسع، ولم تكن هذه المرة الأولى، فقد تكرر نشر التصريحات الملفقة التي تنسب زوراً لي، لذلك قمت بالشكوى لدى المباحث الإلكترونية لأن نصوص قانون الجرائم الإلكترونية تنطبق على هذا الفعل الإجرامي، كما تنطبق على من نصب على عاملة المنزل المسكينة، وقبل أسبوعين تعرض السيد مطلق الزايد الرئيس التنفيذي لشركة المطاحن وهو المخلص صاحب الإنجازات الملموسة لأكاذيب واتهامات نشرها أحد المغرضين في الوسائل الإلكترونية.

Ad

هذه الأمثلة هي نماذج من مئات أو آلاف الاعتداءات والجرائم الإلكترونية التي يقع ضحيتها الأبرياء والمخلصون وحسنو النية، ومن المؤسف حقاً أن نقرأ لبعض السياسيين والمدونين اقتراحات ومطالبات بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية بحجج واهية؛ مما سيؤدي إذا تم ذلك، لا سمح الله، إلى هدر حقوق الناس وكرامتهم وتسهيل النصب عليهم وكشف أسرارهم ونسبة أقوال أو أفعال مسيئة إليهم.

لقد حدد قانون الجرائم الإلكترونية الجرائم التي ترتكب بالأدوات الإلكترونية، وذلك بناء على الدستور الذي نص على ألا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون (م32)، فقام بوصف مختلف الجرائم التي تتم باستخدام الأجهزة الإلكترونية المختلفة بدقة وهي:

● الدخول غير المشروع إلى المواقع والحسابات الإلكترونية الخاصة أو الحكومية.

● تزوير مسند أو سجل أو توقيع إلكتروني.

● القيام بالتهديد أو بالابتزاز بواسطة الوسائل الإلكترونية.

● الإعاقة أو التعطيل عمداً للمواقع أو الحسابات الإلكترونية للآخرين.

● التحريض على ارتكاب الدعارة أو الفاحشة.

● الحصول بوسائل إلكترونية على المعلومات السرية للبطاقات الإلكترونية.

● الاستيلاء بالطرق الإلكترونية على أموال الغير.

● استخدام الوسائل الإلكترونية للتجارة بالبشر أو للإرهاب أو لترويج المخدرات أو غسل الأموال.

● كما نص القانون على تضمين جرائم قانون المطبوعات فيه إذا تمت بالوسائل الإلكترونية الموصوفة في ذلك القانون مثل خدش الآداب العامة أو التعرض لكرامات المواطنين وخصوصياتهم، علماً أن هذه الجرائم عقوبتها هي الغرامة فقط.

● أما عقوبة الدعوة لقلب نظام الحكم بالقوة أو الإساءة لأمير البلاد فالعقوبة هي ذاتها الموجودة في قانون الجزاء حسب الأحوال. ولا شك أن لهذا القانون ما يبرره، فكما هو مشاهد ومعروف يستطيع بعض النصابين (الهاكرز) استغلال هذه الوسيلة بطرق إلكترونية خبيثة للدخول إلى حسابات ومواقع ورسائل وبيانات الناس وأسرارهم ومستنداتهم الشخصية وابتزازهم أو تزويرها، والأخطر إذا كانت حسابات حكومية رسمية أو بنكية أو وظيفية، وكل هذا مذكور وموصوف ومجرم في القانون.

فالقانون هو لحماية الناس وأموالهم وأعراضهم وليس فيه رقابة مسبقة، وليس فيه مصادرة للحريات أو ما يخالف الدستور، وإنما هو تشريع جديد للتعامل مع أداة إلكترونية جديدة لم تكن موجودة في السابق، وجُرم إساءة استخدامها التجريم هو نفسه على الأفعال المجرمة في القوانين السابقة، ولم يضع في القانون أكثر من العقوبات السابقة المناسبة لهذه الجرائم.

وليس في هذا القانون ما يضير من يستخدم هذه الأدوات الإلكترونية بنزاهة وأمانة، لأن من المعروف أن القوانين الجزائية إنما وضعت لحماية المجتمع من الجرائم والمجرمين، فقانون المخدرات وضع من أجل جرائم المخدرات وقانون الخطف للحماية من الخاطفين ومعاقبتهم وهكذا، فالقول إن هذا القانون يحد من حرية الناس والمدونين هو قول باطل، وإذا كان في القانون مادة أو فقرة قد يساء استخدامها فيمكن الإشارة إليها ومناقشتها، أما إلغاء القانون بأكمله كما يطالبون فهو خطر وخطأ جسيم.

أحمد يعقوب باقر