في تاريخنا العربي والإسلامي أسماء لخونة مجرمين لا يمكن أن تنسى، وكيف تنسى وقد أثّروا في مجرى تاريخنا، وبطريقة مأساوية كارثية، لا تزال، حتى يومنا هذا تعانيها أمتنا، وقد كتبنا سابقا عن "أبورغال" الذي اعتبر تاريخيا أشهر خائن عربي، أما الخائن الآخر فهو ابن العلقمي الذي غير بخيانته تاريخ الأمة العربية حتى يومنا هذا.

إنه مؤيد الدين الأسدي البغدادي، المعروف بابن العلقمي، كان وزيراً للخليفة العباسي المستعصم، فهو من رتب مع هولاكو قتل الخليفة واحتلال بغداد، آملا أن يعيّنه الغزاة على إمارة بغداد، إلا أن هولاكو ولخيانته لبني قومه لم يعد يثق به، فمن يخن أهله فلن يتوانى عن خيانة غيره.

Ad

وبترتيب من ابن العلقمي أحاط هولاكو ببغداد، ثم خدع الخليفة بأن هولاكو يرغب في تزويج ابنته لابنه أبي بكر على أن يبقيه على كرسي الخلافة، وأن يصرف عنه جيوشه الغازية، وبموافقته ستحقن دماء المسلمين. وثق الخليفة بما قاله ابن العلقمي، فخرج ومعه طوائف من الأعيان لملاقاة هولاكو، فأنزل الخليفة في خيمة، ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء وأصحاب الرأي فخرجوا من بغداد فضربت أعناقهم، حتى أتى على معظمهم، ثم طلب أولاد الخليفة فضربت أعناقهم، وأما الخليفة فقيل إنه قتل رفسا داخل بساط بناء على نصيحة نصير الدين الطوسي، حتى لا يراق دمه، فتحل اللعنة عليهم، لأنه من سلالة عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

قام هولاكو بتدمير بغداد، وإتلاف كتبها ومخطوطاتها، ويقال إنه أعمل السيف في أهلها لبضعة وثلاثين يوما، قتل خلالها ثمانمئة ألف نفس أو أكثر، وجرت سيول من الدماء، أما الخائن ابن العلقمي فكان مصيره الإهانة ثم القتل على يد من باع أمته له.

لا يزال اسم ابن العلقمي يتداول كرمز للخيانة، ويا لها من خيانة، فقد دمرت خلافة عربية إسلامية، ومحت صفحة من صفحات أمة العرب، وفتحت أبواب الغزو لما بعد بغداد، فما أكثر أبناء العلاقمة بيننا، فهم من دمروا ديارهم، وسلموا مقاليد أوطانهم للغزاة من أجل منصب زائل، ومال حرام.

طلال عبد الكريم العرب