هاجم أكثر من 600 شخص، منهم ناشطون بارزون ومحامون ومفكرون، «تكتيكات الترهيب» التي تستعملها حكومة ناريندرا مودي لإسكات كل من ينتقد سياساتها وتحركاتها، وأصدرت هذه المجموعة بياناً في الأسبوع الماضي لدعم الناشط في مجال حقوق الإنسان، هارش ماندر، بعد ساعات على مداهمة منزله ومكتبه، وحتى منازل الأطفال التي يديرها في نيودلهي، من جانب مسؤولين في مديرية التنفيذ الحكومية التي تُعنى بمكافحة الجرائم المالية.

كان ماندر من أشرس منتقدي حكومة مودي، فسلّط الضوء على مشاكل العمال المهاجرين كونهم تحمّلوا أعباء الإقفال التام الذي فرضه مودي لاحتواء تفشي فيروس كورونا.

Ad

حاولت حكومة مودي على مر عهدها القائم منذ سبع سنوات أن تؤكد على اكتفاء البلد ذاتياً وتنوّعه وسعت إلى زيادة ازدهاره، وحاول البعض دحض هذه الادعاءات وفضح الأكاذيب المنتشرة، منهم ناشطون، وإعلاميون، وصحافيون، وممثلون، وطلاب، لكنهم واجهوا في المقابل قبضة الحكومة الحديدية وتُهَماً جنائية واعتقالات لمدة غير محدودة وأشكال أخرى من الترهيب.

لا يهدف هذا الشكل من الترهيب إلى إسكات النقاد فحسب بل توجيه تحذير جدّي إلى الآخرين كي يدركوا ما ينتظرهم إذا لم يؤيدوا كل ما تفعله الحكومة،

إذ تسعى الحكومة التي يقودها «حزب بهاراتيا جاناتا» منذ فترة إلى تطبيق استراتيجية مزدوجة لتقسيم المجتمع دينياً ونشر الكراهية بين المناطق من جهة، وإنشاء بيئة يشوبها الخوف من جهة أخرى، وتؤجج هذه الحكومة المخاوف وسط الأقليات الدينية في الهند وحتى النقاد الذين يرفعون الصوت ضد أجندتها التقسيمية.

لجأت هذه الحكومة أيضاً إلى المقاربة الجينغوية التي تشير إلى شكل عدائي من السياسة الخارجية، واستعملتها كأداة مفيدة لتصوير منتقديها كأشخاص غير وطنيين وتطبيق «قانون منع الأنشطة غير المشروعة» عليهم، فاستُعمِل هذا القانون مثلاً لتوجيه التُهَم إلى الطالب عمر خالد بعدما شكك في قوانين المواطنة المثيرة للجدل وناشطين آخرين رفضوا إساءة استعمال حقوق القبائل. لقد مرّت سنة كاملة منذ أن اتُّهِم خالد بنشر الفتنة، ورغم عدم إثبات أي تهمة حتى اليوم، لا يزال يقبع في سجن «تيهار» في نيودلهي وينتظر الجلسة التي ستُحدد طريقة محاكمته.

مرّت سنة أيضاً منذ أن أقرّت حكومة مودي قوانين المَزارع المثيرة للجدل في البرلمان، حيث تلغي هذه القوانين الحد الأدنى من الدعم المالي الذي كانت تقدّمه الحكومة للمحاصيل، ونتيجةً لذلك، سيصبح المزارعون أكثر عرضة للاستغلال من جانب الشركات الكبرى. استعملت حكومة مودي القوة لإسكات معارضي قوانين المزارع، لكن رغم محاولاتها المتكررة لقمع الاحتجاجات، يُخيّم آلاف المزارعين على طول حدود نيودلهي منذ سنة تقريباً ويطالبون بإلغاء تلك القوانين بالكامل، حتى الآن مات 700 مزارع خلال الاحتجاجات، ويتعلق جزء من هذه الحوادث بممارسات الشرطة.

لم يتردد مودي في استعمال آليات الدولة لإسكات النقاد وإخماد الأصوات المعارِضة، وامتنعت حكومته عن التحرك ضد شخصيات مثل السياسي كابيل ميشرا من «حزب بهاراتيا جاناتا» مع أنه حرّض على الكراهية والعنف وتسبّب في أعمال شغب في شمال شرق دلهي في عام 2020، لكنها اعتبرت في المقابل جميع النساء المشارِكات في احتجاجات «شاهين باغ» السلمية في العاصمة «معادِيات للقومية».

رغم إصرار مودي على بث صورة إيجابية عن الهند، لاحظ المجتمع الدولي تراجع الحقوق الديموقراطية وهامش الحرية في البلد وأبدى قلقه من الوضع، وخلال زيارة مودي الأخيرة إلى الولايات المتحدة، دعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس رئيس الوزراء الهندي إلى الدفاع عن الديموقراطية و»حماية الديموقراطيات وتقويتها»، فقالت: «يجب أن نقوي المبادئ والمؤسسات الديموقراطية في بلدَينا».

لكن طالما تملك حكومة «حزب بهاراتيا جاناتا» الأغلبية في البرلمان والمجالس التشريعية في الولايات وتتابع الفوز في الاستحقاقات الانتخابية، فمن المستبعد أن تطلق المسار الذي يحتاج إليه البلد لإصلاح الوضع.

* كافيتا شودهوري

The Diplomat