نكمل الحديث عن عملية الاعتداء الدامية التي وقعت على سفينة النوخذة علي بن حمد الفضالة عام 1907، حيث ذكرنا في المقال الماضي أنها اختفت وهي في طريقها من البصرة إلى الكويت محمّلة بكمية كبيرة من التمر وركّاب من أهل الكويت عددهم 29 شخصاً.

وقد وصلت إخبارية إلى الشيخ مبارك الصباح أن السفينة عُثر عليها راسية عند جزيرة العماير وخالية من الركاب ومن بضاعتها، وشوهدت فيها دماء كثيرة، مما يشير إلى أنها تعرّضت لهجوم من قراصنة في البحر.

Ad

وقد جاءت هذه الإخبارية من شخص اسمه النوخذة عبدالله من أهالي جزيرة أخرى اسمها "خاري" أو "خارج".

يقول الشيخ مبارك "نوخذا عبدالله من أهالي خاري افادنا ان من كلام اهل الدير له بالبحرين ان البوم المذكور جوه أولاد حميدي في بوية المدقة طارح واقتلوا اهله جميعهم واخذوا كلما عندهم وحمل البوم وتركو البوم حتا (حتى) لاث (أي دفعته المياه) على جزيرة العماير".

وقد أوضح الشيخ مبارك للوكيل السياسي البريطاني أن أولاد حميدي هم عصابة يسكنون في جزيرة الدير، وأن حاكم الجزيرة يحميهم مقابل مصالح مشتركة بينهم، وطلب من المسؤول البريطاني أن يفيد حكومته بهذه التفاصيل. تقول رسالة الشيخ مبارك "واولاد حميدي المذكورين هم الآن ساكنين بالدير ومسوين لحاكم الدير مصلحة وحجي عبدالله الخارجي نحنا ارسلناه الى حظرتكم وافادكم شفاها نرجوكم تعرفون حضرة الباليوز من هذا الخصوص".

وأضاف أن "اولاد حميدي المذكورين هم بلشتية (أي أصحاب مشاكل) معلومين ومطرودين من عند شيخ خزعل وحكومة البصرة"، وطلب من الوكيل السياسي أن تتدخل حكومته لإلزام حاكم الدير بتسليم المجرمين.

ولم يكتفِ الشيخ مبارك بذلك، بل طلب أيضاً موافقة الحكومة البريطانية على أن يجهز هو سفينة مزودة بالرجال والسلاح لمراقبة طرق الملاحة بين الكويت والمناطق المجاورة لها.

تقول رسالة الشيخ مبارك "فاذا الدولة البهية تلزم على حاكم الدير يمسكهم ويسلمهم الى الدولة البهية ونحنا (نحن) أيضا يصير على رعيتنا مظرة (مضرة أي ضرر) في هكذا أحوال قتل ونهب أيضا اذا الدولة البهية ترخصنا نخلي سفينة وفيها قوة كافية يحافظون على سفايننا اللي يسافرون الى البصرة وبنادر فارس فاذا رأو البلشتية المذكورين يظربوهم نحنا بدون امر الدولة البهية ما نسوي شي ورعيتنا في ذمة الدولة البهية وهكذا صاير عليهم اظرار (اضرار) ونجزم ان مرحمة الدولة البهية ما تقبل لانه رعيتنا في ذمة الدولة البهية ودمتم سالمين آنسين 22 ر 2 (ربيع الثاني) 1325".

وقد يتساءل البعض: لماذا يطلب حاكم الكويت من الإنكليز كل هذه المطالب وكأنه مسلوب الإرادة؟ والجواب على ذلك أن الشيخ مبارك ارتبط مع الإنكليز باتفاقية حماية منذ عام 1899، وبموجبها تتحمّل بريطانيا مسؤولية الشؤون الخارجية بالتنسيق مع الشيخ مبارك.

في المقال القادم نعرض لكم وثيقة أخرى باللغة الإنكليزية تتناول بعض التفاصيل المرتبطة بهذه الحادثة التاريخية.

باسم اللوغاني