خلط الأوراق والضرب تحت الحزام وتبادل الاتهامات وقصف الجبهات هي مساعي البعض لتبييض الصورة وتوضيحها في خضم تلاطم الأمواج التي تعصف بنا ما بين شد وجذب وسكون وإثارة وغيرها من الوسائل التي لا تنتهي في ظل الصراع المستمر حول قضايا فاحت روائحها المزعجة، بعد أن اتضحت صورة مدعي البطولات والأوهام إثر تراجع بعضهم واختفاء آخرين من المشهد وكأنهم تطايروا مع أوراق الخريف التي تستقر عادة في مقر معروف.

ورغم التفاؤل الكبير بشأن بعض القضايا فإن العديد من مطالبات المواطنين لا تزال في خبر كان إثر تراكم الأحلام والأوهام التي يتم صنعها في مطبخ السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكنها مجرد سراب سرعان ما يتلاشى كلما اقتربت منه، فجيب المواطن لم يعد يحتمل الغلاء الفاحش وغيره من الالتزامات التي تطرأ فجأة دون أي حسبان، في حين الحكومة تتجه أنظارها الى سياسة الحرمان بعد أن تدهورت ميزانيتها كما تدعي في ظل غياب الدور التشريعي لمناقشة الحالة المالية للدولة بعد أن تحولت الجلسة إلى صراع على الكراسي "ومن سبق لبق"، وكأننا في لعبة لطفل لا يمل منها

Ad

ولا يزال يعتقد أنها ترسم الابتسامة على شفتيه وتدخل لقلبه السعادة.

كلنا نحتاج إلى متنفس وإعادة عمليات الإنعاش لقلوبنا التي سئمت استمرار التراجع الكبير في العديد من قضايانا حتى أنها أصبحت صفة تلازمنا، بل صرنا نستغرب السكون، فهناك من يرغب في تحليقنا والتغريد خارج السرب، والخروج من حالة الاستقرار الى عدمه حتى تستمر عمليات التمدد للاستحواذ على المنافع وغيرها، والآمال معقودة على عمليات الإصلاح في بعض المرافق التي واجهت الفساد بضربات استباقية وقرارات من شأنها معالجة مخلفات الماضي والحد من استمرار النزيف والهدر والإسراف والبذخ من أموال الدولة بغير وجه حق، لأن هناك من لم يكن على قدر المسؤولية في حماية ما اؤتمن عليه.

إن التهديدات الحكومية للقياديين في مختلف الأجهزة الحكومية بالمحاسبة يجب أن تطبق على أرض الواقع ليصبحوا عبرة لغيرهم بعيداً عن قاعدة من أمن العقوبة أساء الأدب، لأننا مقبلون على متغيرات اقتصادية تحتاج منا الجميع التكاتف للخروج من عنق الزجاجة في ظل التراجع الكبير في ميزانيتنا العاجزة دائما لأسباب معلومة ومجهولة خصوصا مع غياب المواجهة والمصارحة والمحاسبة.

والسؤال هل ستطوى الصفحات الحزينة ونحلق إلى أيام أجمل؟

د. مبارك العبدالهادي