في أول زيارة رسمية من نوعها منذ 11 عاماً، استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد نفتالي بينيت في منتجع شرم الشيخ بسيناء أمس، في لقاء تناول 3 ملفات؛ سبل تأمين شروط إعادة إطلاق عملية السلام، وتمتين التهدئة في قطاع غزة، بما في ذلك ملف تبادل الأسرى، إضافة الى الترتيبات الإقليمية؛ سواء فيما يخص لبنان وسورية و"التطبيع" والصراعات على الغاز والموانئ.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة، بسام راضي، أن لقاء القمة الذي عقد في شرم الشيخ، تناول التباحث حول عدد من الموضوعات الثنائية بين الجانبين في مختلف المجالات، وكذلك سبل وجهود إعادة إحياء عملية السلام، فضلا عن مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.

Ad

وتزامنت زيارة بينيت التي وصفت بـ "التاريخية"، وتعدّ الأرفع بعد استقبال الرئيس المصري السابق حسني مبارك، في 2010، نظيره الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز، مع قرار حكومته إلغاء تقييد سفر مواطنيه إلى سيناء، اعتبارا من السبت المقبل، عقب إلغاء قرار تقليص عدد المسموح لهم بدخول شبه الجزيرة المصرية إلى 300 فقط يوميا، كإجراء احترازي مع تفشي فيروس كورونا المستجد. وقالت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخائيلي، في تصريح أمس: "تمكّنا من إيجاد طريقة للسماح بمرور غير محدد، وكذلك الحفاظ على إرشادات كورونا".

جهود مصرية

وأفادت أوساط مطلعة، أمس، بأنّ اجتماع السيسي وبينيت مهّد لتحرّكات مصرية عاجلة على صعيد ملف إعادة إعمار غزة، والشروع في مفاوضات جادة لتبادل الأسرى بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي، الذي يسعى لتفادي الدخول في موجة تصعيد جديدة في ظل استمرار عمليات التمشيط التي يقوم بها بحثا عن أسيرين فرّا بصحبة 4 آخرين، تم إعادة اعتقالهم أخيراً، من سجن جلبوع شديد الحراسة.

وبينما قالت حركة حماس إنها ستدرج أسماء الأسرى الستة في لائحة تبادل الأسرى، كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن منسق ملف الأسرى الإسرائيلي رافق بينيت في الزيارة.

وتسعى القاهرة لتحقيق اختراق في الملف الفلسطيني المتعثر على أكثر من مستوى، إذ عقد الرئيس السيسي قمة ثلاثية مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في القاهرة 2 الجاري، لتوحيد الرؤى والمواقف حول سبل إعادة إحياء عملية السلام وتثبيت التهدئة في قطاع غزة، وكذلك إعادة إعمار القطاع، وإنهاء الانقسام الفلسطيني.

وسبق أن قام رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، بجولة في مايو الماضي، شملت إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك في أعقاب النجاح المصري بإقرار هدنة وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل المسلحة بقطاع غزة، ثم كرر عباس جولته الشهر الماضي، لتحويل وقف إطلاق النار إلى تهدئة شاملة وطويلة الأمد، فضلا عن محاولة حلحلة الموقف في ملف المصالحة الفلسطينية/ الفلسطينية الذي يتجلى في تعثّر عقد الانتخابات الشاملة.

خطة وتحفّظ

واستبقت الحكومة الإسرائيلية اجتماعات شرم الشيخ، بالإعلان عن خطة جديدة لإعادة التسوية مع قطاع غزة وإعماره، والتي قدّمها وزير الخارجية يائير لابيد، خلال كلمة له في مؤتمر بجامعة هرتسليا مساء أمس الأول، إذ اعترف بأن سياسة إسرائيل منذ انسحابها من قطاع غزة عام 2005، والتي تضمنت قيودا على الحركة والتجارة لم تكن فعالة في منع هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والجماعات المسلحة في غزة.

وكشف لابيد عمّا سماه خطة "الاقتصاد مقابل الأمن"، والتي من شأنها أن تخلق الاستقرار على جانبي الحدود، معتبرا أنها خطة ضرورية لمشاركة إسرائيل في إعادة إعمار غزة، لافتا إلى أن المرحلة الأولى من الخطة تتضمن إصلاح شبكات الكهرباء والصحة والنقل في غزة، على أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الكاملة على إمدادات المياه والكهرباء لغزة، في مقابل استئناف السلطة الفلسطينية سيطرتها على معابر غزة الحدودية.

وتشمل المرحلة الثانية، التي تأتي بعد فترة من التهدئة غير المحددة، مشاريع البنية التحتية الكبرى، بما في ذلك فتح ميناء بحري للقطاع، وربطه بالضفة الغربية، وتشجيع الاستثمار الدولي في قطاع غزة، على أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على غزة، وشدد لابيد على أن خطته ليست خطة رسمية تتبناها الحكومة الإسرائيلية بعد، لكنّه أكد أن رئيس الحكومة بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس يدعمانها.

وأوضح أنه يعتزم عرض خطته على المجلس الوزاري المصغر لدراسته، وأشار إلى أنه ناقشها بالفعل مع قادة مصر ودول الخليج، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وأضاف: "يجب على المجتمع الدولي وسكان غزة أن يعلموا أن إرهاب حماس يمنعهم من أن يعيشوا حياة طبيعية"، مستبعدا إجراء مفاوضات مباشرة مع الحركة، "لكن طالما تحافظ قيادة حماس في غزة على الهدوء، فإنّ الواقع هناك سيتغير".

وتفاعل الجانب الفلسطيني مع الخطة الإسرائيلية سريعاً، إذ قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في كلمته خلال اجتماع حكومته الأسبوعي أمس، إن "مشكلة غزة هي مشكلة سياسية، وهي المشكلة ذاتها التي تواجه جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس"، وأشار إلى أن "المطلوب مسار سياسي جدّي وحقيقي، يستند إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي، وينهي الاحتلال ويرفع الحصار عن قطاع غزة، ويوقف العدوان عن جميع الأراضي الفلسطينية، وبهذا تصبح عملية إعادة الإعمار ممكنة ودائمة".

● القاهرة ــ حسن حافظ