أمام الأزمة المالية التي تعانيها الكويت، لم تجد الحكومة سوى التوجه لزيادة الرسوم والضرائب على المواطنين بقرارات وزارية بعيداً عن مجلس الأمة، وهو ما يشكّل قفزاً على القانون رقم ٧٥ لعام ١٩٩٥، الذي نص على أنه لا يجوز زيادة الرسوم على الخدمات التي تقدمها الدولة أو فرض ضرائب إلا بقانون.

وقد استندت الحكومة بتوجهها لزيادة الرسوم إلى «لجنة إعادة دراسة مختلف أنواع الدعوم»، التي تقدّمها الدولة في وزارة المالية، لتتحول مقترحات وقرارات هذه اللجنة إلى مادة لتندّر المواطنين، مثل تخفيض كمية الأرز في البطاقة التموينية ١.٢٥ كيلوغرام، والسكّر كيلوغرام، ورفع أسعار البنزين من جديد، ومراجعة الأسعار كل 3 أشهر، وفرض رسوم بيئة على السيارات، وغيرها من القرارات المخجلة التي تمخّضت عن هذه اللجنة المرفوضة شعبياً ونيابياً. إضافة إلى محاولات الحكومة رفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية التي تقدمها الشركات الحكومية، كرفع أسعار اللحوم في شركة المواشي وغيرها من المواد في شركات أخرى.

Ad

وإذا كانت الحكومة بحاجة فعلاً لخفض الإنفاق وخفض العجز في الميزانية العامة للدولة، فلا يمكن أن يشكّل تحميل المواطن البسيط مزيداً من الأعباء حلاً حقيقياً لهذه المشكلة، والأولى بها أن تلتفت للإصلاحات الحقيقية، وأن تبدأ بوقف الفساد المستشري والذي يهدر مقدرات الأمة، وأن تستعيد - بجدية - الأموال المنهوبة، وتفكر بمشاريع اقتصادية عملاقة، وتطور القطاع النفطي، وتنوّع مصادر الدخل من خلال توطين صناعات نفطية متقدمة كخطوة باتجاه تحويل الكويت إلى عاصمة النفط في العالم؛ هذه هي الخطوات الاقتصادية الكفيلة بمواجهة العجز المالي، وليس محاصرة المواطن في سبل معيشته وتحميله فاتورة الفشل الحكومي المتراكم.

وإذا كان لا بدّ من الضرائب، فالأولى أن تبدأ الحكومة بفرض ضرائب على أرباح الشركات وفرض ضرائب تصاعدية على التجار، كما يحصل في غالبية دول العالم.

فآن الأوان لمن استفاد من الكويت لمدة 60 عاماً أن يدفع ضرائب على أرباحه، وبعدها يمكن التفكير في رفع رسوم على الخدمات، أو فرض ضرائب معقولة على المواطن، بعد أن يلمس هذا المواطن تطور الخدمات العامة وانتهاء الفساد، وجدية الحكومة في محاربته وتجفيف منابعه.

لقد فات الحكومة أن المواطن يتحمل الآن أعباء إضافية نتيجة سوء الخدمات المقدمة، وهو بذلك أشبه بمن يدفع ضرائب كبيرة مقابل الخدمات التي يحتاجها، لكن بصورة غير مباشرة، فالمواطن الذي اتجه إلى التعليم الخاص نتيجة تردي التعليم الحكومي، والذي اتجه إلى المستشفيات الخاصة بسبب سوء الخدمات الصحية المقدّمة، يتحمل أعباء كبيرة ما كان عليه تحمّلها لو كانت الخدمات الحكومية جيدة.

نعم هناك أزمة مالية، لكن حلّها يتم أولاً بإنهاء الفساد المسؤول عن هدر الكثير من المال العام، وثانياً بتطوير البنى الاقتصادية، وإقامة مشاريع عملاقة مُنتجة، وثالثاً بفرض ضرائب على أرباح الشركات وضرائب تصاعدية على التجار ورجال الأعمال، وليس بتحميلها للمواطن البسيط ومحاصرة معاشه وقوته اليومي.

***

"Catalyst" مادة حفازة:

حماية المواطن + غلاء وفساد = مسؤولية نيابية

د. حمد محمد المطر