على طريقة الأفلام الهوليوودية، تمكن 6 أسرى فلسطينيين مصنفين خطيرين أمنياً، أمس، من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد التحصين في منطقة بيسان شمال إسرائيل، بالتزامن مع احتفال اليهود ببداية رأس السنة العبرية.

وبملعقة صدئة اعتادوا أن يخفوها خلف ملصق، تمكن السجناء الذين كانوا يقبعون تحت حراسة أمنية مشددة بزنزانة واحدة بتهم تتعلق بـ"ارتكاب هجمات إرهابية ضد إسرائيليين"، من حفر نفق إلى خارج أسوار السجن.

Ad

وبحسب تقديرات الشرطة الإسرائيلية، فقد استمر حفر النفق شهراً، لكن تقارير أخرى شككت بذلك معتبرة أن النجاح بهكذا مهمة قد يحتاج عدة أشهر، في حين ذهب بعض الخبراء إلى الحديث عن تواطؤ محتمل لبعض الحراس أو العاملين في السجن.

وقالت صحيفة «هآرتس»، إن طول النفق الذي حفروه يصل إلى عشرات الأمتار، وتم اكتشاف فتحة النفق على بُعد أمتار قليلة خارج أسوار السجن.

واعترفت الشرطة الإسرائيلية بأول الإخفاقات حين تم وضع 6 أسرى من جنين في غرفة مشتركة، وذلك خلافا للإجراءات المعمول بها، حسب ما أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي أكدت أنه كان يحظر وضع الأسرى معا في زنزانة واحدة.

وأظهرت المعلومات الأولية بشأن كواليس عملية الهروب والتفاصيل التي سمح بالكشف عنها، أن الأسرى الستة تمكنوا من الهرب عبر خط المجاري الموجود بجوار زنزانتهم، وأنهم هربوا بواسطة فتحة اكتشفت أسفل المرحاض، وخرجوا منها باتجاه المنطقة الجنوبية من سجن «جلبوع»، وهي المنطقة المؤدية إلى السهول والأحراش.

وفسر قائد مصلحة السجون في المنطقة الشمالية أريك يعقوب سرعة تمكن الأسرى الفلسطينيين من الفرار بأنهم حفروا تحت المرحاض الموجود في زنزانتهم للوصول إلى المجاري ثم إلى سراديب التي تكونت نتيجة إنشاء السجن ونجحوا بمواصلة الحفر تحت أسوار السجن وصولاً إلى الخارج.

وأطلقت قوات الأمن والجيش والقوات الخاصة الإسرائيلية عملية أمنية واسعة وأعلنت الاستنفار العام في صفوفها بحثاً عن الأسرى الفارين، وباشرت تفتيشاً واسعاً في المنطقة المكتظة بالقرى والبلدات والقريبة من الحدود مع شمالي الضفة والأردن.

كما نصبت حواجز على الطرق في الضفة الغربية، كما استخدمت قوات الأمن وحدات خاصة في البحث مثل الكلاب وطلعات لأسراب من الطائرات من دن طيار (درون).

وتم اكتشاف هروب الأسرى الستة، فجر أمس، عندما رأى مزارع الأسرى يركضون في حقله وأبلغ الشرطة. ووصف مسؤول كبير في الشرطة الحادث بأنه "من أسوأ الحوادث في البلاد".

هوية الفارين

ونشرت مصلحة السجون الإسرائيلية أسماء وانتماءات الأسرى، وهم: مناضل نفيعات ومحمد قاسم ويعقوب محمود وأيهم فؤاد ومحمود عبد الله (حركة الجهاد)، أما الأسير السادس فهو قائد "كتائب شهداء الأقصى" (حركة فتح)، بمنطقة جنين، زكريا الزبيدي الذي تتهمه تل أبيب بالمسؤولية عن هجوم استهدف مقر حزب "ليكود"، بمدينة بيسان عام 2002، وقتل فيه 6 إسرائيليين.

معالجة بينيت

وفي وقت تسعى المعارضة الإسرائيلية إلى تشديد الضغوط على ائتلاف "حكومة التغيير" على خلفية مقتل قناص إسرائيلي برصاص فلسطيني خلال تفريق مسيرات عند السياج الأمني مع غزة قبل أسبوعين وتتهم بالتهاون وعدم الرد على فصائل القطاع، عدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت فرار الأسرى أمراً خطيراً، ويحتاج إلى معالجة المنظومة كلها.

وبحث بينيت مع وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف الحادث الذي "يلزم جميع الأجهزة الأمنية بالتحرك".

في موازاة ذلك، أمر وزير الدفاع بيني غانتس الجيش بتعزيز وجوده على المعابر الحدودية ونقاط التماس تحسباً لشن هجمات.

مساعدة خارجية؟

وبثت وسائل إعلام إسرائيلية مقطع فيديو يظهر وصول المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي ووزير الأمن الداخلي عومير بارليف إلى فتحة النفق الذي هرب منه الأسرى الفلسطينيون من سجن جلبوع، للوقوف على آخر التطورات.

وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومير بارليف، إن تخطيط عملية هرب الأسرى من سجن جلبوع كان دقيقاً، ويشتبه في تلقيهم مساعدة من الخارج.

وفيما ذكرت إذاعة الجيش أن السلطات ستباشر بنقل نحو 400 أسير من سجن جلبوع إلى سجون أخرى خلال الساعات المقبلة تخوفاً من وجود من أنفاق أخرى، طالبت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين، المؤسسات الحقوقية والإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التوجه فوراً إلى سجن جلبوع والكشف عن مصير الأسرى الذين ينقلون إلى أماكن مجهولة، بعد حادث الفرار محذرةً من أن تنصبّ ردود الفعل الإسرائيلية على الانتقام منهم.

بدورها، رحبت فصائل فلسطينية بعملية الفرار ووصفته بـ "البطولي والشجاع"، معتبرة ذلك "نصراً للمقاومة وفشلاً ذريعاً لجيش الاحتلال".

وأعلنت "الجهاد الإسلامي" أنّ قائد عملية هروب الأسرى هو محمود عبدالله العارضة الملقب بـ"أمير أسرى الجهاد" في السجن.

ووجهت حركة "فتح" تحية للأسرى الذين فروا. وقال المتحدث باسمها منير الجاغوب، إن نجاح الأسرى الستة في تحرير أنفسهم هو تحدّ حقيقي للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي تتباهى بأنها الأفضل في العالم.

وطالب الجاغوب الشعب الفلسطيني بأن يكون حاضنة للأسرى الستة والحذر ممن وصفهم بـ"عملاء الاحتلال".

من جانبها، رأت حركة "حماس" أن هروب الأسرى من السجن، رغم الإجراءات والتشديد الأمني، عمل بطولي وانتصار لإرادة وعزيمة الأسرى.

وأكدت الحركة أن ما وصفته بالانتصار الكبير يثبت مجدداً أن إرادة الأسرى في سجون الاحتلال لا يمكن أن تقهر، وأن الاحتلال لا يمكن أن ينتصر.

وتداولت حسابات محلية فلسطينية وصفحات إخبارية مقاطع فيديو تظهر احتفالات فلسطينيين في شوارع جنين .

وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4850 أسيراً، بينهم 41 من النساء و225 طفلاً و540 معتقلاً إدارياً، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.