كثيرة هي المصطلحات، والمواضيع الاقتصادية، وفي الغالب تكون موجهة لغير الاقتصاديين، رغم أهميتها الكبيرة لكل إنسان، ومن أكثرها تداولاً مصطلح «المؤشر الاقتصادي»، وهو عبارة عن جزء من البيانات الاقتصادية يساعد المختصين والاقتصاديين على تفسير العديد من المشاكل الاقتصادية، على سبيل المثال مؤشر «GDP» هو إجمالي الناتج المحلي الذي يقيس النمو الاقتصادي، و«صحة الاقتصاد» عبارة عن مجموع قيم السلع النهائية والخدمات التي ينتجها المجتمع بواسطة عوامل الإنتاج خلال فترة زمنية معينة.

في الكويت هناك كثير من المؤشرات الاقتصادية التي تستخدمها الحكومة كمؤشر أسعار المواد الاستهلاكية، ومؤشر البطالة، ومعدل التضخم، ومؤشر الميزان التجاري، ومعدل نمو السكان، إلا أن العمل على أساس نتائجها لا يكاد يذكر.

Ad

وأخيراً كلف مجلس الوزراء، الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، للعمل على إعداد مؤشر خاص يساهم في معالجة مواطن الخلل، ووضع الحلول المناسبة، ويعزز من مواجهة الصدمات الاقتصادية في المستقبل، فهل الكويت بحاجة إلى مؤشر جديد لقياس الأمور الاقتصادية؟... «الجريدة» تواصلت مع بعض المختصين في هذا المجال، لاستعراض آرائهم في هذا الصدد، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، تساءل رئيس اتحاد المصارف الأسبق، عبدالمجيد الشطي، عن سبب إنشاء لجان وإعادة نفس القصة من دون اتخاذ قرارات جريئة إصلاحية، وان الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لحل المشكلات الاقتصادية معروفة، ولا يوجد أي حل جديد يفيد أو يضيف قيمة على المتوافر اليوم، ومن الأجدر عدم تضييع الوقت والعمل على الحلول المطروحة لحل أزماتنا الاقتصادية.

عجز الحكومة

وأضاف الشطي أن الأمانة العامة، منذ إنشائها، قدمت الكثير، لكن الحكومات المتعاقبة أنجزت القليل، فماذا ستقدم اليوم في خلق مؤشر جديد؟، علما بأن لدينا الكثير من المؤشرات الاقتصادية ولم تتم الاستفادة منها. لا فائدة من عمل مؤشر جديد إن كانت الحكومة عاجزة عن اتخاذ إجراءات، وهنا تتمثل المشكلة الحقيقية في عدم قدرتها على اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة، فمهما نعمل على خلق مؤشرات جديدة فلن يتغير الواقع، مادامت الحكومة تعمل عكس نتائج المؤشرات، وفي النهاية الإرادة الحكومية غير موجودة لتقويم الوضع اقتصاديا.

معادلات خطية

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد القياسي، عبدالله الشامي، إن المؤشرات مبنية على معادلات خطية، ومشكلتها بها «مارغن خطأ» على المديين المتوسط والطويل تصل إلى 30 في المئة، لذلك إن قسنا عليها النتائج فستكون انحرافاً عن الحقيقة على حسب بالسالب أو بالموجب 30 - 35 في المئة، لذا فإن المؤشرات لا تعطي قيمتها الحقيقية بشكل عام للدولة، ولهذا السبب نراها في اتجاه، والمقاييس العالمية التي يقيسونها للكويت في اتجاه آخر.

بنية المؤشر

وأضاف الشامي «كل مؤشر له بنية أساسية يجب أن تقوم على مصفوفة، وهذه المصفوفة تتحدد على محددات ما تنظر له الدولة، أي يعود إلى وضعها الإقليمي والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والمؤشر الجديد يجب أولا تقسيمه إلى 3 مصفوفات أساسية داخل مصفوفة كبيرة:

المصفوفة الأولى تبنى على الأوضاع الجيوسياسية للدولة بقسميها الداخلي (الأوضاع السياسية الداخلية) والخارجي (تحسب فيه أوزان الأوضاع السياسية بشكل عام من تحالفات سياسية ومن وضع إقليمي ومن اتفاقيات دولية).

والثانية تتكون من التالي (التقلبات النفطية، ناتج الدخل القومي الكويتي).

والثالثة قائمة على التركيبة الديموغرافية للدول. في الكويت اليوم ثلثا السكان من الأجانب، وهذا يرفع مخاطر المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على الدولة، على سبيل المثال، التحويلات المالية والضغط على العملة.

ويجب أن ينقسم المؤشر الجديد إلى ثلاث مصفوفات أساسية داخل مصفوفة كبيرة: المصفوفة الأولى تبني على الأوضاع الجيوسياسية للدولة بقسميها الداخلي (الأوضاع السياسية الداخلية) والخارجي (تحسب فيه أوزان الأوضاع السياسية بشكل عام من تحالفات سياسية ومن وضع إقليمي ومن اتفاقيات دولية)، والمصفوفة الثانية تتكون من التالي (التقلبات النفطية، وناتج الدخل القومي الكويتي)، أما المصفوفة الثالثة فقائمة على التركيبة الديموغرافية للدول.

في الكويت اليوم، ثلثا السكان من الأجانب، وهذا يرفع مخاطر المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على الدولة، على سبيل المثال التحويلات المالية والضغط على العملة.

ومن ثم نستخدم «vector»، ويتم ضربه في المصفوفة كاملة، على أساس نأخذ التحوطات كاملة، يقيس سيولة الدولة بشكل عام ومدى الإنفاق الداخلي والخارجي والعوائد التنموية للمشاريع.

احتياج الكويت إلى مؤشر

وأشار الشامي إلى احتياج الكويت لمؤشر يقيس مخاطر الوضع العام، الكويت دولة صغيرة تتأثر في المحيط الخارجي قبل الوضع الداخلي، وليس لدينا مؤشر اقتصادي يعالج مواطن الخلل، وإن ادعوا وجوده فهو بلا قيمة بسبب أنه يستخدم عن طريق معادلات خطية بعيدة عن الواقع الموجود.

وأضاف أن إعداد المؤشر بحد ذاته غير صعب، ومثل هذا المؤشر بالإمكان إنجازه بحد أقصى خلال 90 يوما، ولدينا العديد من المؤشرات، ولكن لا نملك مؤشرات، مثلا المساكن الجديدة، كل ما لدينا معادلة خطية وأوزان مثلا لشركات يتم جمعها، ثم نحسب النتيجة، وهذا لا نستطيع تسميته مؤشراً، إن المؤشر يجب أن يكون معقداً بحيث عندما يبنى تكون مخرجاته متغيرات واضحة لنستطيع فعليا حساب ماذا يحدث، وبناء عليه تأخذ القرارات السياسية والاقتصادية.

مكامن الخلل

من ناحيته، قال عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت عبدالله الملا «لسنا بحاجة اليوم إلى تشخيص الخلل، بل نحن بحاجة إلى تفعيل أدوات الحلول، وهذا ما ينقصنا في توجه الإصلاح الاقتصادي، هناك الكثير من الجوانب تحتاج إلى إعادة النظر بها، إن كانت عن طريق مخرجات التعليم ودخولها بسوق العمل، أو إن كانت هيمنة الحكومة على القطاع العام في تحريك عجلة الاقتصاد، ووجود الحكومة كداعم رئيسي للاقتصاد غير مستدام».

وأضاف الملا «لو نظرنا إلى تجارب الكثير من حكومات الدول الاخرى، سواء بالمنطقة او خارجها، سنجد أن لديهم علم بمراكز الخلل وطريقة معالجة المشاكل الاقتصادية، ما الذي ينقص الكويت لتصبح مثل إحدى الدول الخليجية التي تعتمد اعتمادا بسيطا على النفط، وهناك دول أخرى تعتمد على المشاركة بين القطاع العام والخاص، اليوم الحكومة وإن كانت في قطاع واحد وبسيط جدا، وهو قطاع البريد، غير قادرة على إدارته، فكيف لنا أن نخلق مؤشرات جديدة؟! فكل ما سيحدث مع المؤشر الجديد حدث بالفعل مع بقية المؤشرات، إن الحل في قطاع البريد هو الخصخصة ليتطور ويفتح خدمات أخرى. وهناك قطاع الاتصالات، الذي ليست له قيمة، فاليوم الجميع يملك أجهزة نقالة، ولا حاجة للهواتف الأرضية، فهذا القطاع يحتاج إلى إعادة رسم سياساته».

المشاريع الصغيرة والمتوسطة

وتساءل الملا: «لماذا تسعى الحكومة اليوم لإيجاد مؤشرات جديدة؟ هل النتائج ستتغير؟ هل المؤشرات السابقة كانت نتائجها خطأ، هل تم تطبيق خطة الإصلاح الاقتصادي حتى يقروا بإعادة النظر في المؤشرات المستخدمة حتى نطرح بعض المؤشرات الجديدة، أرى أن الحكومة لو كانت ترغب في إنقاذ الاقتصاد الوطني من تسونامي الهلاك الذي يمر به، خصوصا المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لبدأت بتطبيق الحلول، لا أحد يتعذر بالجائحة، فكل دول العالم تعرضوا لنفس الظروف، ومع ذلك تمسكوا بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة».

وختم بأن «إبداعات المشاريع الصغيرة والمتوسطة كثيرة، وعلى الحكومة دعم الشباب وتكييف قانون يخدم هذه الشريحة في القطاع الذي يتخصص فيه كل منهم بدل محاربتها، فإحدى مشاكل المشاريع الصغيرة هي عدم اعتراف مجلس الوزراء بهذا القطاع، لدرجة أن نظرتهم لهذا القطاع أنه لا يشكل إلا 10 في المئة من الاقتصاد الوطني. أما صرخة الشركات الكبرى فمسموعة لدى مجلس الوزراء، بسبب نفوذهم، فنظرتهم لهذه الشركات أنها عمود الاقتصاد الوطني، وللأسف يتم استخدام بنج موضعي؛ مزيد من المؤشرات والدراسات، والوقت يمضي وسنصحو في يوم من الأيام لنجد أنفسنا في حفرة ستأخذ منا وقتا كبيرا لنخرج منها، ونصلح عندما يكون هناك توجه إصلاحي صادق لهذا البلد، وليس لجيب بعض التجار أو من لديه نفوذ».

● حصة المطيري