التخلف العقلي والرجعية الفكرية لا يزالان يحلقان في سماء بعض المتسيِّسين دينياً والمتطرفين عقلياً، الذين مازالت أفكارهم المركبة في دائرة الجاهلية، خصوصاً أولئك الذين يفسرون الأمور على مزاجهم ويوجهون الاتهامات للآخرين حسب أهوائهم وأفكارهم، واختلاف مبادئهم ومواقفهم.

المشكلة تكمن في حديث المتدينين الذين أصبح كل منهم مفتياً ومفكراً وقائداً ووصياً على الأمة بينما هو في حقيقة الأمر لا يستطيع أن يحرك ساكناً في بيته، ولا يتخذ قراراً أمام عائلته بل يصبح كالنعام، كعادة العديد منهم الذين يسيرون كقطيع أغنام وراء راعيهم الذي أسسهم على أفكار لا أساس لها في الدين.

Ad

هؤلاء أصبحوا يخرجون من جحورهم بين الفينة والأخرى بحجة الاعتراض على مواقف معينة، أو التصدي لقرارات تتعارض مع مصالحهم وتختلف مع ولاءاتهم، فيتحول الأمر إلى جلد بحجة المخالفات الشرعية وغيرها من المبررات التي لا تصل إلى أمتار أثوابهم الخانقة التي تخفي وراءها حقيقتهم وبشاعة صورتهم وسواد قلوبهم، لأنهم لا يعرفون عن الدين شيئاً إلا أنه أصبح بمنزلة غطاء لهم للوصول إلى مآربهم ومصالحهم ذات الأهداف الواضحة، وهي السيطرة والنفوذ والتمدد للتكسب غير المشروع والمشاركة في القرار لتنفيذ أجندات يمررها لهم مفكرهم المتخلف الذي لا يسعد بسعادة الآخرين، ويفرح كثيراً بأحزانهم؛ لأن مشروعهم هو صنع الكآبة وتحويلنا إلى أجساد ثابتة تنفذ ما تؤمر به ولا تفكر بقدر أن تتحول إلى محارق لسمومهم لتُنشر في أجوائنا النقية، وتلوث سماءنا الصافية.

إن مشروع هؤلاء الذي انطلق منذ قرون، رغم التصدي له وطمسه، تتجدد جذوره بين الفينة والأخرى لبثّ الفتنة وإشاعة الفوضى وتدمير ما تبقى من أفراح لإقامة ساحات للعزاء، واستقبال أكبر قدر من الضحايا.

هؤلاء ولادتهم القيصرية مرت بمراحل، في مختلف الأنحاء، لزرع أكبر قدر من الأغبياء ليصبحوا من صناع القرار، والمشاركة في إيصال الرسالة في الخفاء.

أيها الحمقى؛ كفى... لن تنطلي علينا حِيَلكم، ولن تستمر ألاعيبكم وتدخلاتكم بعدما حولتم المنطقة إلى نيران مشتعلة، وقتلتم طموح الأبرياء ونسفتم ما تبقى من أمل، إذ سنتصدى لكم، ونقتلع جذوركم، ونحارب أفكاركم، ونمحو صوركم البشعة من الذاكرة؛ حتى لا تبقى حاضرة بيننا، لأننا مللنا كآبتكم واكتئابكم وطغيانكم وتوجهاتكم.

إن صناعتكم لعقول فارغة لتمارس أدوارها المتخلفة ورجعيتها الصامدة ستواجه رفضاً من الشعوب الواعية التي أدركت حقيقتكم واكتشفت مكائدكم وتجاوزت أفخاخكم.

إن حربكم لتجريدنا من ذاتنا لن تنجح، ولن تفلح محاولاتكم لوأد ما تبقى من حريتنا، فشريعتنا التي ترتكز على الاعتدال والوسطية نصوصها واضحة وثابتة. أنتم تكرهون أفراحنا ونحن سنتصدى لأوهامكم وأحلامكم بطمس هويتنا ووأد حريتنا وقتل آمالنا.

● د. مبارك العبدالهادي