في 13 يونيو الماضي، تسلم الائتلاف الحكومي السلطة بقيادة نفتالي بينيت، رئيس حزب «يمينا»، ووزير الخارجية ورئيس الوزراء البديل يائير لبيد، زعيم حزب «يش عتيد»، بدل بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الأطول عهداً في تاريخ إسرائيل.

كان لبيد زعيم المعارضة خلال الجولة الرابعة والأخيرة من مساعي تنحية نتنياهو، لكنه احتاج إلى بينيت كي يبرم هذه الصفقة بفارق ضئيل. بدا وكأن معارضة نتنياهو هي النقطة الوحيدة التي توحّد صفوف التحالف الذي يشمل حزب «راعم» العربي، ولهذا السبب ترتكز الحكومة على خيط رفيع ويسهل أن ينقطع عند انشقاق شخص واحد أو شخصَين فقط.

Ad

اعتُبِر تمرير الميزانية الإسرائيلية هذا الشهر، رغم هشاشة الائتلاف، إنجازاً بارزاً وإثباتاً على دور بينيت القيادي حتى هذه المرحلة، وفي هذا السياق يكتب عفيف أبو مخ: «من الواضح أننا أمام نسخة جديدة من بينيت. إنه رجل يرفع الصوت ضد السياسات المشينة والمثيرة للانقسامات التي عُرِف بها رئيس الوزراء الأسبق، كانت نبرة نتنياهو العدائية تمنح حزب «الليكود» عدداً من أصوات ناخبيه في معظم الأوقات، لكن يبدو بينيت مختلفاً، فهو يحاول بناء قاعدة جديدة من الناخبين، على أن تتألف من ناخبي اليمين المعتدل واليمين الوسطي، ولا يحبذ هذا المعسكر الخطابات المثيرة للانقسامات كتلك التي طغت على السياسة الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية».

لبيد يبعد نفسه عن أزمة كورونا في المغرب

حتى الآن، لا يزال المعسكر الوسطي صامداً لكنه لا يخلو من التصدعات، إذ يحاول لبيد إبعاد نفسه عن أزمة كورونا المتفاقمة، وفي هذا السياق، تكتب الصحافية مازال معلم: «بالنسبة إلى العالم الخارجي، يعكس بينيت ولبيد علاقة هادئة، لكنّ الوضع ليس مثالياً بأي شكل في العمق، وعند التدقيق في الظروف القائمة، يستحيل تجاهل التصدعات المتزايدة في هذا التحالف، ففي الأسبوع الماضي مثلاً، اكتشفت الصحافة أن لبيد لا يشارك في اجتماعات الحكومة المرتبطة بأزمة كورونا، وهو تطور مفاجئ بما أن هذه الحكومة نشأت في الأصل لمعالجة الأزمة الوطنية المتفاقمة».

حين وصل لبيد إلى رئاسة الوزراء، حصل على فرصة قيادة الجهود الرامية إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية، وهي حملة بدأت في عهد نتنياهو، فهو يستطيع أن يثبت نفسه كرجل دولة وخبير استراتيجي في هذا الملف، بعيداً عن الأزمة الصحية التي تعصف بالبلد محلياً.

في الأسبوع الماضي، زار لبيد المغرب وتفيد التقارير بأنها كانت زيارة عاطفية ومؤثرة، قال لبيد أثناء افتتاح مكتب ارتباط لإسرائيل في الرباط، في 12 أغسطس: «على المستوى الاستراتيجي، نحن نخلق هنا محوراً دبلوماسياً بين إسرائيل والمغرب ومصر والأردن والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ويقدّم هذا المحور بديلاً براغماتياً عن التطرف الديني».

تكتب الصحافية رينا باسيست: «العامل العاطفي حاضر جداً منذ بدء هذه العملية بفضل اليهود من أصل مغربي، في إسرائيل والخارج، وهذا ما يشجعنا في كل خطوة من هذا المسار».

رفض رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني من «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي مقابلة لبيد، ومع ذلك اعتُبِرت الرحلة تاريخية برأي الصحافي داني زاكين.

يكتب زاكين: «يُعتبر الملك محمد أهم شخصية في هذه العلاقات الثنائية المتطورة، إذ يقال إنه يعتبر العلاقة مع إسرائيل هدفاً استراتيجياً مهماً نظراً إلى الجوانب الاقتصادية التي تحملها والمنافع المنتظرة على مستوى الاقتصاد المغربي، فمن المتوقع أن يحصل تطور في العلاقات التجارية والمهنية مع إسرائيل».

بينيت يعطي الأولوية لأميركا وإيران

لا تزال أهم ملفات الأمن القومي والدبلوماسية (أي تلك المتعلقة بالولايات المتحدة وإيران) بحوزة بينيت. سيزور هذا الأخير واشنطن في الشهر الحالي لعقد اجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

كان لبيد على الطريق حين وصل مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، إلى إسرائيل في الأسبوع الماضي لمناقشة ملف إيران ومواضيع أخرى. حصل بن كاسبيت على سبق صحافي هذا الأسبوع حول اجتماعات بيرنز مع بينيت وفريقه، فكتب أن «بينيت عرض أمام بيرنز ركائز سياسة الحكومة الجديدة تجاه إيران، وشرح له أن إسرائيل تعارض العودة إلى النسخة الأصلية من الاتفاق النووي مع طهران، لكنها ستنسّق جهودها مع إدارة بايدن وتمتنع عن التحرك من دون علمها لإفشال ذلك الاتفاق».

يتابع كاسبيت قائلاً: «شرح بينيت أيضاً أن إسرائيل تحاول الاتفاق على استراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة في حال فشل المفاوضات مع إيران، فتتعامل مع جميع أنواع العدائية الإيرانية، بما في ذلك مشروعها النووي ودعم الإرهاب، وزعزعة استقرار الأنظمة في الشرق الأوسط، ونشر الصواريخ».

لكن يحاول بينيت، الذي كان بطل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، تهدئة الانقسامات مع بايدن بشأن الاختلافات القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويضيف كاسبيت: «وفق مصادر أمنية إسرائيلية، تُخطط إسرائيل لإطلاق مبادرات حُسن نية مهمة وملموسة تجاه الفلسطينيين لتصوير بايدن كشخصية إيجابية مستعدة لمنح المنافع للسلطة الفلسطينية، وبالتالي كسب ثقته في المسائل المرتبطة بإيران. كان تعيين مايكل هيرزوغ سفيراً جديداً لإسرائيل في الولايات المتحدة حدثاً بارزاً أيضاً لأنه المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي شارك في جميع المفاوضات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية في آخر عشرين سنة».

يقول كاسبيت: «لن يمضي هيرزوغ وقتاً طويلاً على الأرجح وهو يتنقل بين حفلات الكوكتيل في واشنطن. هو ليس اسماً بارزاً في الأوساط الاجتماعية وتبقى مواقفه الشفهية محدودة، فهو شخص جدّي وبارع في التركيز على التفاصيل، ومفكر عميق وكتوم جداً وجدير بالثقة، لكن يجب أن يثبت قدرته على إنشاء قناة دبلوماسية مستقرة وموثوق بها مع البيت الأبيض، وإذا نجح في هذه المساعي، فستصبح هذه القناة فاعلة وسلسة، ومن الواضح أن موافقة رئيسَي الوزراء الإسرائيليَين- أي نفتالي بينيت الذي يتولى هذا المنصب راهناً وبديله يائير لبيد الذي سيخلفه بعد سنتين- على تعيين هيرزوغ سيصبّ في مصلحته».

● المونيتور